قال رسول الله ﷺ : "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان".
يشير الحديث الشريف إلى عدة أمور منها:
- الهمة العالية توصل صاحبها إلى بلوغ غاياته وتحقيق طموحاته.
- والناس ترتفع منازلهم بمقدار علو هممهم ونيل مقاصدهم.
- فصاحب الهمة العالية يتميز بمبادرته للخير، وتعلقه بمعالي الأمور، وإتقانه لما يوكل إليه من أعمال.
- فلا تنتهي إنجازات صاحب الهمة في أمور دينه ودنياه، بل كلما انتهى من إنجاز سعى إلى آخر بهمة ونشاط.
أولا : مفهوم علو الهمة
علو الهمة: قوة الإرادة والعزيمة الأكيدة في بلوغ الأهداف والغايات النبيلة، وتجاوز العقبات للوصول إلى معالي الأمور.
- فعلو الهمة تدفع صاحبها إلى الجد والمثابرة في العمل.
وقد حث رسول الله ﷺ على علو الهمة فقال ﷺ : "إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفاسفها".(سفاسفها: أي رديئها وحقيرها).
- ويتفاوت الناس في علو هممهم لأسباب كثيرة.
- فإذا وجد الإنسان في نفسه فتورا أو تقصيرا فعليه المثابرة والاجتهاد،
والأخذ بوسائل رفع الهمة التي أرشدنا إليها ديننا الحنيف.
ثانيا : وسائل علو الهمة
يستطيع الإنسان أن يكون صاحب همة عالية عن طريق أمور عدة منها:
1- الطموح والغايات
للطموح والغايات النبيلة أهمية كبيرة في علو الهمة وذلك لأنّ
- صاحبها يمتلك رؤية واضحة.
- ويضع لنفسه أهدافا مرحلية بخطط يمكن تحقيقها عن طريق وسائل موصلة لها.
- فيقدر الزمن اللازم لتحقيق أهدافه.
- ويبدأ بالتنفيذ مستعينا بالله تعالى ومتوكلا عليه قاصدًا رضاه تعالى في كل عمل
يقوم به.
- فيستثمر طاقاته ويبذل وسعه لتحقيق طموحه.
دل على ذلك قول الله تعالى: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ،
2 - العلم وإدارة المعرفة
- العلم يرشد الإنسان إلى مصالحه.
- وينير دربه فيبصره بأسباب نجاحه.
- ويضعه أمام التحديات التي تواجهه في طريق تخصصه، فتحفزه على مواجهة الصعاب وحل المشكلات عن طريق :
- تطبيق معرفته وخبراته السابقة.
- فيكسب معارف جديدة، وخبرات تقوده لنجاح آخر.
- فكل نجاح يحققه يكون دافعا للتقدم والنجاح أكثر .
وهذا ما دل عليه قول الله تعالى:" وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا "،
فالنجاح يغذي النجاح، والعمل والإنجاز يغذي العمل والإنجاز.
3- استشعار الأثر والجزاء وتحمل المسؤولية
يحرص صاحب الهمة العالية على نيل رضا الله تعالى في ما يقوم به من أعمال
فيدفعه ذلك إلى الالتزام بواجباته والشعور بالمسؤولية.
قال الله تعالى: { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ،
بالإضافة إلى ما سبق: دل قوله تعالى على أن من يبتغي في عمله رضا الله تعالى فإنه:
- يجتهد في إتقان عمله.
- ويتجاوز ما يعترضه من عقبات بصبره وقوة تحمله.
- لإدراكه ما ينتظره من الثواب ونيل الدرجات العليا في الدنيا والآخرة.
4 - القدوة الحسنة
- يميل الإنسان في طبيعته إلى المحاكاة والاقتداء بغيره،
- ووجود القدوات الناجحة في مجتمعه وبيئته يبث في نفسه اليقين بأنه قادر على تحقيق مراده الرفيع، فيبعث ذلك الهمة في نفسه.
- فقد يقتدي الإنسان بأقرب الناس إليه مثل أبويه أو صديقه، أو شخصية عالمية في مجال معين.
- ويحرص أن تكون قدوة إيجابية غير مثبطة لهمته، وخير قدوة لنا رسول الله ﷺ دل على ذلك قول الله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ }
5-النظرة الإيجابية في أثناء السعي نحو النجاح
النجاح مطلب فطري يسعى إليه الإنسان، ومن أهم مقومات النجاح:
- الثقة بالنفس.
- وبما يمتلكه الإنسان من قدرات تمكنه من تحقيق النجاح.
فصاحب الهمة العالية يستمد ثقته بنفسه من ثقته بالله تعالى لذلك:
- فيأخذ بالأسباب.
- ويتوكل على الله تعالى في النتائج.
- ولا يقف عند المعوقات مهما كبرت منطلقا من قوله تعالى:" فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ "
- فإذا أخفق لم ييأس، بل يستمر في سعيه الدؤوب نحو النجاح.
- وهو مؤمن أن أشد الظروف قساوة هي بداية الفرج ، كما في قوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا }