التربية الإسلامية فصل ثاني

المواد المشتركة توجيهي

icon

التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ

أعطى الإسلام الفرد حقوقه، وعهد إليه بواجبات تجاه مجتمعه، منها:

  • الدفاع عن الوطن، والإسهام في بنائه وتنميته.
  • احترام القوانين والأنظمة والتزامها.
  • المشاركة في تعزيز الأمن وتحقيق السلام ونشره.

وقد أكَّد الإسلام ضرورة التكافل الاجتماعي؛ فهو مطلب أساسي يؤدّي إلى تماسك المجتمع وترابطه.

وحرص الإسلام على بناء شخصية إيجابية تحثُّ على نشر الخير والنفع بين الناس جميعًا.

 

الْفَهْمُ وَالتَّحْليلُ

.أوَّلًا: مفهوم المسؤولية المجتمعية

المسؤولية المجتمعية: هي التزام أخلاقي يتحمَّله الفرد تجاه المجتمع؛ للنهوض به، وتحقيق مصالحه العامَّة، والدفاع عنه، والحفاظ عليه.

ثانيًا: دوافع المسؤولية المجتمعية

ممّا يدفع الإنسان إلى القيام بواجباته:

أ. الحرص على الأجر والثواب في الدنيا والآخرة؛ إذ ينبع أداء الفرد واجباته تجاه المجتمع من التكليف الشرعي الذي يلتزمه مرضاةً لله تعالى. وقد جعل الإسلام للأعمال الصالحة التي تخدم الفرد والجماعة أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ‌نَفَّسَ ‌عَنْ ‌مُؤْمِنٍ ‌كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ" (رواه مسلم). وعَدَّ الإسلام ذلك إحدى أهمِّ علامات اكتمال الإيمان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "‌لا ‌يُؤْمِنُ ‌أَحَدُكُمْ حَتّى يُحِبَّ لِأَخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (متفق عليه). وكذلك حَثَّ الإسلام على تعزيز التعاون بين أفراد المجتمع عن طريق التفاعل الإيجابي، والسعي لنفع الآخرين.

ب.  تقدير الذات، وتعزيز الإنسان لنفسه ووجوده، بحيث يشعر بدوره الإيجابي المُنتِج، ومكانته في المجتمع وبين الناس.

ج. حُبُّ الوطن؛ فإذا أحبَّ الإنسان وطنه سعى لرفعته بالعمل على إصلاح نفسه وأهله ومَنْ حوله، والحرص على خدمته وبنائه والارتقاء به.

 

ثالثًا: صور المسؤولية المجتمعية

يُمكِن للفرد أنْ يمارس المسؤولية المجتمعية عن طريق:

أ. تعزيز القِيَم الأخلاقية في المجتمع، وذلك بالتزام الأخلاق الحسنة ونشرها، مثل: احترام الآخرين، والتعاطف والإنصاف. وقد حَثَّ سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحلّي بالأخلاق الحسنة، لا سيَّما الرحمة، وحُسْن المعاملة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغيرَنا، وَيُوَقِّرْ كَبيرَنا" (رواه البخاري).

ب. تقديم المساعدة للضعفاء والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة من أفراد المجتمع، وذلك بـ :

1. توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية لهم. 2. الإسهام في برامج الرعاية الخاصَّة بهم. 3. تقديم الدعم المعنوي والدعم المادي لهم؛ بإقامة الأيام الطبية المجانية، وتوزيع الصدقات، وما شابه.

وقد أكَّد سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الإنفاق هو من وجوه الخير، وأنَّه وسيلة لتقوية الروابط في المجتمع. قال صلى الله عليه وسلم: "الْيَدُ الْعُلْيا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى" (متفق عليه).

ج. الإسهام في الأعمال التطوعية ودعم المشاريع الخيرية، مثل:

1. بذل المال وإنفاقه على بناء المساجد والمدارس والمستشفيات.

2. الإسهام في الحفاظ على البيئة ومواردها، مثل مشاريع المحافظة على المياه؛ ما يعود على المجتمع بالنفع العام.

وقد كان لسيِّدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه العديد من الأعمال الخيرية، مثل: شراء بئر رومة، والإسهام في تجهيز جيش العسرة يوم تبوك.

د.  الإصلاح بين الناس، وحَلُّ النزاعات والخلافات بين الأفراد، وتعزيز روح المحبَّة والتسامح بينهم. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الحجرات: 10).

وهو يُسهِم في:

1. بناء علاقات تقوم على الاحترام المُتبادَل.

2. إيجاد بيئة إيجابية قِوامها الفهم المشترك والتواصل الفاعل، ويكون ذلك بإنشاء المؤسسات والجمعيات المسؤولة عن الإرشاد التربوي.

هـ. دعم المبدعين والموهوبين في مختلف المجالات، وتبنّي إبداعاتهم، ودعم الأنشطة الرياضية والصحية والبحث العلمي، وتشجيع الابتكار والجودة؛ سعيًا للإسهام في نشر الوعي، وتوجيه طاقات المجتمع.

و. المحافظة على أمن المجتمع واستقراره، والتضحية من أجله، والتصدّي للشائعات والأكاذيب التي تحاول النيل منه.

صُوَرٌ مُشْرِقَةٌ

 كان سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لأُمَّته فيما يخصُّ أداء المسؤولية المجتمعية؛ فقد وصفت أُمُّ المؤمنين السيِّدة خديجة رضي الله عنها سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّه حريص على رعاية مجتمعه، وتقديم الخير والنفع للناس؛ إذ قالت له i: "‌إِنَّكَ ‌لَتَصِلُ ‌الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدومَ، وَتَقْري الضَّيْفَ، وَتُعينُ عَلى نَوائِبِ الْحَقِّ" (رواه البخاري) (الْكَلَّ: الضعيف).

رابعًا: آثار المسؤولية المجتمعية

يترتَّب على قيام كل فرد بواجبه تجاه مجتمعه آثار عظيمة، منها:

  • الترابط بين أفراد المجتمع، وذلك بأداء كل فرد العمل المنوط به، والسعي للإصلاح ونشر الخير ومحاصرة الشَّرِّ والفساد، وكذا تحمُّل المسؤولية التي حَثَّ عليها الإسلام، والتي تقوم على التكافل، والتراحم، وتدعيم أواصر المجتمع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمـُؤْمِنينَ في ‌تَوادِّهِمْ ‌وَتَراحُمِهِمْ وَتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذا اشْتَكى مِنْهُ عُضْوٌ تَداعَى لَهُ سائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمّى" (رواه مسلم).
  •  الإسهام في تنمية المجتمع وتطوُّره وازدهاره، وذلك بتكاتف الأفراد، وسعيهم الجادِّ لإصلاح المجتمع، ومواجهة التحدِّيات والصعاب التي تعترض طريقه، وتجنُّب الصراعات والاضطرابات فيه؛ ما يعمل على حفظه، واستقراره، وحمايته من الفساد. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ (هود: 117).

 

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

ازدادت أهمية المسؤولية المجتمعية في العصر الحديث، وتطوَّر مفهوم المسؤولية المجتمعية في قطاع العمل؛ إذ لم يعد تقييم الأداء يقتصر على جني الأرباح المالية فحسب، بل تعدّاه ليشمل دور المؤسسات في تحسين جودة الحياة، مثل: محاربة الفقر، وتعزيز الخدمات الطبية، ومكافحة التلوُّث، وغير ذلك من الالتزامات الأخلاقية، وكذا العمل على تحسين الظروف المعيشية لأفراد المجتمع.