الآيات:
قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ َأكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"
معاني المفردات والتراكيب:
- لا تلمزوا: لا يعب بعضكم بعضا بالكلام الخفي أو بالإشارة.
- لا تنابزوا: لا يذم بعضكم بعضا.
- لا تجسسوا: لا تتبعوا عورات الناس.
- لا يغتب: لا يذكر أحد أخاه بما يكره في أثناء غيبته.
التفسير:
حرّم الإسلام على المسلم أن يعتدي على المسلم بكلمة أو فعل أو أن يستعلي عليه، وقد جاءت هذه الآيات الكريمة تؤكد حرمة أعراض الناس وحفظ كرامتهم من خلال:
1- تحريم السخرية من الناس
- حذرت الآيات المسلمين من الاستهزاء بالآخرين والسخرية منهم قولا وفعلا؛ لأن ذلك اعتداء على ما خص به الله تعالى الإنسان من تكريم، فضلا عما يسببه من فتنة وعداوة بين الناس.
- الخيرية بين الناس تكون بالتقوى والعمل الصالح وليس بغير ذلك.
2- تحريم اللمز
- حرم الإسلام اللمز: وهو الإساءة إلى الغير بالكلام الخفي أو بإشارة باليد أو بالعين؛ لما فيه من تقليل شأن الآخرين وإفساد العلاقات بينهم.
3- تحريم التنابز بالألقاب:
- صان الإسلام حق الإنسان وحرّم إيذاء الناس بالألقاب، وقد غير النبي ﷺ ألقاب وأسماء كان ينادى بها أصحابه قبل الإسلام؛ مراعاة لشعورهم وحفاظًا على كرامتهم الإنسانية.
- وسبب نزول قوله تعالى: "وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ" أنه جاء وفد بني سلمة إلى رسول الله ﷺ وكان منهم الرجل الذي له اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعي أحد منهم باسم من تلك الأسماء يكره ذلك، فنزلت الآية.
4- تحريم الظن السيئ:
- أمر الله تعالى المسلم أن لا يظن بأخيه إلا خيرا وحرّم عليه الظن السيء؛ لأنه تعريض بكرامة الإنسان من غير دليل وقد يؤدي إلى إطلاق أحكام ظالمة من غير دليل.
- الأصل في الإنسان أنه بريء من التهم، وعلى المسلم أن يترك الريبة والشك في الناس.
5- تحريم التجسس:
- نهى الإسلام عن انتهاك حرمات الآخرين وتتبع عوراتهم وفضح أسرارهم، لذا يجب على المسلم ترك ما ستر عليه من الناس والاكتفاء بما ظهر منهم، فلنا الظاهر والله يتولى السرائر.
6- تحريم الغيبة:
- يحرص المسلم على ستر عورات الناس وزلاتهم، فلا يشهر بها أمام الناس، وقد شبهت الآيات من يغتاب أخيه المسلم الميت بأكل لحمه، وشبهت الغائب بالميت؛ لأن الغائب لا يستطيع الدفاع عن نفسه كالميت، والغيبة سبب لانعدام الثقة والمحبة بين الناس، وعلى من يغتاب الناس التوبة إلى الله تعالى.
- معيار التفاضل بين الناس هو التقوى وما جعله الله تعالى من منابت شتى إلا من أجل التعارف في ما بينهم.