تطوّر الحياة السياسية في الأردنّ بين عامَي (1958-1999م)
الأحداث السياسية بين عامَي (1958-1966م)
- على الرغم من حرص الأردنّ على بناء علاقات جيّدة مع الدول العربية الشقيقة على أسس الأخوّة والتعاون والثقة المتبادلة. إلّا أنّ العلاقة مع الجمهورية العربية المتّحدة (اتّحاد مصر وسورية (1958-1961م)) بقيت متوتّرة، وتعرّض الأردنّ للتحريض والعمل على إثارة الشارع الأردني ونسج المؤامرات المتواصلة ضدّه، في ظلّ غياب الحياة الحزبية في البلاد.
- بقي الأردنّ في مرمى نيران المؤامرات والقلاقل الواردة من الخارج، وفوجيء في آب 1960م بوقوع انفجار في رئاسة الوزراء في عمان، استُشهد على إثره رئيس الوزراء هزّاع المجالي واثنا عشر مواطنًا أردنيًّا معه من الموظّفين والمراجعين المدنيّين.
- انقسمت الأنظمة العربية إلى جبهتين؛ أطلقت الجبهة الأولى تشمل الجمهورية العربية المتّحدة (مصر وسورية) والعراق والجزائر. والجبهة الثانية تشمل الأردنّ والمملكة العربية السعودية ولبنان وتونس والمملكة المغربية، وهي تُمثّل الأنظمة العربية المعتدلة.
- عُقدت القمة العربية الأولى في القاهرة في عام 1964م، على خلفية تحويل إسرائيل مياه نهر الأردنّ نحو صحراء النقب حارمة الأردنّ وسوريا ولبنان من نصيبها من المياه. وفي هذا المؤتمر، تقرّر منع تحويل مياه نهر الأردنّ نحو النقب وذلك بتحويل روافد النهر في سوريا ولبنان إلى أراضيهّما، وبناء سدّ الوحدة (سد المخيبة) على نهر اليرموك بين الأردنّ وسوريا. وقرّر المؤتمرون إنشاء منظّمة التحرير الفلسطينية بوصفها مرجعية وطنية للشعب الفلسطيني.
- لم يسلم الأردنّ من الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الأمامية في الضفّة الغربية، وكان من أبرزها الهجوم الإسرائيلي على قرية السموع في قضاء الخليل في تشرين الثاني 1966م.
المقارنة بين حرب حزيران 1967م، ومعركة الكرامة 1968م، من حيث: الأسباب والنتائج.
|
|
حرب حزيران |
معركة الكرامة |
|
الأسباب |
|
عزمت إسرائيل على معاقبة الأردنّ لدعمه للعمل الفدائي انطلاقًا من الأراضي الأردنية، ومحاولة السيطرة على أراض عربية جديدة، منها وادي الأردنّ والمرتفعات الأردنية الغربية، والقضاء على العمل الفدائي الفلسطيني في الأردنّ |
|
النتائج |
|
كانت نتيجة المعركة هزيمة الجيش الإسرائيلي، وتكبّده خسائر كبيرة في الأرواح والمعدّات. وقدّم الجيش الأردني (86) شهيدًا، وحطّم أسطورة إسرائيل (الجيش الذي لا يُقهر)، ورفعت المعركة معنويات الإنسان العربي بعد حالة الإحباط التي مرّ بها جراء حرب حزيران. |
أحداث أيلول عام 1970م
- سمح الأردنّ بالعمل الفدائي الفلسطيني في أراضيه.
- قدّم الجيش العربي الأردني للفدائيّين العون والمساعدة للقيام بعملياتهم في الأراضي العربية المحتلة، غير أن نشوء تنظيمات وفصائل فدائية متعدّدة الأهداف والأغراض، أسهم في توتّر العلاقات بين الحكومة الأردنية والفصائل الفدائية. وخاصة بعد تدخل بعض الفصائل في شؤون الحياة اليومية للمواطنين وتمركزها في المدن والأحياء السكنية بعيدًا عن الجبهة والحدود مع فلسطين المحتلة، وتدخل قادة الفدائيين في الشؤون الداخلية للدولة ومحاولة النيل من هيبة الجيش والأجهزة الأمنية والتهديد بإعلان العصيان المدني بدءا من يوم 17/ أيلول 1970م. وقد حاول الجيش السوري التدخّل لصالحهم وعبر الحدود الأردنية وطوّق مدينة إربد، لكنّ قوّاتنا المسلّحة أجبرته على الانسحاب. وإثر تعرض المصالح الوطنية الأردنية للخطر بادر الجيش الأردني الى حسم الأمور بإخراج المسلحين الفدائيين من العاصمة والمدن والتجمعات السكنية ثم جرى إخراجهم من الأردن نهائيا في عام 1971م
- كانت موقفا من الدولة لفرض الأمن والنظام في مواجهة الخطر والفوضى اللذين باتا يهددان أمن المملكة وسلامة المواطنين. وأدّت هذه الأحداث إلى اغتيال رئيس الوزراء وصفي التلّ من قبل منظمة أيلول الأسود في أثناء مشاركته في مؤتمر وزراء الدفاع العرب في القاهرة، الذي عرضت فيه الخطّة الأردنية للمواجهة مع إسرائيل.
الاتّحاد الوطني العربي (1971-1973م)
قاد الملك الحسين بعد أحداث عامَي (1970-1971م) البلاد نحو تمتين الصفّ الوطني وتعزيز الوحدة الوطنية. وجاءت فكرة تأسيس الاتّحاد الوطني العربي في عام 1971م. وهو بمثابة تنظيم سياسي يُمثّل التوجّهات الرسمية للدولة الأردنية، ويضم في عضويته أبناء الشعب الأردني من الأصول والمنابت والاتجاهات الفكرية والسياسية كافّة. وقد جرت انتخابات مجلس الاتّحاد في عام 1972م. وقد جرى انتخابات مجلس الاتحاد في عام 1972م واستمر حتى عام 1974م؟
حرب رمضان (أكتوبر / تشرين) عام 1973م
نشبت حرب رمضان / تشرين الأوّل في عام 1973م، عندما هاجمت القوات المصرية والسورية إسرائيل بعد ظهر يوم السادس من تشرين الأوّل 1973م. وبادر الأردنّ إلى نجدة سورية الشقيقة بإرسال قوات أردنية إلى جبهة الجولان، وسجّل الجيش الأردني تضحيات مشهودة على ثرى الجولان العربي، وأسهم في الحيلولة دون تقدّم القوات الإسرائيلية إلى العاصمة السورية دمشق.
الحياة النيابية في الأردنّ (1967-1988م)
لم يغب عمل مجلس النواب عن الحياة السياسية إلّا في ظل ظروف استثنائية، كالاحتلال الإسرائيلي لجزء من المملكة الأردنية الهاشمية هو الضفّة الغربية في حزيران 1967م. وقد جرت انتخابات مجلس النواب التاسع في نيسان 1967م، ولمّا أنهى المجلس مدّته الدستورية عام 1971م، جرى التمديد له حتّى عام 1974م، وفقًا لتعديلات دستورية تُعالج الظرف الاستثنائي الناجم عن احتلال الضفّة الغربية التي لها نصف مقاعد مجلسَي الأعيان والنواب، وليس بالإمكان إجراء الانتخابات في جزء من المملكة تحت الاحتلال. وفي عام 1976م دُعي المجلس نفسه في دورة استثنائية لإجراء تعديلات دستورية، ثُمّ تقرّر حلّه.
المجلس الوطني الاستشاري (1978-1984م)
بهدف سدّ الفراغ الدستوري الذي أحدثه تجميد الحياة النيابية، شُكّل المجلس الوطني الاستشاري في عام 1978م، ومهمّته إسداء المشورة ومناقشة السياسة العامّة والنظر في التشريعات والقوانين التي تُقدّمها الحكومة بوصفها قوانين مؤقتة. تشكّل المجلس الوطني الاستشاري ثلاث مرّات، بمعدّل عامين لكلّ مرّة.
بقيت الحياة النيابية مجمّدة حتّى صدرت إرادة ملكية في عام 1984م، بدعوة مجلس الأمّة التاسع إلى عقد دورة استثنائية في كانون الثاني 1984م، وأجرى المجلس تعديلًا يسمح بإعادة المجلس المنحلّ ودعوته للانعقاد، وسُمّي هذا المجلس (المجلس النيابي العاشر) الذي استمر حتى عام 1988م.
قرار فكّ الارتباط الإداري والقانوني مع الضفّة الغربية 1988م
في ظل ظروف قيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى في قطاع غزة والضفّة الغربية في عام 1987م، وبناءً على إلحاح منظّمة التحرير الفلسطينية وضغوط الدول العربية لتطبيق قرار قمّة الرباط في عام 1974م، التي عدّت منظّمة التحرير الفلسطينية المُمثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، جاء قرار فكّ الارتباط الإداري والقانوني مع الضفّة الغربية في 31 تموز 1988م، وأوضحت الحكومة الأردنية وهي تعلن هذا القرار مواصلة الأردنّ مساعدة الشعب الفلسطيني، وأنّ هذا الإجراء لن يمسّ العلاقة التاريخية الأخوية بين الشعبين، وأنّ الأردنّ سيواصل رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.
عودة الحياة النيابية والحزبية
واجه الأردنّ أزمة اقتصادية خانقة في نهاية الثمانينيات، وتضخّمت المديونية الأردنية، وتراجع احتياطي البنك المركزي من العملات الصعبة، وهبط سعر صرف الدينار الأردني وقد لعبت التحديات السياسية والإقليمية وقرار فكّ الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية دوراً مهماً في ذلك.
أدّت هذه الظروف إلى تخفيض الدعم الحكومي لأسعار المشتقّات النفطية، وشهدت الأسعار عمومًا ارتفاعًا ملموسًا، ما أدّى إلى وقوع احتجاجات شعبية في عدة مناطق من المملكة في نيسان 1989م. وبالإضافة إلى الاحتجاج الشعبي على الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار، رُفعت في هذه الاحتجاجات شعارات سياسية تمثّلت في المطالبة باستقالة الحكومة، وعودة الحياة النيابية، وإلغاء الأحكام العُرفية. استجاب الملك الحسين لمطالب شعبه وأمر بإجراء انتخابات نيابية عامّة.
أُجريت الانتخابات النيابية في تشرين الثاني 1989م، وقد فازت الأحزاب السياسية بنحو نصف مقاعد المجلس النيابي الحادي عشر، وفي عام 1990م قرر الملك تشكيل لجنة ملكية لصياغة ميثاق وطني أردني وعملت اللجنة على إصدار الميثاق الوطني الأردني في عام 1991م، وأثر ذلك ألغي قانون الأحكام العُرفية، وصدر قانون الأحزاب السياسية في 1992م، وصدر قانون حديث للمطبوعات والنشر في عام 1993م.
الميثاق الوطني الأردني عام (1990-1991م)
تشكّلت لجنة ملكية لصياغة ميثاق وطني أردني عام 1990م. وأوصت بما يأتي:
- ترسيخ دعائم القانون وسيادته.
- تعميق النهج الديمقراطي القائم على التعدّدية السياسية.
- ضمان حرّيات المواطن الأساسية.
- رابطة المواطنة هي الأساس الذي تقوم عليه الصلة بين جميع الأردنيين.
- التعدّدية السياسية والحزبية والفكرية هي السبيل لتأهيل الديمقراطية وتحقيق مشاركة الشعب في إدارة شؤون الدولة.
معاهدة السلام (الأردنية - الإسرائيلية) (معاهدة وادي عربة) عام 1994م
دفعت الظروف الدولية والإقليمية الأردنّ إلى المشاركة في العملية السياسية الرامية لحلّ الصراع (العربي - الإسرائيلي). وكان الأردنّ قد رفض الحلول المنفردة للقضية الفلسطينية؛ فلم يشارك في المباحثات (المصرية - الإسرائيلية) التي انتهت بتوقيع معاهدة (كامب ديفيد) 1979م. وآمن الأردنّ بوجوب التوصّل إلى حلّ عادل ودائم وشامل وفقًا للشرعية الدولية؛ أي لقرارَي مجلس الأمن رقم (242) و(338)، وتأكيدهما على عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة، وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة منذ الخامس من حزيران 1967م.
وعَقِب حرب الخليج الثانية ، عرضت الولايات المتحدة فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام يجمع الدول العربية وإسرائيل على طاولة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة والولايات المتّحدة وروسيا الاتّحادية.
ووفّر الأردنّ مظلة مشتركة تجمع الأردنّ وممثّلي فلسطين في الوفد الأردني الفلسطيني المشترك في مؤتمر مدريد في عام 1991م. وبعد انفضاض المؤتمر انتقلت المفاوضات الثنائية إلى واشنطن بمشاركة أردنية وفلسطينية وسورية ولبنانية مع الجانب الإسرائيلي. لكنْ، تبيّن أن منظّمة التحرير الفلسطينية كانت قد اتّخذت مسارًا سرِّيًّا للمفاوضات مع إسرائيل في العاصمة النرويجية أوسلو، أسفرت عن توقيع اتّفاقية أوسلو بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في عام 1993م، وقد فوجئ الأردنّ بهذه الاتّفاقية، وأخذ على المنظّمة أنّ الاتّفاقية أهملت القضايا الجوهرية في القضية الفلسطينية والمتمثّلة في: قيام الدولة الفلسطينية، والقدس، واللاجئين، والمستوطنات، والمياه، وجميعها ذات مساس بالمصالح المشتركة الأردنية الفلسطينية. كما أنّ الاتّفاقية تركت هذه القضايا معلّقة دون حسم، ما يضر بالمصالح المشتركة الأردنية الفلسطينية.
وبعد هذه التطورات، ذهب الأردنّ في اتّجاه إنجاز اتّفاقية ثنائية مع الجانب الإسرائيلي جرى توقيعها في تشرين الأوّل 1994م في منطقة وادي عربة الحدودية.
انقسمتِ التيّارات السياسية في الأردنّ حول المفاوضات مع إسرائيل بين مؤيّد ومعارض، فقد كانت بعض التيّارات السياسية ترى عدم جدوى دخول الأردنّ في مفاوضات مع إسرائيل وسط حالة من التردّي في الصفّ العربي، مشكّكةً في جدوى السلام مع إسرائيل. بينما رأى البعض الآخر أنّ الأردنّ يمرّ بظروف داخلية ودولية صعبة وأنّ المصالح الأردنية تقتضي ترسيم حدود رسمية ودولية معترف بها وموثّقة دوليًّا مع الجانب الإسرائيلي لجمًا لأطماعه المعروفة، وكي ينال الأردنّ حصّته من مياه نهر الأردنّ المسروقة منذ عام 1964م، ويستعيد أراضيه المحتلة في منطقتَي الباقورة والغمر، ولتأكيد الدور الأردني في رعاية المقدسات الإسلامية في القدس
الباقورة: منطقة حدودية أردنية ضمن لواء الأغوار الشمالية التابع لمحافظة إربد. تبلغ مساحتها الإجمالية ستّة آلاف دونم تقريبًا، وتحتوي على أراضٍ زراعية. استعاد الأردنّ سيادته عليها في تشرين ثاني 2019م، بعد انتهاء مدّة العمل بملحقَي الباقورة والغمر وعدم تجديد الاتّفاقية.
الغَمْر: منطقة حدودية أردنية تقع ضمن محافظة العقبة جنوب البحر الميّت. تمتدّ على طول خمسة كيلومترات باتّجاه الحدود، وتحتوي على أرضٍ زراعية. استعاد الأردنّ سيادته على الغمر في تشرين ثاني 2019م، بعد انتهاء مدّة العمل بملحقَي الباقورة والغمر، ضمن اتّفاقية وادي عربة.
وفاة الملك الحسين بن طلال وجنازة العصر
توفّي الملك الحسين في 7 شباط 1999م بعد إصابته بمرض السرطان، وانتقل العرش الهاشمي إلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين. وجسّدت جنازة الملك الحسين مكانته الدولية واحترام العالم له وللمملكة الأردنية الهاشمية، فقد توافد على العاصمة عمّان ملوك وملكات وأمراء ورؤساء دول وحكومات من كلّ أنحاء العالم لحضور جنازته التي وصفت في جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية بجنازة العصر.