تطوّر المسكوكات
- عاش الإنسان في العصور الحجرية القديمة على التقاط الثمار والصيد. وفي العصور اللاحقة، ازداد الإنتاج الزراعي وظهرت الحرف والصناعات، فكان لا بدّ من بيع الفائض عن الحاجة واستثماره؛ فبدأ الإنسان بالتجارة عن طريق المقايضة (مبادلة سلعة بسلعة) بين ما يُنتجه الفلاحون وما يُنتجه الصّناع، وما لبث أن توصّل إلى إيجاد وحدة معيارية تُقاس بها قِيَم مختلف السلع والخدمات، وأصبحت هذه الوحدة وسيطًا للمبادلة. فاحتلت المعادن الثمينة كالذهب والفضة مكان الصدارة بين المعادن النقدية، وتلتهما معادن أخرى كالحديد والنحاس والقصدير وغيرها.
- في القرن السابع قبل الميلاد ظهرت أولى القطع النقدية في مدينة ليديا في آسيا الصغرى في عهد الملك كرسيوس. ومن ثَمّ أخذت الممالك والدول المجاورة بسكّ النقود، وأنشئت دورًا خاصّة لسكّها.
المسكوكات: النقود المضروبة سواء أكانت دنانير ذهبية أم دراهم فضّية أم فلوس نحاسيةـ والتي كانت تُسكّ وتُطبع وتُختم بوساطة قطع حديدية تُسمّى قوالب السكّ، وكانت النقود تُزيّن بالنقوش المختلفة.
وعند تأسيس مدن الديكابوليس، منح الإمبراطور الروماني حقًّا للمدنّ في ضرب مسكوكات محلّية خاصّة بها لتنشيط التبادل التجاري بين هذه المدن، وكانت تلك المسكوكات تحمل قيمتها باللغة اللاتينية وبأشكال مختلفة، وتظهر فيها اسم المدينة التي أصدرتها، وكانت أغلب هذه المسكوكات مصنوعة من معدن النحاس أو البرونز.
علم النُّميّات: العلم الذي يبحث في النقود والأوزان والأختام والأنواط (الأوسمة) المختلفة.
أهمّية المسكوكات
- تُسهّل عملية التبادل للسلع والخدمات.
- تُعدّ مؤشّرًا على الحياة الاقتصادية للدول.
- تُعدّ مصدرًا من مصادر دراسة التاريخ.
- تُعدّ مظهرًا من مظاهر سلطة الحاكم.
المسكوكات الإسلامية
- لم يكن للعرب قبيل ظهور الإسلام نقود خاصّة بهم، إذ كانت المعاملات التجارية تُنجَز بالنقود المتداولة التي كانت ترد إلى شبه الجزيرة العربية عن طريق التجارة؛ كالدينار الذهبي البيزنطي من بلاد الشام، أو الدرهم الفضّي الساساني من بلاد فارس والعراق. ولما جاء الإسلام، أقرّ النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم ومن بعده خلفائه رضي الله عنهم النقود على ما كانت عليه.
- كانت النقود تُضرب في دار السكّة أو دار الضرب، التي تُصدر عملات نقدية ذهبية أو فضّية أو نحاسية أو برونزية، حيث حرصت الدول على كشف النقود المزيفة عبر العديد من الطرائق المختلفة، مثل الحكّ أو استخدام الكثافة النوعية للمعدن أو استخدام ميزان خاصّ. وكان يوجد شخص في الأسواق يختصّ بعملية فحص النقود وتمييز الجيّد من الرديء عُرِف بـالنَّقّاد الذي ينقد الدنانير والدراهم، ويُحذّر الناس من غشّ النقود وتزييفها.
طريقة السكّ: اقتبس العرب المسلمون طريقة سكّ النقود من البيزنطيين والفرس، وهي طريقة يدوية لم تتغيّر خلال العصور الإسلامية، إذ كانت قوالب السك تُحفر بكتابات معكوسة، ثم تُطرق القطعة المعدنية بوساطة قالبين أحدهما سفلي والآخر علوي، ويُطرق عليها بوساطة مطرقة ثقيلة، وبذلك تظهر الكتابات بصورة صحيحة على وجه وظهر القطعة المعدنية.
تعريب النقود
- أشارت المصادر التاريخية إلى المحاولات الأولى لتعريب الدرهم الساساني عن طريق الكتابة عليه في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث زاد فيه عبارة (الحمد لله) أو (محمّد رسـول الله) أو (لا إله إلا الله وحده). وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفّان رضي الله عنه، زاد فيه عبارة (الله أكبر)، وكذلك فعل الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان الذي نقش على الدرهم اسمه بالفهلوية أو البهلوية (اللغة الرسمية للإمبراطورية الساسانية).
- أدرك الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ضرورة تأكيد كيان الدولة السياسي والاقتصادي، وصبغها بالصبغة العربية، والتخلّص من مظاهر التبعية الأجنبية؛ لذا، عمد إلى تعريب النقود، وتعريب القراطيس (أوراق البُردي التي كانت تُصنع في مصر وتُصدّر إلى القسطنطينية)، والوثائق الرسمية، وتعريب الدواوين. وأصبح للعرب المسلمين سكّة نقدية خاصّة بهم على الطراز العربي الإسلامي، وهذا يُعدّ بداية الاستقلال النقدي للمجتمع العربي الإسلامي.
- مراحل تعريب الدينار الذهبي والدرهم الفضّي في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان.
|
الدينار الذهبي |
الدرهم الفضّي |
|
المرحلة الأولى: تحوير (إحداث تغيير في الصور والأشكال) في الدينار البيزنطي.
|
المرحلة الأولى: الإبقاء على الطراز الساساني، وإضافة كتابات باللغة العربية.
|
|
المرحلة الثانية: إضافة كتابات باللغة العربية. |
المرحلة الثانية: أضاف الخليفة عبد الملك بن مروان صورته وبجانبها كتابة باللغة العربية. |
|
المرحلة الثالثة: حذف صورة الإمبراطور البيزنطي، ووضع صورة الخليفة عبد الملك بن مروان عوضًا عنها.
|
المرحلة الثالثة: ضرب الدرهم على الطراز الإسلامي بالكتابات العربية الإسلامية وبالخطّ الكوفي.
|
|
المرحلة الرابعة: ضرب الدينار الإسلامي الخالص في عام 77هـ/ 696م. |
|
الفِلس
- عرف العرب الفِلس عن طريق معاملاتهم التجارية مع البيزنطيين، ولم يكن للفِلس وزن واحد، حيث كان يختلف وزنه من إقليم إلى آخر؛ فقد كان الأصل في ضرب هذا النوع من النقود النحاسية أن تكون عملة للمعاملات التجارية البسيطة. وفي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مرّ الفِلس بعدّة مراحل لتعريبه كما حدث للدينار والدرهم.
الفِلس:معناه باللغة اللاتينية كيس النقود، ويعني النقود النحاسية التي لم يكن لها وزن أو حجم ثابت في العصرين الأموي والعباسي، وكانت تُضرب في دور ضرب محلّية
- أصبحت مدينة عمّان في العصر الأموي مركزًا إداريًّا واقتصاديًّا نشطًا، يُقيم فيها الخلفاء والأمراء، وتُسكّ فيها النقود؛ كما تُشير إلى ذلك الآثار الباقية لدار الإمارة في جبل القلعة، بالإضافة إلى دورها في حماية طريق الحجّ الشامي والقوافل التجارية المارّة بها. وكانت مدينة جرش بالإضافة إلى مدينة عمّان، من مراكز ضرب النقود الأموية المحلّية وبخاصّة الفلوس النحاسية بعد إجراء الخليفة عبد الملك بن مروان عملية التعريب.
متاحف المسكوكات الأردنية
تُعدّ متاحف المسكوكات من المتاحف المختصّة بتوثيق المسكوكات وتطوّرها، ومن هذه المتاحف، ما يأتي:
- متحف النقد الأردني التابع للبنك المركزي الأردني، الذي يحتوي على مجموعة من المسكوكات القديمة والحديثة التي جرى تداولها في الأردنّ منذ العهد اليوناني إلى آخر إصدار أردني، بالإضافة إلى إصدارات مجلس النقد الأردني والبنك المركزي الأردني من الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة والميداليات التذكارية.
- قاعة المسكوكات في متحف التراث الأردني في جامعة اليرموك، التي تحتوي على مجموعة نادرة من العملات الذهبية والفضّية التي تعود إلى العصور الإسلامية جميعها، وقد أهداها المُحسن الأردني سمير شمّا إلى الجامعة في عام 1991م.
- متحف النُّميّات في البنك الأهلي الأردني، وهو مُتحف متخصّص بالمسكوكات، ويُغطّي فترة زمنية تزيد على 2500 عام، ويمتلك واحدة من أفضل المجموعات النحاسية الأموية في العالم، كما يحتوي على مكتبة متخصّصة في علم النُّميّات.