تلخيص الدرس الثالث :حركة الاكتشافات الجغرافية الأوروبية
كان من نتائج النهضة الأوروبية قيام حركة الاكتشافات الجغرافية في القرن الخامس عشر الميلادي، فاكتشف العالم الجديد (الأمريكيتان وأستراليا) عام 1492م، وطريق رأس الرجاء الصالح عام 1498م.
ولمعرفة العوامل التي ساعدت على التي ساعدت على قيام حركة الاكتشافات الجغرافية، تأمل الشكل (4-12):
عوامل قيام حركة الاكتشافات الجغرافية |
|
السياسية: تمثلت بالرغبة في إضعاف العالم الإسلامي عن طريق السيطرة على الطريق التجاري الموصل للهند. ورغبة الدول الأوروبية في السيطرة على أراضِ جديدة لاستعمارها. |
الدينية: تمثلت بتشجيع الكنيسة الكاثوليكية حركة الاكتشافات الجغرافية؛ لنشر الديانة المسيحية في البلاد المكتشفة ولزيادة أتباعها. |
الاقتصادية: تمثلت بالحاجة إلى بضائع الشرق من سلع وبهارات وتوابل وسكّر. إضافة إلى التخلص من الرسوم والضرائب التي كانت تدفع للعرب والمسلمين عن البضائع التجارية. فضلاً عن رفض سيطرة المسلمين على الطريق التجاري المار بآسيا الصغرى وجنوب شرق أوروبا. |
الجغرافية: تمثلت بازدياد معرفة الأوروبيين بالمعلومات الجغرافية التي اطّلعوا عليها، فعرفوا الأسطرلاب والبوصلة عن العرب المسلمين، واستخدموا الخرائط. إضافة إلى تطور صناعة السفن التي جُهزت بثلاث ساريات تمكنها من الإبحار عكس اتجاه الرياح لمسافات بعيدة وبسرعة مناسبة. |
أولاً: الاكتشافات البرتغالية
بعد سقوط الأندلس بأيدي الأسبان عام 1492م، انتقلت جميع الخرائط التي رسمها الجغرافيّون المسلمون إلى الأسبان والبرتغاليين، لذلك نجدهم أول من بدأ برحلات الاستكشاف والبحث عن طريق تجاري جديد، يوصلهم إلى الهند؛ من أجل السيطرة على تجارة المحيط الهندي من دون المرور بالعالم الإسلامي، لذلك عندما اكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح أنشؤوا لهم موانئ بحرية على سواحل الخليج العربي، وسواحل جنوب شرق آسيا، وقد مرت حركة الاكتشافات الجغرافية بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى
بدأت في النصف الأول من القرن الخامس عشر بالإبحار حول الساحل الغربي لإفريقيا، عندما قام الأمير البرتغاليّ (هنري الملّاح) برحلات كثيرة، ترتّب عليها اكتشاف جزر ماديرا وآزور (جزر البليار)، ووصلوا الى نهر السنغال وغانا.
المرحلة الثانية
قادها (بارثمليو دياز) سنة 1487م، الذي نجح في اكتشاف الطرق الجنوبي لإفريقيا، والوصول إلى رأس الرجاء الصالح، والدوران حول إفريقيا، والوصول إلى الهند.
المرحلة الثالثة
قادها (فاسكو دي غاما) وتمكن من الوصول إلى الجنوب الشرقي لسواحل إفريقيا، فاستفاد من خبرات الملاحين العرب، الذين كانوا يسكنون في هذه المناطق، ثم تابع دي غاما رحلته حتى وصل إلى مدينة كاليكوت في الهند عام 1498م.
ثانياً: الاكتشافات الإسبانية
أدى التنافس بين إسبانيا والبرتغال إلى قيام الإسبان بالبحث عن طريق جديد، يُوصلهم إلى الهند والصين بالإبحار غرباً، وقد اقتنعت ملكة إسبانيا(ازابيلا) بفكرة (كريستوفر كولمبس) بأنه يمكن الوصول الى الهند بالإبحار غرباً عبر المحيط الأطلسي.
أبحر (كولمبس) عام 1492م من غرب إسبانيا عن طريق المحيط الأطلسي، حتى وصل إلى اليابسة مُعتقداً أنه وصل إلى شواطئ الهند، ولذلك أُطلق على سكان المنطقة اسم الهنود، ثم قام كولمبس بعد ذلك بثلاث رحلات أُخرى، ليؤكد اكتشافه للهند، حتى توفّي من غير أن يعلم أنه اكتشف عالماً جديداً، وفي عام 1507م أبحر الإيطالي (أمريكو فوسبتشي) مئات الكيلو مترات على شاطئ العالم الجديد الذي اكتشفه كولمبس، وتأكد لديه أن كولمبس اكتشف عالماً جديداً، وتقديراً لأمريكو سُمي العالم الجديد باسم أمريكا.
وفي عام 1519م قام (ماجلان) برحلة الدوران حول الأرض، فانطلق من إسبانيا عن طريق المضيق الذي سمّيَ باسمه باتجاه المحيط الهادي، حتى وصل إلى الفلبين، وبعد ثلاث سنوات رجع إلى النقطة نفسها التي انطلق منها، وبذلك أثبت كروية الأرض. وقد سيطر الإسبان على بلاد واسعة من العالم الجديد، وظلّت بأيديهم ما يقارب ثلاثة قرون، فقضوا على عدد كبير من السكان الأصليين في البلاد المكتشفة، وأحضروا العديد من العبيد الأفارقة للعمل في الزراعة.
ثالثاً: الاكتشافات الإنجليزية والفرنسية والهولندية
كان لاهتمام الإنجليز بالتجارة دور في حركة الاكتشافات الجغرافية، وكانت أولى المحاولات الإنجليزية عام 1497م، عندما أبحر (جون كابوت) من ميناء بريستول عن طريق المحيط الأطلسي للبحث عن الطريق الشمالي لأمريكا، فاكتشف الشواطئ الشرقية لأمريكا الشمالية وهذا مهد الطريق الشمالي لأمريكا، فاكتشف الشواطئ الشرقية لأمريكا الشمالية، وهذا مهّد الطريق لاستعمارها، فأنشأ الإنجليز أولى مُستعمراتهم في فرجينيا وماساتشوستس. وقد اهتم الإنجليز بالهند، فأنشؤوا شركة الهند الشرقية التي سهلت لهم السيطرة عليها.
وقد قام الرحالة (جيمس كوك) بعدد من الرحلات في الفترة ما بين (1768-1779م)، وتمكن أثناءها من الوصول إلى السواحل الشرقية لأستراليا.
وفي القرن السادس عشر الميلادي انضم الفرنسيون إلى حركة الاكتشافات الجغرافية، حينما شرع الملاح الفرنسي جاك كارتييه برحلة إلى شواطئ أمريكا الشمالية، فاكتشف نهر سانت لورنس، ثم اكتشف لاسال نهر المسيسبي، وتمكن الفرنسيون من إنشاء مدينتي كويبك ومونتريال في كندا.
شارك الهولنديون في حركة الاكتشافات الجغرافية، إذ أسسوا شركة الهند الشرقية الهولندية لتوسيع تجارتهم في الشرق، فسيطروا على جزيرة جاوة وجزيرة مالقا في آسيا بعدما أخرجوا البرتغاليين منها عام 1641م، فاحتكروا تجارة السُكر والشاي والتوابل والبهارات. وقد أسست شركة الهند الشرقية الهولندية مستعمرة أمستردام في نيويورك.
خامساً: نتائج حركة الاكتشافات الجغرافية
أسفرت حركة الاكتشافات الجغرافية عن نتائج عديدة، أثرت في حياة أوروبا والعالم في العصر الحديث، ولمعرفة أبرز هذه النتائج، تأمل الشكل الآتي:
نتائج حركة الاكتشافات الجغرافية |
النتائج السياسية - ازدياد التنافس الاستعماري بين الدول الأوروبية للسيطرة على العالم، وقيام حروب كثيرة بينها: مثل حرب السنوات السبع (1756-1763م) بين بريطانيا وفرنسا، بهدف تقاسم النفوذ في أمريكا الشمالية، وقد انتهت بخسارة فرنسا معظم مستعمراتها في أمريكا الشمالية، والهند لصالح بريطانيا. - تراجع مكانة العالم الإسلامي، وضعف قوته السياسية، بسبب تدهور الحالة الاقتصادية. |
النتائج الاقتصادية - السيطرة على تجارة الشرق وانتزاعها من أيدي المسلمين، وقد أدى ذلك الى إضعاف البلاد العربية والإسلامية اقتصادياً، فخربت الموانئ العربية في الإسكندرية وجدة، وهجرتها السفن التجارية. -تدفق منتجات الشرق على الأسواق الأوروبية، فأسهم ذلك في توسّع التبادل التجاري في العالم، الذي حول الثروة من طبقة مُلاك الأرض الى طبقة جديدة، هي طبقة التجار (البرجوازية) التي سيكون لها دور مهم في تطور نظام الحكم في العصر الحديث. - انتقال مركز التجارة من حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي كان بيد المسلمين والإيطاليين الى البحار الغربية والجنوبية، فازدهرت التجارة والصناعة في دول أوروبا الغربية. |
النتائج العلمية - تقدمت العلوم الجغرافية فأثبتت كروية الأرض، واكتشفت أماكن كانت مجهولة، وهذا وسّع البحوث الجغرافية والتاريخية ليشمل البلاد التي اكتشفت. - زيادة المعلومات الخاصة بعلم النبات والحيوان والبرّ والبحر. - تقدّم علم الفلك ووسائل إرشاد الملّاحين. - تحسّن صناعة السّفن وزيادة حجمها ومتانة هياكلها. |
النتائج الدينية انتشرت الإرساليّات التبشيرية التي رافقت الحملات الاستكشافية بين السّكان الأصليين للبلاد المكتشفة، وقد مارست بحقّهم التنصير القسري، خاصة في إفريقيا وأمريكا الشمالية. |