شعر الزهد
هو فن جديد من فنون الشعر ، يمتاز بروحيته الصادقة التي تنبعث من نفس مؤمنة بالله وقلوب خاشعة مفعمة بالإيمان تتوق إلى مرضاة الله والتمتع بنعيمه الخالد.
العوامل التي أدت إلى ظهور شعر الزهد وازدهاره في العصر العباسي:
تضافرتْ في العصر العباسيّ مجموعةٌ من العوامل السياسية والاجتماعية والفكرية المختلفة، والتي ساعدت على نشوء جوّ مُشِعّ بالروحية والحياة الدينية الصادقة؛ ما أدّى إلى ظهور موجة الزُّهد وازدهارها. إذ عُرِف عن الحياة السياسية في العصر العباسي أنها حياة مضطربة. ومن ناحية اجتماعية فقد بلغت الرَّفاهَة الاقتصادية مداها في هذا العصر، وكان تيّار التّرَف شديدًا جارفًا؛ فكان هذا مَدْعاة لدى بعضهم إلى الانصراف عن مشاغل الحياة الدنيا وخلافاتها السياسية وترفها، والاتجاهِ نحو الروحانية والزُّهد لا سيما لدى الفئات الفقيرة. ومن الناحية الفكرية فقد تلاقت في الدولة العباسية الثقافات المختلفة نتيجة لامتزاج الشعوب فشجع ذلك أيضًا ظهور شعر الزهد وازدهاره.
أهم شعراء الزهد في العصر العباسي: أبو العتاهية ، أبو نواس في آخر حياته ، والجارية ريحانة .
موضوعات شعر الزهد في العصر العباسي :
1 - الحب الإلهي كقول الجارية ريحانة:
حَسْب المُحبِّ مِنَ الحبيب بعلمِهِ أنّ المُحِـبَّ ببابِهِ مَطروحُ
والقلبُ فيه وإنْ تنفَّسَ في الدُّجى بِسِهام لَوْعاتِ الهوى مُجروحُ
2 - الدعوة إلى مخالفة النفس والتحكم بها كقول أبي نواس :
وللنَّفْسِ دون العارفاتِ صعوبةٌ فإنْ صَعُبَتْ يومًا عليك فهوِّنْه
وللنَّفْسِ طيرٌ يَنْتَفِضْنَ إلى الهَوى بأجنـحةٍ تَهْوي إليهِ فَسَكِّنْها
3 - الحث على الفضيلة والكف عن شهوات الدنيا ومطامعها كقول الشافعي:
يا مَنْ يُعانِقُ دنيا لا بقاءَ لها يُمسي ويُصْبِحُ في دنْياهُ سَفّارا
هَلاّ تَركْتَ لذي الدّنيا مُعانَقةً حتّى تُعانقَ في الفِرْدَوْس أبْكارا
4 - ذكر الموت والاستعداد لما بعده كقول أبي العتاهية :
يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلةٍ ويَعْيا بداءِ الموتِ كلُّ دَواءِ
خصائص شعر الزهد في العصر العباسي:
- استعمال الألفاظ والمعاني السهلة الواضحة القريبة من الفهم.
- غزارة المضامين الدينية .
- وضوح الصور الفنية وقلة المحسنات البديعية.
- استخدام أسلوب الخطاب المباشر .