الفكرةُ الرئيسةُ
تتحدثُ الآياتُ الكريمةُ عَنْ أصحابِ الكهفِ الذينَ اعتزَلوا قومَهُمْ؛ خوفًا مِنْ إجبارِهِمْ على تركِ دينِهِمْ، فأحاطَهُمُ اللهُ تعالى برعايتِهِ ولطفِهِ، ثُمّ بعثَهُمْ بعدَ نومِهِمُ الطويلِ؛ ليكونوا آيةً وعبرةً للناسِ.
سورةُ الكهفِ الآياتُ الكريمةُ (16 - 20 (
الآيات الكريمة |
معاني المفردات والتراكيب |
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) |
|
أولاً: لطفُ اللهِ تعالى ورحمتُهُ بأصحابِ الكهفِ
- تُبَيِّنُ الآياتُ الكريمةُ صورًا مِنْ لطفِ اللهِ تعالى ورحمتِهِ بالفتيةِ
- لثباتِهِمْ على الإيمانِ باللهِ تعالى.
- واعتزالِهِمْ قومَهُمْ الذينَ كانوا يعبدونَ غيرَ اللهِ تعالى.
- وتُبيّنُ أيضًا أنَّ الفتيةَ بعدَ أَنِ الْتجَؤوا إلى الكهفِ ليُقيموا فيهِ، طلبوا إلى اللهِ تعالى راجينَ أَنْ يبسطَ عليهِمْ مِنْ رحمتِهِ ويُيَسِّرَ لهُمْ أَمرَهُمْ.
- وهذا فيهِ دِلالةٌ على ثقةِ الفتيةِ باللهِ تعالى وحسنِ توكُّلِهِمْ عليهِ سبحانَهُ وتعالى.
- فقَدْ علِموا أَنَّ اعتزالَهُمْ قومَهُمْ في الكهفِ سيقابلُهُ عطاءُ اللهِ تعالى الواسعُ.
ومِنْ صورِ لطفِ اللهِ تعالى بِهِمْ:
- أَنَّ اللهَ تعالى هيَّأَ لهُمْ مِنَ الأسبابِ ما يُبقيهِمْ عى قيدِ الحياةِ.
- فناموا فيهِ سنينَ عديدةً؛ حفظًا لهُمْ مِنَ المشركينَ.
- جعلَ موضعَ نومِهِمْ في الكهفِ مناسبًا لهُمْ.
- بحيثُ إذا طلعَتِ الشمسُ تَميلُ عَنْ كهفِهِمْ جهةَ اليمينِ.
- وعندَ الغُروب تبتعدُ عنهُمْ جهةَ الشمالِ.
- فيدخلُ ضوؤُها ودِفئُها ولا يصلُهُمْ حرُّها؛ فتؤذيهِمْ.
- وتبيّنُ الآياتُ الكريمةُ أنَّهم في متَّسعٍ مِنَ الكهفِ ﴿وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ﴾ ينالُهُمْ مِنَ الهواءِ ما يحتاجونَ إليهِ، .
وتلكَ الرعايةُ والعنايةُ الإلهيةُ للفتيةِ مِنْ عجائبِ صُنعِ اللهِ تعالى الدالّةِ على قدرتِهِ.
- فمنْ يُرِدِ الهدايةَ يوفقْهُ اللهُ تعالى لطريقِ الهدايةِ ويستحقُّ عنايةَ اللهِ تعالى.
- ومَنْ يُرِدِ الضلالَ فلَنْ تجدَ لهُ ناصرًا ولا معينًا يرشدُهُ للحقِّ والخيرِ.
- جعلَ اللهُ تعالى مَنْ ينظرُ إليهِمْ يراهُمْ أنَّهُمْ مستيقظونَ، وجعلَهُمْ يتقلّبونَ أثناءَ نومِهِمْ يمينًا وشمالًا؛ كَيْ لا تتقرّحَ أجسادُهُمْ.
- في قولِه تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ﴾ أسند الله تعالى فعل تقليب الفتية إليه سبحانهَ،ُ وفي هذا تشريف للفتية وبيان لعظيم لطف الله تعالى بِهمِ.
- أمّا الكلبُ الذي كانَ برفقتِهِمْ فقدْ وصفَ اللهُ تعالى هيئتَهُ بأنَّهُ مادٌّ ذراعَيهِ عندَ مدخَلِ الكهفِ وكأنَّهُ يحرسُهُمْ، (وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ).
- ألقى اللهُ تعالى عليهِمْ مِنَ الهيبةِ بحيثُ لَوِ اطّلعَ عليهِمْ أحدٌ وشاهدَهُمْ لأدبَر عنهُمْ؛ هربًا وخوفًا منهُمْ، فلا يقتربُ منهُمْ أحدٌ، ذلكَ كلُّهُ مِنْ آياتِ اللهِ تعالى الدالّةِ على قدرتِهِ ولطفِهِ بأوليائِهِ.
ثانيًا: إيقاظُ الفتيةِ مِنْ نومِهِمُ الطويلِ
تذكرُ الآياتُ الكريمةُ بعضًا مِنْ عجائبِ قدرةِ اللهِ تعالى ورعايتِهِ للفتيةِ.
- فبعدَ أَنْ أنامَهُمْ سنينَ عديدةً أيقظَهَمُ، فسألَ بعضُهُمْ بعضًا عَنِ المدّةِ التي مكثوها في الكهفِ.
- فأجابَ أحدُهُم: يومًا أَوْ بعضَ يومٍ، وأجابَ بعضُهُمْ: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ )، ففوّضوا إليهِ سبحانَهُ عِلمَ ذلكَ، وانشغَلوا بِما هوَ أهمُّ مِنْ مدةِ لبثِهِمْ.
- فطلبوا إلى أحدِهِمْ أنْ يذهبَ إلى المدينةِ ليشتريَ لهُمُ الطعامَ الطيّبَ الحلالَ بِما معهُمْ مِنَ النقودِ، وأوصَوْهُ بأنْ يأخذَ حِذرَهُ حتّى لا ينكشفَ أمرُهُمْ؛ لأنَّ هؤلاءِ القومَ إنْ عثروا عليهِمْ سوفَ يقتلونَهُمْ، أَوْ يردّونَهُمْ عَنْ دينِهِمْ، وهذا خسرانٌ كبيرٌ لهُمْ.
أَسْتَزيدُ
- استدلَّ الفقهاءُ على مشروعيةِ الوكالةِ في البيعِ والشراءِ مِنْ قولِهِ تعالى: ﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ﴾، فقَدْ وكَّلَ أصحابُ الكهفِ أحدَهُمْ بشراءِ طعامٍ لهُمْ.
- والوكالةُ: عقدٌ يُفوّضُ بِهِ شخصٌ شخصًا آخَرَ؛ للقيامِ نيابةً عنهُ بعملٍ جائزٍ معلومٍ.
أَرْبِطُ معَ الفقهِ
يجوزُ اقتناءُ الكلابِ المدرَّبةِ:
- للحراسةِ.
- والصيدِ.
- والمساعدةِ على اقتفاءِ أثرِ المجرمينَ.
- والبحثِ عَنِ المفقودينَ.
- واكتشافِ المخدِّراتِ.
- وغيرِ ذلكَ مِنَ المهامِّ.