الْفِكْرَةُ الرَّئيسَةُ
- تُبَيِّنُ الْآياتُ الْكَريمَةُ مَوْقِفَ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام بَعْدَ أَنْ أَصَرَّ قَوْمُهُ عَلى الْكُفْرِ.
- وَتَذْكُرُ الْعِقَابَ الَّذي أَصابَهُمْ.
إِضاءَةٌ
الدُّعاءُ: هُوَ التَّوَجُّهُ إِلى اللهِ تَعالى بِطَلَبِ الْعَوْنِ، وَالْمَغْفِرَةِ، وَالرَّحْمَةِ، وَتَحْقيقِ الحاجاتِ.
أَلْفِظُ جَيِّدًا:
(عَصَوْنِي)، (يَزِدْهُ)، (كُبَّارًا)، (تَذَرُنَّ)، (وَدًّا)، (سُوَاعًا)، (وَنَسْرًا)،
(خَطِيئَاتِهِمْ)، (دَيَّارًا)، (تَذَرْهُمْ)، (وَلِوَالِدَيَّ)، (بَيْتِيَ).
أَفَهَمُ وَأَحْفَظُ
سورة نوح: (۲۱-۲۸)
بسم الله الرحمن الرحيم
(قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا )25(وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)).
الْمُفْرَداتُ وَالتَّرَاكيبُ.
خَسَارًا: كُفْرًا.
مَكَرُوا: تَآمَروا.
كُبَّارًا: كَبيرًا.
لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ: لَا تَتْرُكوا عِبَادَةَ الْأَصْنامِ.
أَضَلُّوا: أَفْسَدُوا.
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ: بِسَبَبِ ذُنوبِهِمْ.
لَا تَذَرْ: لا تُبْقِ.
دَيَّارًا: أَحَدًا يَسْكُنُ الدِّيارَ.
تَبَارًا: هَلاكًا.
أَوَّلًا: لُجوءُ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام إِلى اللهِ تَعالى
- تُبَيِّنُ الْآياتُ الْكَريمَةُ أَنَّ سَيِّدَنا نوحًا عليه السلام بَعْدَ أَنْ دَعا قَوْمَهُ فَلَمْ يَسْتَجيبوا لَهُ، لَجَأَ إِلى اللَّهِ تَعالى يَشْكو قَوْمَهُ؛ لِأَنَّهُمْ:
أ. عَصَوْهُ في مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ عِبادَةِ اللهِ تَعالى وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، قالَ تَعالى: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي).
ب. اتَّبَعوا رُؤَسَاءَهُمُ الَّذينَ لَمْ يَزِدْهُمْ ما أَنْعَمَ اللهُ تَعالى عَلَيْهِمْ مِنَ الْمالِ وَالْوَلَدِ إِلّا كُفْرًا وَعِصْيانًا، قالَ تَعالى: (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا).
ج. تَآمَروا عَلَيْهِ مُؤامَرَةً كَبِيرَةً مُسْتَهْزِئينَ بِدَعْوَتِهِ وَمُعانِدينَ لَهُ، قالَ تَعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا).
د. حَرَّضوا بَعْضَهُمْ عَلى عَدَمِ تَرْكِ عِبادَةِ الْأَصْنامِ، قالَ تَعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ)، وَهِيَ أَصْنامٌ صَنَعوها بِأَيْديهِمْ، وَسَمَّوْها: وَدًّا، وَسُوَاعًا، وَيَغوثَ، وَيَعوقَ، وَنَسْرًا، ثُمَّ عَبَدوها، قالَ تَعالى: (وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا).
هـ. أَفْسَدوا النّاسَ، فَأَبْعَدوهُمْ عَنْ عِبادَةِ اللهِ تَعالى، قالَ تَعالى: (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا).
وَبَعْدَ ذلِكَ طَلَبَ سَيِّدُنا نوحٌ عليه السلام مِنَ اللهِ تَعالى أَنْ يُعاقِبَهُمْ عَلى فِعْلِهِمْ بِسَبَبٍ كُفْرِهِمْ، وَعِنادِهِمْ، وَظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَبُعْدِهِمْ عَنِ الْحَقِّ، قالَ تَعالى: (وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا).
ثانِيًا: عِقابُ اللهِ تَعالى لِقَوْمِ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام
- تُبَيِّنُ الْآيَةُ الْكَريمَةُ الْعِقابَ الَّذي اسْتَحَقَّهُ الْكَافِرونَ مِنْ قَوْمِ سَيِّدِنا نوح بِسَبَبٍ ذُنوبِهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ.
- فَقَدْ عَاقَبَهُمُ اللهُ تَعالى في الدُّنْيا بِالطَّوفانِ (الْغَرَقِ)، قالَ تَعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا).
- وَسَيَكونُ مَصيرُهُمْ في الْآخِرَةِ نارَ جَهَنَّمَ يَدْخُلُونَهَا وَلا يَجِدُونَ فيها مَنْ يَنْصُرُهُمْ، أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُمُ الْعَذابَ ، قالَ تَعالى: (فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا).
ثالِثًا: دُعاءُ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام
- خُتِمَتِ السّورَةُ الْكَريمَةُ بِدُعاءِ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام عَلى الْكَافِرِينَ بَعْدَ أَنْ تَأَكَّدَ مِنْ إِصْرارِهِمْ عَلى الْكُفْرِ، إِذْ إِنَّهُ:
دَعا عَلى الْكَافِرينَ بِالْهَلاكِ
- دَعا سَيِّدُنا نوحٌ عليه السلام اللهَ تَعالى بِأَلّا يَتْرُكَ عَلى الْأَرْضِ أَحَدًا مِنَ الْكافِرينَ، قالَ تَعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا)؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ بَقوا في الْأَرْضِ سَيُضِلُّوا النّاسَ بِضَلالِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، قالَ تَعالى: (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ)، وَسَيُفْسِدوا ذُرِّيَّتَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَيُرَبّونَهُمْ عَلى الْكُفْرِ وَالْمَعاصي، قالَ تَعالى: (وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا).
- ثُمَّ خُتِمَتِ السّورَةُ بِالدُّعاءِ عَلى الْكافِرِينَ بِالْهَلاكِ وَالْخُسْرانِ في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، قالَ تَعالى: (وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا).
دَعا لِلْمُؤْمِنينَ بِالْمَغْفِرَةِ
- دَعا سَيِّدُنا نوحٌ عليه السلام لِنَفْسِهِ بِالْمَغْفِرَةِ، قالَ تَعالى: (رَبِّ اغْفِرْ لِي).
- ثُمَّ دَعا لِوالِدَيْهِ، قالَ تَعالى: (وَلِوَالِدَيَّ).
- ثُمَّ دَعا لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ مُؤْمِنًا.
- وَلِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، قالَ تَعالى: (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).
أَسْتَزيدُ
- تَرِدُ قِصَّةُ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام مَعَ قَوْمِهِ في عِدَّةِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَريمِ، مِنْها:
- سورَةُ الْأَعْرافِ.
- وَسورَةُ الْمُؤْمِنونَ.
- وَسورَةُ الشُّعَراءِ.
- وَهَذِهِ السُّوَرُ اشْتَمَلَتْ عَلى قِصَصٍ غَيْرِ قِصَّةِ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام.
- أَمّا سورَةُ نوحٍ فَهِيَ السّورَةُ الوَحيدَةُ الَّتي تَحَدَّثَتْ في آياتِها كُلِّها عَنْ قِصَّةِ سَيِّدنا نوحٍ عليه السلام.
- وَمِنْ أَهْدَافِ ذِكْرِ قَصَصِ الْأَنْبِياءِ الْكِرامِ عليهم السلام هُوَ التَّخْفيفُ عَنْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ما أَصابَهُ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ.
- وَلِيُبَيِّنَ اللهُ تَعالى لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ النَّبِيَّ الْوَحِيدَ الَّذي كَذَّبَهُ قَوْمُهُ وَآذَوْهُ.
أربط مع التاريخ
- انْتَقَلَتْ فِكْرَةُ عِبادَةِ الْأَصْنامِ مِنْ قَوْمِ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام إِلى الْعَرَبِ فِي شِبْهِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ.
- لِذلِكَ كَانَتْ بَعْضُ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ تَعْبُدُ هذِهِ الْأَصْنامَ الْخَمْسَةَ الَّتي كانَ يَعْبُدُها قَوْمُ سَيِّدِنا نوحٍ عليه السلام.
- حَتّى أَصْبَحَتِ الْكَعْبَةُ قَبْلَ الْإِسْلامِ مَعْبَدًا يَضُمُّ عَدَدًا كبيرًا مِنَ الْأَصْنامِ.