التربية الإسلامية فصل أول

المواد المشتركة توجيهي

icon

التعلم القبلي

المسلم يُؤمِن بأركان الإيمان جميعها، ويؤدّي ما يتطلَّبه ذلك من:

1) استقامة.      2) التزام بالعمل الصالح. 

 3) استشعار لآثار الإيمان في حياته.

أولًا: التعريف بسورة البقرة:

من السور المدنية، وعدد آياتها ( 286 ) آية.

سبب التسمية: سُمِّيت بذلك لورود قصَّة بقرة بني إسرائيل فيها،
هي من السور السبع الطِّوال: (البقرة،آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، الأعراف، يونس).

 ثانيًا: المفردات والتراكيب : 

المفردة  المعنى
الْمَصِيرُ الرجوع.
وُسْعَهَا ما تقدر على فعله.
لَا تُؤَاخِذْنَا لا تُعاقِبنا.
إِصْرًا الأمر الثقيل الذي فيه مشقَّة.
مَوْلَانَا ناصرنا ومُعيننا.

 

ثالثا : تفسير الآيات الكريمة :

أ. عظمة الله تعالى:

بيَّنت الآية الكريمة (٢٨٤) من سورة البقرة عظمة الله تعالى بالإشارة إلى ما يأتي:
1)  سَعة مُلْك الله تعالى:(لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
).

ويدلُّ لفظﱡ(ما)في الآية الكريمة على العموم ليشمل جميع ما في الكون، وفي هذا:

  •  تعظيم لله تعالى.
  • طمأنة للإنسان أنَّه في رعايته سبحانه.
  • دعوة له ليعلم أنَّ كلَّ ما في الكون مُلْك لله تعالى، وأنَّ ما يملكه الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنَّما هو وديعة مُسترَدَّة.
  • أنَّه يتعيَّنُ عليه أنْ يكتسب ما يملكه من حلال، ويُنفِقه في الحلال، ويستخدمه في طاعة الله تعالى، ولا ينشغل به عن الآخرة.

2) سَعة عِلم الله تعالى: (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

على أي الأعمال سيحاسب الله تعالى عباده؟

* سيُحاسِب كُلًا منهم على أفعاله وأقواله الظاهرة، أما ما عقد العزم على فعله ولم يفعله، كأن حال حائل أو مانع بينه وبين تنفيذ هذا الفعل، وكان هذا الحائل خارجًا عن إرادته فسيحاسب عليه.

* أمّا إذا عَدَل عن الحرام من تلقاء نفسه؛ خوفًا من الله تعالى، فإنَّه لا يُعاقَب على عزمه، بل يُؤْجَر على عدوله عن القيام بما عزم عليه.

* أنَّ العبد إذا هَمَّ أو نوى أنْ يفعل أمرًا محمودًا ثمَّ لم يفعله لمانع ما، فإنَّ الله تعالى يكتبه في سجلِّ حسنات العبد.

* أمّا حديث النفس الذي يَعرضِ للإنسان، ولا يبلغ به درجة العزم على التنفيذ، فلا يُحاسَب عليه. 
وفي الآية الكريمة:

- دعوة إلى المسلم أنْ يظلَّ مُلتزِمًا بأمر الله تعالى، وبعيدًا عمّا يُغضِبه سبحانه في أفعاله وأقواله وتفكيره.

- دعوة إلى المسلم أنْ يستحيي من الله تعالى فيما يَهُمُّ بالقيام به.

3) رحمة الله تعالى وعدله: قال تعالى:(فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ).

وفي تقديم المغفرة على العذاب بيان لسَعة رحمة الله تعالى، وأنَّ رحمته تسبق غضبه، وأنَّ كلَّ شيء راجع إلى مشيئته سبحانه.
4) كمال قدرة الله عز وجل:قال تعالى:(وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

ب. من حقائق الإيمان:

اشتملت الآية الكريمة (٢٨٥) من سورة البقرة على أمور مُهِمَّة لا يَصِحُّ إيمان الإنسان من دونها، وهي:
1. التصديق الجازم بأركان الإيمان جميعًا: قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)
.

عرضت الآية الكريمة (٢٨٥)لأركان الإيمان الآتية:
الإيمان بالله تعالى: الاعتقاد الجازم بأنهَّ تعالى الإله المُستحِقُّ للعبادة الذي لا إله غيره.
الإيمان بالملائكة: الاعتقاد الجازم بأنَّ الملائكة عباد لله تعالى، يطيعونه، ولا يعصونه. 
الإيمان بكتب الله تعالى: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله تعالى أنزل هذه الكتب على رُسُله الكرام
عليهم السلام.
الإيمان برُسُل الله تعالى: الاعتقاد الجازم بأنَّ الله تعالى بعث في كلِّ أُمَّة رسولًا يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يُعبَد من دونه، وأنَّهم أفضل البشر، وأنَّ سيِّدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وأنَّه لا يَصِحُّ إيمان العبد إلّا بالإيمان بهم جميعًا.

وفي ذِكْر إيمان المؤمنين مع إيمان سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم زيادة في تكريم المؤمنين والثناء عليهم.

2. عدم التفريق بين رُسُل الله الكرام عليهم السلام في وجوب الإيمان بهم جميعًا:

قال تعالى:( لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)

وفي هذا ثناء على المسلمين؛ فهم ليسوا كبعض أصحاب الديانات الذين يؤمنون ببعض الرُّسُل ويكفرون ببعض.
3. الاستسلام لأمر الله تعالى: قال تعالى:(وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا).

4. المسارعة إلى طلب المغفرة من الله عزوجل: قال تعالى:(غُفْرَانَكَ رَبَّنَا).
5. الإيمان الجازم باليوم الآخر: قال تعالى:(وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
).
وفي الآية الكريمة ثناء على سيِّدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وعلى أتباعه المؤمنين، ومدح لهم؛ لاستجابتهم لأمر الله تعالى، وطاعتهم إيّاه، وطلب المغفرة منه.

ج. من مبادئ الشريعة الإسلامية:

تناولت الآية الكريمة (٢٨٦) من سورة البقرة مبدأين من مبادئ الشريعة، هما:
أ . يُسْرُ الشريعة وسهولة أحكامها:كلّ ما أمر به الله سبحانه يقع ضمن قدرة الإنسان وطاقته. قال تعالى:(لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
).

إذا زادت مشقَّة التكليف لمرضٍ أو غيره شُِرعت له الرخصة للتخفيف عنه، مثل جواز الفطر في شهر رمضان للمريض والمسافر.

ب. مسؤولية الإنسان عن عمله: قال تعالى: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).
ويدلُّ التعبير بلفظ (اكْتَسَبَتْ) في جانب السيِّئات، في قوله تعالى:(وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)، على ثِقَل السيِّئة على صاحبها.

 أمّا التعبير بلفظ قال تعالى: (كَسَبَتْ) في جانب الحسنات والطاعات، دلالة على أنَّ المسلم كلَّما اعتاد الطاعة ومارسها سَهُل عليه أداؤها.

وقد دعت الآية الكريمة المؤمنين أنْ يتوجَّهوا إلى الله تعالى بالدعاء؛ وفي هذا دليل على شِدَّة حرص المُؤمِن على عدم الوقوع فيما يُغضِب الله تعالى، ولو كان خطأً أو سهوًا.
وكذلك دعت الآية الكريمة المؤمنين أنْ يتضرَّعوا إلى رَبِّهم ألّا يَشُقَّ عليهم بتكاليف ثقيلة يعجزون عن أدائها، قال تعالى:(رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ
).

ختمت الآية الكريمة بأربع دعوات في قوله تعالى:(وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، وهي:
1) طلب العفو.
2) طلب المغفرة.
3) طلب الرحمة.
4) طلب النصر.

قوله تعالى:(أَنتَ مَوْلَانَا) اعتراف منهم بفضل الله تعالى عليهم، وأنَّه سبحانه يتولّى أمرهم في جميع شؤونهم.

تكرَّر لفظ (رَبَّنَا)؛ إشارةً إلى بعض آداب الدعاء، مثل:

1)التذلُّل لله عزوجل.    2)الرغبة الشديدة في استجابته.    3) الإلحاح في الدعاء.

والدعاء له أثر عظيم في:

أ. طمأنينة القلب.

ب.انشراح الصدر.

ج. الشعور بالسعادة.

د.في الدعاء ذهاب الهَمِّ والغَمِّ والضيق.

هـ. حلول الفَرَج والسرور .

في التوجُّه إلى الله تعالى بالدعاء دلالة على عميق إيمان الداعي ويقينه بقدرة الله عزوجل.
 

الإثراء والتوسع

سبب نزول قوله تعالى:(لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)لماّ نزلت الآية الكريمة الآتية على رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَ إِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ثَقُل ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا رسول الله، كُلِّفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزل الله عليك هذه الآية، ولا نطيقها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَترُيدونَ أَنْ تَقولوا كَما قالَ أَهْلُ الْكِتابَيِْ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنا وَعَصَيْنا؟ بَلْ قولوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا، غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإلَِيْكَ الْمَصيرُ». فلمّا أقرَّ بها القوم، وذلَّت بها ألسنتهم، نزلت الآيات الكريمة 285-286 من سورة البقرة.