الدراسات الاجتماعية 8 فصل ثاني

الثامن

icon

 

الحياةُ الثقافيةُ والأدبيةُ

اهتمَّ خلفاءُ الدولةِ العباسيةِ بالعلمِ والأدبِ، وازدهرَتِ الحركةُ العلميةُ وبلغَتْ أوجَ ازدهارِها في عهدِ الخليفةِ المأمونِ. ومنْ أهمِّ إنجازاتِهِمْ ما يأتي:

1- ظهورُ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعةِ (المالكيةِ، والحنفيةِ، والشافعيةِ، والحنبليةِ)، وازدهرَتْ في العصرِ العباسيِّ الفِرَقُ الإسلاميةُ والمذاهبُ العقليةُ، مثلُ: المعتزلةِ، والمُرجِئةِ، والشيعةِ، والخوارجِ، وتمكّنَتْ منْ بَلْورةِ أفكارِها وتطويرِها.

2- بناءُ المدارسِ ودُورِ العلمِ، ومن أهمِّ المدارسِ في العصرِ العباسيِّ:

أ . المدرسةُ النِّظاميةُ :وتُنسَبُ إلى الوزيرِ نظامِ الملكِ، الّذي أنشأَها في عهدِ الخليفةِ أبي جعفرٍ المنصورِ في القرنِ السابعِ الهجريِّ، وكانت تُدرِّسُ علومَ القرآنِ والحديثِ والآدابِ والطِّبِّ والرياضياتِ.

ب . المدرسةُ المُستنصِريةُ: وهيَ المدرسةُ الّتي أنشأَها الخليفةُ العباسيُّ المُستنصِرُ باللهِ، وكانَتْ تُدرِّسُ علومَ القرآنِ والفِقهِ والأدبِ والرياضياتِ.

3- إنشاءُ المكتباتِ العامّةِ والخاصّةِ، وازدهارُ حركةِ الترجمةِ والتدوينِ؛ فكانَ الخليفةُ يُعطي المُترجِمَ وزنَ الكتابِ الّذي يُترجمُهُ ذهبًا.

  • ومنْ أشهَرِ المُترجِمينَ في العصرِ العباسيِّ: حُنَيْنُ بنُ إسحاقَ، وثابتُ بنُ قرَّةَ، وقسْطَا بنُ لوقا، وهؤلاءِ ترجموا العلومَ اليونانيةَ إلى العربيةِ في تلَك الفترةِ.

4- ازهار صناعةِ الورقِ، الّتي انتقلَتْ إلى العربِ منَ الصّينِ، وكانَ في بغدادَ مصنعٌ للورقِ.

5-  ازدهرَتِ الخطوطُ العربيَّةُ، مثلُ: خطِّ الثُّلُثِ، والخطِّ الكوفيِّ، وخطِّ النَّسخِ. وظهرَ في العصرِ العباسيِّ ابنُ مُقلةَ الّذي وضعَ قواعدَ الخطِّ العربيِّ، وضبطَ الخطَّ العربيَّ، ووضعَ لهُ مقاييسَ، ونبغَ في خطِّ الثُّلُثِ وسُمِّيَ شيخَ الخطّاطينَ.

6- رُسِمَتْ أوّلُ خريطةٍ للعالمِ على يدِ الجغرافيِّ العربيِّ الإدريسيِّ. واهتمَّ العربُ بتطويرِ علمِ الخرائطِ؛ نظرًا إلى أهميتِها في حياتِهِمْ، وقدِ ارتبطَتْ برحلاتِهِمْ للحجِّ والتجارةِ وطلبِ العلمِ، وانتشرَ الرّحّالةُ العربُ وعرفوا الطُّرُقَ البرِّيّةَ والبحريةَ، ومنْ أشهرِهِمْ: ابنُ بطوطةَ، وابنُ حَوْقَلَ.

7- تطوَّرَ الأدبُ وعلومُ اللغةِ العربيةِ، وبَرَزَ عددٌ منْ علماءِ اللغةِ مثلِ: "سيبويهِ" الّذي وضعَ قواعدَ علمِ النحوِ. وظهرَتِ القصصُ الخياليةُ وازدهرَ الشِّعرُ، وظهرَ شعراءُ مثلُ: البُحتُريِّ، وأبي الطيِّبِ المتنبيِّ، وأبي العلاءِ المَعَرِّي. وتطوَّرَ تأليفُ المعاجمِ، وكانَ كتابُ "العينِ" للخليلِ بنِ أحمدَ الفراهيديِّ أوّلَ معجمٍ لُغَويٍّ في العصرِ العباسيِّ.

8- اختُرِعَ الأسطرلابُ لرصدِ النجومِ وتحديدِ الاتجاهاتِ، وأُنشِئَ أوّلُ مرصدٍ فلكيٍّ، واختُرِعَتِ الساعةُ المائيةُ الميكانيكيةُ.

 

مريمُ الأسطرلابيُّ: عالمةٌ مسلمةٌ عملَتْ معَ أبيها في الفلكِ في بلاطِ سيفِ الدولةِ الحمدانيِّ في حلبَ، وطوّرَتِ الأسطرلابَ (وهيَ آلةٌ فلكيةٌ دقيقةٌ تُرصَدُ بها حركةُ النجومِ في السماءِ) وآلاتٍ فلكيةً أُخرى؛ لتحديدِ الوقتِ وحركاتِ النجومِ.

 

البناءُ والعُمرانُ

  • اهتمَّتِ الدولةُ العباسيةُ ببناءِ القُصورِ والمساجدِ والمدارسِ، وتأثّروا بالفُرْسِ والفنِّ الفارسيِّ في العمارةِ، ومن أهمِّ الإنجازاتِ:
  1. بناءُ المُدُنِ الكبيرةِ والأسواقِ التجاريةِ والحمّاماتِ العامّةِ.
  2. إنشاءُ شبكةٍ منَ الطُّرُقِ والجسورِ.
  3. بناءُ المساجدِ الّتي اشتُهِرَتْ بزخارفِها وقِبابِها.

 

العلومُ والطِّبُّ

  • نقلَ علماءُ الدولةِ العباسيةِ العلومَ عنِ اليونانِ والهنودِ والفُرْسِ وطوّروها وزادوا عليها، وشجّعَ خلفاءُ الدولةِ العباسيةِ العلماءَ على البحثِ والتأليفِ.
  • بَرَعوا في الطِّبِّ، وكانَ منْ أبرزِ الأطبّاءِ: "ابنُ سينا" صاحبُ كتابِ "القانونِ في الطِّبِّ"، الّذي اكتشفَ العدوى وكيفيةَ انتقالِ الأمراضِ مثلِ الجُدّريِّ والحصبةِ، وتحدّثَ عنْ أهميةِ العلاجِ النَّفسيِّ، وأثرِ الأمراضِ النفسيةِ في الآلامِ العصبيةِ وفي أعضاءِ الجسمِ. وهوَ أوّلُ مَنْ شخَّصَ الشّلَلَ النِّصفيَّ ووضّحَ عواملَهُ.
  • منْ أشهَرِ الأطبّاءِ في العصرِ العباسيِّ أيضًا: "ابنُ النَّفيسِ" الّذي اكتشفَ الدورةَ الدمويةَ الصغرى، وشرَّحَ العينَ، و"الرّازي" الّذي وُصِفَ بأنّهُ أعظمُ أطبّاءِ الإنسانيةِ على الإطلاقِ، و"الخُوارَزْميُّ" الّذي برزَ في علمِ الجَبْرِ، وكانَ "جابرُ بنُ حيّانَ" منْ أشهَرِ علماءِ الكيمياءِ والفلسفةِ والهندسةِ.
  • تُعَدُّ الدولةُ العباسيةُ فترةَ العصرِ الذهبيِّ للإسلامِ؛ فقدْ عملَ خلفاءُ الدولةِ العباسيةِ على تشجيعِ العلمِ والمعرفةِ واستقطابِ العلماءِ، وتُرجِمَتِ العديدُ منَ النصوصِ الطِّبيَّةِ والفلكيةِ والعلميةِ إلى اللُّغةِ العربيةِ؛ لحِفظِها من الضَّياعِ، ودرسَ المفكِّرونَ نظريّاتِ إقليدسَ وبطليموسَ، ووضعوا أُسُسَ علمِ الجَبْرِ وعلمِ الفَلكِ.