التربية الوطنية 10 فصل ثاني

العاشر

icon

الدرسُ الأوّلُ: النزاهةُ الوطنيةُ

 

 

يُعدُّ تعزيزُ النزاهةِ والحدُّ مِنْ خطرِ الفسادِ، عُنصرَينِ مُهمَّينِ في بناءِ مؤسّساتٍ وطنيةٍ تتّسمُ بالقوّةِ والقدرةِ على تقديمِ خِدْماتٍ تتّصفُ بالعدالةِ والمساواةِ وتكافؤِ الفُرصِ.

أوّلًا: مفهومُ النزاهةِ الوطنيّةِ 

النزاهةُ الوطنيةُ هِيَ المبدأُ الذي يُشيرُ إلى الالتزامِ بالأخلاقِ والقِيَمِ السليمةِ في تعاملاتِ الفردِ مَعَ وطنِهِ ومجتمعِهِ، وتتضمّنُ النزاهةُ الوطنيةُ قِيَمَ الصدقِ والأمانِةِ والالتزامِ بالمصلحةِ العامّةِ.

 

أهمية النزاهة الوطنية:

  • ترسيخٌ لمبادئِ السلوكاتِ السليمةِ، واتِّباعِ الأخلاقِ الحميدةِ في مُمارساتِ العملِ والتعاملِ مَعَ الآخرينَ، والقضاءِ على الفسادِ الذي يحصلُ نتيجةَ سوءِ استخدامِ الإدارةِ والوظيفةِ.
  • تُسهِمُ النزاهةُ الوطنيةُ في بِناءِ مجتمعٍ قويٍّ ومزدهرٍ. ونزاهةُ الأفراِد والُمؤسّساتِ تزيدُ مِنَ الثقةِ والاستقرارِ في المجتمعِ.
  • تُعزِّزُ الوحدةَ الوطنيةَ والتقدُّمَ في الدولةِ.
  • تُحقِّقُ الأمنَ الاقتصاديَّ والاجتماعيَّ.
  • لنشرِ قِيَمِ النزاهةِ الوطنيةِ في المجتمعِ، لا بُدَّ مِنْ تضافرِ الجهودِ الفرديةِ والجماعيةِ؛ لأنَّ غيابَ النزاهةِ الوطنيةِ يؤدّي إلى انتشارِ الفسادِ والفوضى، وانعدامِ الثقةِ في المؤسّساتِ الحكوميةِ، وضياعِ المساواةِ والعدالةِ وتكافؤِ الفُرَصِ، وتمزيقِ النسيجِ الوطنيِّ، وتراجعِ الإنتاجيةِ والتطوُّرِ والإبداعِ والتنميةِ.

 

ثانيًا: مُكوّناتُ نظامِ النزاهةِ الوطنيِّ

نظامُ النزاهةِ الوطنيِّ نِظامٌ متكاملٌ يشملُ ثلاثةَ عَشَر مكوّنا رئيسًا، ولا تتحقّقُ الحوكمةُ الرشيدةُ إلّا إذا تمثّلتْ هذِهِ المكوّناتُ مُجتمِعةً قِيَمَ النزاهةِ، وهذِهِ المكوّناتُ هِيَ:

- السلطةُ التشريعيةُ.

- السلطةُ التنفيذيةُ.

- السلطةُ القضائيةُ.

- الإدارةُ الحكوميةُ

- سلطةُ إنفاذِ القانونِ.

- هيئةُ إدارةِ الانتخاباتِ.

- المؤسّساتُ الحقوقيةُ.

- جهازُ الرقابةِ الماليةِ.

- هيئاتُ مُكافحةِ الفسادِ.

- الأحزابُ السياسيةُ.

- وسائلُ الإعلامِ.

- مؤسّساتُ المجتمعِ المدنيِّ.

- مؤسّساتُ الأعمالِ، والقطاعُ الخاصُّ.

ثالثًا: أهدافُ نظامِ النزاهةِ الوطنيةِ

يسعى نظامُ النزاهةِ الوطنيِّ إلى تحقيقِ عدّةِ أهدافٍ، مِنْها:

  1. إيجادُ آليّاتٍ مُناسبةٍ لدعمِ المساءلةِ والشفافيةِ في العمليةِ الديمقراطيةِ، وبخاصّةٍ في ما يتعلّقُ بالانتخاباتِ والحياةِ النيابيةِ.
  2. إصلاحُ الإدارةِ العامّةِ، ومساءلةُ متّخذي القراراتِ.
  3. ضمانُ وجودِ آليّاتٍ ملائمةٍ تسمحُ للموظّفينَ العموميّينَ بالإبلاغِ عَنْ أفعالِ الفسادِ في مؤسّساتِهِم، ووجودِ نُظَمٍ ووسائلِ رقابةٍ مستقّلةٍ.
  4. التأكُّدُ مِنْ وجودِ نُظمٍ فاعلةٍ في القطاعِ الخاصِّ للتنظيمِ الذاتيِّ، ومِنْ فاعليةِ إجراءاتِ الردعِ القانونيةِ ضدَّ الفسادِ.
  5. ضمانُ وجودِ وسائلِ إعلامٍ حُرّةٍ ومستقلّةٍ وقادرةٍ على ممارسةِ دورِها الرقابيِّ المهنيِّ، وزيادةُ وعيِ الجمهورِ بحقوقِهِ وواجباتِهِ.

 

رابعًا: معاييرُ النزاهةِ الوطنيةِ

  1. الشفافيةُ: تَعني الوضوحَ والصدقَ في التعاملاتِ والإجراءاتِ، وهِيَ مبدأٌ يهدِفُ إلى جعلِ المعلوماتِ والقراراتِ مُتاحةً ومفهومةً للجميعِ مِنْ دونِ إخفاءٍ أوْ تضليلٍ؛ عبرَ تبنّي سياساتٍ وإجراءاتٍ تضمنُ الوضوحَ والنزاهةَ في العمليّاتِ والقراراتِ جميعِها. وأنْ تكونَ المعلوماتُ مُتاحةً للجميعِ، والقراراتُ مُوثّقةً بصورةٍ شفّافةٍ ومفهومةٍ للجميعِ.
  2. سيادةُ القانونِ: حيثُ يكونُ القانونُ هُوَ السلطةُ العُليا التي يجبُ أنْ تحكُمَ المؤسّساتِ والأفرادَ، وأنْ يُنفّذَ بدقّةٍ ومِنْ دونِ انحيازٍ أوْ تفضيلٍ؛ لضمانِ العدالةِ والمساواةِ في المجتمعِ.
  3. الحوكمةُ الرشيدةُ: توجيهُ الشؤونِ العامّةِ واتِّخاذُ القراراتِ بطريقةٍ شفّافةٍ وعادلةٍ، مَعَ تعزيزِ المساءلةِ والنزاهةِ في جميعِ جوانبِ الحكمِ. وتهدِفُ الحوكمةُ الرشيدةُ إلى حُسنِ إدارةِ الأموالِ والممتلكاتِ العامّةِ، وتحقيقِ التنميةِ المستدامةِ، وتعزيزِ الشفافيةِ والمساءلةِ في إدارةِ الشؤونِ العامّةِ.
  4. المساءلةُ والمحاسبةُ: هِيَ جزءٌ أساسيٌّ مِنَ الحوكمةِ الرشيدةِ، عبرَ تقييمِ الأداءِ ومراقبةِ الأفرادِ، ومحاسبتِهِم على نتائجِ أفعالِهِم عَنْ طريقِ التحفيزِ والعقابِ بعدالةٍ ومساواةٍ.
  5. العدالةُ والمساواةُ وتكافؤُ الفُرَصِ: عبرَ تعزيزِ قِيَمِ العدالةِ والمساواةِ، يُمكنُ بِناءُ مجتمعٍ يتّسِمُ بالنزاهةِ والتقدُّمِ.

 

 

خامسًا: كيفَ تتحقّقُ النزاهةُ الوطنيةُ؟

يكونُ الشخصُ نزيهًا عندَما يرفضُ الانخراطَ في أيِّ سلوكٍ غيرِ مسؤولٍ، وعندَما يتحلّى بالصدقِ والأمانةِ ويضعُ المصلحةَ العامّةَ قبلَ المصالحِ الشخصيةِ. وتتحقّقُ النزاهةُ عبرَ تبنّي سياساتٍ وإجراءاتٍ تضمنُ الوضوحَ في العمليّاتِ والقراراتِ جميعِها، وتضمنُ تطبيقَ المعاييرِ الأخلاقيةِ في مجالاتِ الحياةِ جميعِها، عَنْ طريقِ المشاركةِ السياسيةِ الفعّالةِ، وإتقانِ العملِ والولاءِ والإخلاصِ فيهِ، والالتزامِ بقِيَمِ الأمانةِ في العملِ اليوميِّ. ويقعُ على عاتقِ الأسرةِ والمدرسةِ دورٌ كبيرٌ في تطويرِ أنشطةٍ وأعمالٍ تطوعيةٍ، وتنفيذِ أنشطةٍ إضافيةٍ وتطبيقيّةٍ لنشرِ ثقافةِ النزاهةِ ودعمِها، ومُكافحةِ الفسادِ والتوعيةِ بأخطارِهِ، كما تُسهِمُ مؤسّساتُ المجتمعِ المدنيِّ في تحقيقِ قِيَمِ النزاهةِ.