توجيهات قرآنية الآيات ( 12 - 19 ) من سورة لقمان
* هذه الآيات من سورة لقمان ، وسميت هذه السورة بهذا الاسم لاشتمالها على قصة لقمان الحكيم وهو رجل صالح وليس نبيا ، آتاه الله الحكمة وقام بواجب التربية لابنه حيث قدم له نصائح وتوجيهات تربوية متكاملة لبناء الشخصية تنفعه في دنياه وآخرته
* اشتملت هذه الآيات على عدة توجيهات تربوية ، وسنذكر هذه التوجيهات والآية التي تدل عليها كما يأتي :
أولا : توجيهات إيمانية :
أ -وجوب شكر الله تعالى ( ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد )
ب - التحذير من الشرك ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )
ج - مراقبة الله تعالى( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير )
د - إقامة الصلاة ( يا بني أقم الصلاة .... )
ومن أهم الملاحظات على التوجيهات الإيمانية ما يأتي :
1 * التوجيهات الإيمانية : هي التوجيهات التي تنظم علاقة الإنسان بخالقه ويظهر أثرها في ضبط سلوك الإنسان وقيمه وأخلاقه
2 * أثر شكر الله على نعمه : من شكر الله على نعمه فإنما ينفع نفسه بإدامة النعمة والمحافظة عليها والاستزادة منها ، ومن لم يشكر نعم الله وكفر بها وجحدها فإنما يضر نفسه بحرمانه من النعم
3* كانت أول وصايا لقمان لابنه التحذير من الشرك ودعوة ابنه لتوحيد الله ، ذلك لأن الشرك من أعظم الذنوب وأكبرها وتوحيد الله هو أصل صلاح الأعمال وقبولها ، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أعظم الذنوب فقال ( أن تجعل لله ندا وهو خلقك )
4 * مراقبة الله تعالى تعني : أن يستشعر المسلم أن الله مطلع عليه ويراقبه في كل أحواله في السر والعلن ، مما يجعل المسلم حريصا على طاعة ربه بعيدا عن معصيته ، فالله لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد وسيحاسبهم عليها
5* تتحقق إقامة الصلاة بأن يؤديها المسلم في أوقاتها تامة بأركانها وشروطها وواجباتها وسننها وآدابها وخشوعها ، ومن فضل الصلاة أنها صلة بين العبد وربه وسبب لتكفير الذنوب وهي من أعظم العبادات
ثانيا : توجيهات أخلاقية :
أ - الصبر ( ... واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور )
ب - الاعتدال والتوسط ( واقصد في مشيك )
ج - ذم الإعراض عن الناس ( ولا تصعر خدك للناس )
د- ذم التكبر ( ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )
ومن أهم الملاحظات على التوجيهات الأخلاقية ما يأتي :
1 * التوجيهات الأخلاقية هي التوجيهات التي تزكي نفس الإنسان وترتقي به إلى ما يرضي الله تعالى
2 * الصبر هو تحمل الأذى على ما يلاقيه الإنسان في حياته من مرض ومصائب وقلة مال ونحو ذلك مما يحتاج لقوة الإرادة في التحمل .
3 * ومما يعين المسلم على الصبر : احتساب الأجر المترتب على الصبر عند الله يوم القيامة واستحضار الفرج الذي يأتي بعد الصبر والتواصي به والحث عليه
4 * دعا لقمان ابنه للتوسط والاعتدال في حياته عامة ، وخاصة أثناء المشي ، فدعا ابنه أن يكون مشيه معتدلا فلا يستعجل فيه فيخل بوقاره ولا يكون بطيئا متثاقلا .
5 * نهى لقمان ابنه عن الإعراض عن الناس ومن صور ذلك إمالة الوجه عنهم أثناء مخاطبتهم
6 * نهى لقمان ابنه عن التكبر ومن صور ذلك نهاه عن المفاخرة والاختيال في المشي
ثالثا : توجيهات اجتماعية :
أ - الإحسان إلى الوالدين ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون )
ب _ الاقتداء بالصالحين ( واتبع سبيل من أناب إلي )
ج _ حسن مخاطبة الناس ( واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير )
ومن الملاحظات على التوجيهات الأخلاقية ما يأتي :
1 * نزلت آيات الوصية بالوالدين في هذه السورة في الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، حيث امتنعت أمه عن الطعام والشراب وحلفت أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بالإسلام ، فبقي ثابتا على دينه
2 * خصت الآيات الأم بمزيد من الرعاية وذلك لما تعانيه من تعب ومشقة في رعاية أبنائها أثناء مدة الحمل وحين الولادة وأثناء الحضانة والرضاعة والفطام
3 * دعت الآيات الأبناء لتقديم الشكر للوالدين على ما تحملاه من مشقة في رعايتهم ولكن قدمت الآيات شكر الله على شكر الوالدين لأن حق الله أعظم من حق الوالدين
4 * بينت الآيات أنه إذا صدر من الآباء تصرفات تخالف الشرع ، فما على الابن إلا أن يبين لوالديه سبل الهداية وطريق الحق بأدب واحترام وأن يصاحب والديه بالمعروف في الأحوال كلها حتى لو كان الوالدان مشركين ، وإن أمراه بمعصية فلا يطعهما لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
5 * دعت الآيات المسلم للإقتداء بالصالحين ومصاحبتهم لأن الصحبة الصالحة من الأسباب التي تعين المسلم على طاعة ربه وتبعده عن معصيته
6 * وجه لقمان ابنه إلى حسن مخاطبة الناس ومن صور ذلك الكلام مع الناس بصوت هادئ غير مرتفع مع المحافظة على الهدوء ، وللتنفير من رفع الصوت أثناء مخاطبة الناس شبهت الآيات من يرفع صوته بغير حاجة بنهيق الحمير في البشاعة والقبح
رابعا : التوجيهات الدعوية : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك .. )
ومن الملاحظات على التوجيهات الدعوية ما يأتي :
1 _ التوجيهات الدعوية هي تقديم النصح للآخرين ودعوتهم لكل خير وفضيلة ونهيهم عن كل ما فيه شر ورذيلة
** الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قاعدة عظيمة من قواعد الإصلاح في المجتمع يدل على التزام المسلم بدينه
2 _ ذكر الصبر بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك إشارة إلى أن الناس قد يصدون من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويعرضون عنه فلا يقبلون على نصحه ، فما على الداعي إلا أن يصبر على ذلك ويحرص على هداية الناس ولا ييأس من ذلك
خامسا : معاني المفردات والتراكيب :
وهنا : ضعفا فصاله : فطامه عن الرضاعة أناب : تاب ورجع خردل : نبات بذوره صغيرة جدا اغضض : اخفض لا تصعر خدك : لا تعرض بوجهك عن الناس احتقارا لهم اقصد في مشيك : اعتدل وتوسط فيه