أقام الإسلام هذه الحقوق على مجموعة من المرتكزات، مثل:
- تكريم الله تعالى للإنسان.
- وحدة أصل البشر .
- إقامة العدل بينهم.
الفهم والتّحليل
أوّلًا: مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام
حقوق الإنسان في الإسلام: هي المصالح والميزات التي أثبتتها الشريعة الإسلامية للإنسان، وألزمت الآخرين باحترامها والسعي لتحقيقها، بما يؤدي إلى حفظ دينه، ونفسه، وعقله، ونسله، وماله.
أتوقف
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: وثيقة دولية تتضمّن الحقوق الأساسية للإنسان وقد اعتمدت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م.
ثانيًا: حقوق الإنسان بين الإسلام والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
أ. مجال الحقوق الأساسية: كالحق في الحياة والعيش بكرامة والعدل والمساواة والحرية.
1. حق الحياة: أكّد الإسلام على حق كلّ إنسان في الحياة وحرّم الاعتداء عليه بالقتل أو الإيذاء وعدّ قتل نفس واحدةٍ كقتل الناس جميعًا.
جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: (لكل فرد الحق في الحياة).
2. الحفاظ على الكرامة الإنسانية:
شرع الإسلام كثيراً من الأحكام والمبادئ التي من شأنها الحفاظ على الكرامة الإنسانية فقد دعا إلى الحفاظ على خصوصية الإنسان فأوجب الاستئذان للدخول عليه أو دخول بيته، وحرم الغيبة وتتبع العورات والتجسس، ونهى عن كل ما يمس كرامة الإنسان واحترامه كالسخرية والاستهزاء والتنمّر، كما حرم كل أنواع القهر والإذلال والإهانة، وحرّم الاعتداء على عرض الإنسان وشرفه وأوجب (حدّ القذف) على من اتهم الآخرين بالزنا دون دليل؛ وذلك صيانة للأعراض من التدنيس وحماية لها من التلوّث.
جاء في الإعلان العالمي: (لا يُتدّخّل في الحياة الخاصّة للإنسان أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو شرفه وسمعته، ولكلّ شخصٍ الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل).
3. حق المساواة:
أثبت الإسلام مبدأ المساواة بين البشر، فهم جميعًا من أصلٍ واحد.
جاء في الإعلان العالمي:
- (كلّ الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة)
- (لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون أية تفرقة بين الرجال والنساء).
4. حق العدل:
أوجب الإسلام العدل وحرّم الظلم والعدوان.
جاء في الإعلان العالمي: (لكل إنسان الحق في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنيّاً للفصل في حقوقه والتزاماته)
5. الحريّة: كفل الإسلام للإنسان الحرية لأنها ضرورة من ضروريات حياته، على ألا يخالف فيها القانون أو يعتدي على حريّات الآخرين وحقوقهم، ومن نماذج هذه الحرية التي كفلها الإسلام:
- حرية الاعتقاد والتدين: فقد كفل الإسلام حرية الإنسان في اختيار دينه ومنع إجبار أحد على دخول الإسلام، كما أعطى أهل الديانات حقّ ممارسة شعائرهم الدينية.
جاء في الإعلان العالمي: (لكل شخص الحق في اختيار الدين)
- حرية الفكر والتعبير عن الرأي: فقد دعا الإسلام إلى إعمال العقل وأمر الإنسان بالتفكر في جميع ما حوله، مع ملاحظة ألا تؤدي ممارسة هذا الحق في التعبير إلى الإضرار بالمجتمع أو نشر ما فيه اعتداء على طهارة المجتمع وأخلاقه وقيمه الأساسية وعفته، أو أن تتّخذ هذه الحرية وسيلة للطعن في الدين والانتقاص منه والسخرية من شعائره.
جاء في الإعلان العالمي: (لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير)
ب. مجال الحقوق الا قتصادية
دعا الإسلام إلى الحفاظ على الحقوق الاقتصادية للإنسان ومنها:
- حق التملك: أقر الإسلام حق الإنسان في تملك المال الذي يحصل عليه بسعيه وكدّه أوما يحصل عليه بسبب ميراث أو غيره من وسائل الكسب المشروعة، ودعا إلى صيانته وحفظة وعدم التعرّض له أو أخذه بالوسائل غير المشروعة.
جاء في الإعلان العالمي: (لكلِّ فرد حقٌّ في التملُّك، ولا يجوز تجريدُ أحدٍ من مُلكه تعسُّفًا).
- حق العمل: أمر الله تعالى الإنسان بالعمل والسعي لطلب الرزق الحلال بطرق مشروعة، كما جعل الإسلام للعامل حقوقاً أوجبها على صاحب العمل وحذّر صاحب العمل من أكل حقوق العامل.
جاء في الإعلان العالمي: (لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية)
ج. مجال الحقوق الاجتماعية
اعتنى الإسلام بالحقوق الاجتماعية للإنسان ودعا إلى توفيرها والمحافظة عليها، ومنها:
- حق التعليم: حثّ الإسلام الناس على العلم، وأوجب عليهم طلبه، وساوى في ذلك بين الذكر والأنثى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخصّص أوقاتًا للنساء لتعليمهن، ويرسل القرّاء إلى القبائل يعلمونهم القرآن وأحكام الدين.
جاء في الإعلان العالمي: (لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم)
حق الزواج وتكوين أسرة: اعتنى الإسلام بالزواج وعدّه سنّة من سنن الحياة، ودعا الشباب إلى الزواج ورغّب في تيسير سبله، وشرّع أحكاماً كثيرةً تتعلّق بالحقوق الزوجية كالمهر والنفقة والميراث وحسن العشرة، وعدّ الزواج رباطاً مقدّساً، وجعله أساسًا لبناء المجتمع.
جاء في الإعلان العالمي: (للرجل والمرأة متى بلغا سنّ الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة والأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع)
د. مجال الحقوق السياسية:
كفل الإسلام لأفراد المجتمع المشاركة في إدارة شؤون البلاد واتخاذ القرارات السياسية المتعلقة بها، بما في ذلك تولي المناصب والترشيح والانتخاب، ومحاسبة المسؤول.
جاء في الإعلان العالمي: (لكل فردٍ الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً، ولكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد)
الإثراء والتوسع
يتفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في كثير من موادّه مع ما جاء في الإسلام من تقرير حقوق الإنسان، إلا أنّ فيه من الموادّ ما يتعارض مع أحكام الإسلام ولا يجوز قبولها وذلك في جوانب عدّة منها:
- جانب الزواج وتكوين أسرة: فقد جاء في الإعلان العالمي: (للرجل والمرأة متى بلغا سنّ الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيدٍ بسبب الجنس أو الدين) فجاء في هذه المادة إطلاق الحق في الزواج دون قيدٍ بسبب الجنس أو الدين، وهو ما يخالف تعاليم الإسلام التي تنصّ على أنّ الزواج يكون بين الرجل والمرأة التي يحلّ له الزواج منها فقط.