اعتنى النبي ﷺ بتربية أصحابه على الإيمان والالتزام بمفاهيم الإسلام وقيمه ؛للقيام بحمل الأمانة والمسؤولية في عمارة الأرض وخدمة دينهم ووطنهم.
الأسس التي ربى عليها الرسول ﷺ الشباب من أصحابه:
1- التربية على القيم الإيمانية
- تشكل القيم الإيمانية الأساس الذي يحكم حياة الأفراد والمجتمع، فهي تلك المبادئ والأحكام والأصول الثابتة والمصدر الموجه والضابط والمنظم لأفكارهم ومشاعرهم وطاقاتهم ومواردهم بما فيه خيرهم وخير مجتمعهم، وهذه القيم من الثوابت التي لا تتغير مع تغير الزمان والمكان، ويجب أن تربى الأجيال عليها.
- وللقيم الإيمانية أثر عظيم في المجتمع:
- توحد الأفراد وتجمعهم.
- تدفعهم بنشاط لأداء دورهم المنوط بهم في خدمة مجتمعهم.
- تحدد لهم أهداف حياتهم، ومبادئهم الثابتة لممارسة حياة اجتماعية سليمة.
- تساعد المجتمع على مواجهة التغيرات والمستجدات.
- للتربية السلوكية أثرها في الاستقامة على منهج الإيمان بالله تعالى، والمطلع على تربية النبي ﷺ لأصحابه يجد الكثير من الأمثلة:
- فهو يحثهم على الصدق، ويدفعهم إلى الالتزام به، قال ﷺ: " عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة...".
- وقد أمر ﷺ بطلب العلم والجد في العمل والتحلي بمكارم الأخلاق فطلب من زيد بن ثابت رضي الله عنه تعلم لغة اليهود فتعلمها زيد في وقت قصير وورد عنه ﷺ قوله : " ما أكل أحد طعامًا قط خيراً من أن يأكل من عمل يده".
- وهذا يؤدي إلى تعزيز السلوك الإيجابي عند المسلم الشاب في مجتمعه، وهذه القيم تبعده عن كل مظاهر الانحراف من مخدرات وعنف وأخلاق ذميمة.
- قال ﷺ لعبد الله بن العباس رضي الله عنهما :" يا غلام، إني أعلمك كلمات :احفظ الله يحفظك،..."
- وفي هذا التعليم لابن عباس رضي الله عنهما إشارة إلى الدور الكبير الذي سيكون منه في المستقبل.
- وكذلك في دعائه له أن يفقه الله تعالى في الدين وأن يعلمه التأويل، ثقة منه ﷺ بهذا الشاب وإظهار للدور الذي سيقوم به في المستقبل.
2- التربية المتوازنة
- ربى النبي ﷺ الصحابة رضي الله عنهم تربية حكيمة تجمع بين متطلبات الروح والعقل، والجسد والعاطفة، وبين العلم والعمل، وهذا التوازن الدقيق هو المنهج السليم في التربية ؛ لأن طغيان جانب على آخر سيؤدي إلى خلل في بناء الذات، وانحراف عن منهج الإسلام.
- كان النبي ﷺ يعزز في أصحابه الاستقامة والوسطية والاعتدال والتوازن والإيجابية، والبعد عن التطرف، والاهتمام بكل مظاهر حياة الإنسان.
- قول النبي ﷺ:" فمن رغب عن سنتي فليس مني" للرجال الثلاثة الذين سألوا عن عبادة النبي ﷺ فلما أخبروهم كأنهم تقالّوها، يوجهنا إلى التوازن والوسطية والاعتدال في حياتنا وأعمالنا.
3- بث الثقة في النفوس وتحمل المسؤولية
- عمل النبي ﷺ على تنمية ثقة الشباب بأنفسهم عن طريق تكليف بعض الشباب بالكثير من المسؤوليات الكبيرة والمهمة في خدمة الدين والوطن؛ أدى إلى زيادة الشباب بأنفسهم وتنمية إرادتهم.
- من الأمثلة على تولية الرسول ﷺ للشباب مسؤوليات كبيرة ومهمة:
- عند هجرة النبي ﷺ جعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينام في فراشه، وليرد الأمانات إلى أهلها.
- أنه أمّر أبا عبد الله الثقفي على وفد ثقيف، بالرغم أنه كان أصغرهم سنا.
- بعد فتح مكة استخلف النبي ﷺ عتاب بن أسيد رضي الله عنه قائدا لمكة المكرمة وأمره ان يصلي بالناس.
- كان النبي ﷺ يستخلف عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه على المدينة المنورة عند خروجه منها.
- اختار أبو بكر الصديق رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه لمهمة جمع المصحف وكان شابًا وكذلك، اختاره عثمان بن عفان رضي الله عنه لنسخ المصحف.
4- مشاورتهم في اتخاذ القرارات
- ربى الرسول ﷺ أصحابه وعوّدهم على التصريح بآرائهم عند مشاورته لهم ولو خالفت رأيه.
- فهو إنما يشاورهم تعويدا لهم على التفكير في الأمور العامة ومعالجة مشكلات الأمة.
- ولم يحدث أن عاتب الرسول ﷺ أحدا لأنه أخطأ في اجتهاده.
- ومن الأمثلة على مشاورتهم:
- عندما نزل على رأي الشباب في الخروج لملاقاة المشركين في يوم أحد.
- وكذلك في صلح الحديبية عندما نزل عند رأي زوجته أم سلمة رضي الله عنها بمباشرة النحر وحلق شعره بنفسه عندما تثاقل الناس عن فعل ذلك.
5- الرفق والرحمة
- مدح القرآن الكريم النبي ﷺ لدعوته الناس باللين والرفق ، وحث النبي ﷺ على الرفق فقال : " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه".
- ومن الأمثلة على رفق النبي ﷺ قصة الشاب الذي جاء للنبي ﷺ يستأذنه في الزنا.
6-الإيجابية والفاعلية
- كان النبي ﷺ يوجه طاقات الشباب لما يتقنونه، فيعينهم ذلك على تعزيزه القدرات التي يمتلكونها، وعلى توظيفها في القيام بواجباتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعهم.
- ومن الأمثلة على ذلك:
- إرساله ﷺ مصعب بن عمير رضي الله عنه وكان شابا إلى المدينة المنورة لنشر الإسلام.
- إرساله ﷺ أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما قاضيين ومعلمين لأهل اليمن.