التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ
كرَّم الله تعالى الإنسان، وفضَّله على سائر المخلوقات، وشرع له جُْلة من التشريعات والأحكام التي تُحقِّق إنسانيته، وتُكِّنه من القيام بواجب الاستخلاف الذي كلَّفه الله تعالى به. ومن ذلك: تحريم الاعتداء عليه بالإهانة، والضرب، والقتل، أو التعرُّض لماله وعِرْضه بالسوء والأذى؛ فبذلك تُفَظ إنسانيته، وتتحقَّق السعادة له ولأفراد مجتمعه، ويسود الأمن والاستقرار.
الْفَهْمُ وَالتَّحْليلُ
يتسم المفهوم الإسلامي للكرامة الإنسانية بالعموم؛ فالتكريم مُطلَق للبشرية جمعاء، من دون تمييز بسبب الاختلاف في الدين، أو اللون، أو العِرْق، أو القدرة الجسدية، أو القدرة العقلية. ومن ثَمَّ، فقد وضع الإسلام التشريعات التي تحفظ كرامة الإنسان.
أَتَوَقَّفُ
الكرامة: هي حقُّ الفرد في أنْ تكون له قيمة، وأنْ يُحترَم لذاته، وأنْ يُعامَل بصورة لائقة.
أولًَا: مظاهر تكريم الله تعالى الإنسان
يظهر تكريم الله تعالى الإنسان في صور عديدة، منها:
أ . أمْرُ الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام؛ تقديرًا وتكريمً له. قال تعالى: ﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم﴾.
ب. خَلْقُه في أحسن تقويم من حيث الشكل والجسم. قال تعالى: ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾.وقد منحه الله تعالى العقل، والإرادة، وحرية الاختيار، والقدرة على تمييز الخير من الشَّر، وتمييز الحقِّ من الباطل. قال تعالى: ﴿وهديناه النجدين﴾. وكذلك أنعم الله تعالى عليه بأنْ علَّمه البيان، والقدرة على التعبير والإقناع. قال تعالى: ﴿خلق الإنسان * علّمه البيان*﴾.
ج. تفضيله على سائر المخلوقات. قال تعالى : ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًًا﴾.
د. تسخير الكون له؛ فقد سخَّر الله تعالى كلَّ ما في الكون للإنسان. قال تعالى: ﴿ألم تروا أن الله سخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض﴾.
ه. تكليفه بحمل الرسالة وتبليغها. قال تعالى: قال تعالى: ﴿إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان﴾.
ثانيًا: مبادئ الإسلام لتحقيق الكرامة الإنسانية
أكَّد الإسلام مجموعة من المبادئ والقِيَم التي تُقِّق الكرامة الإنسانية. ومن ذلك:
أ . الحرية: أعلى الإسلام من قيمة الحرية، وجعلها حقًّا من حقوق الإنسان الأساسية ضمن ضوابط لا تُخالِف الشرع أو القانون.
وللحرية صور عديدة، أبرزها حرية الإنسان في الاعتقاد؛ فقد أعطى الإسلام الإنسان الحقَّ في اختيار دينه، وممارسة شعائره الدينية وَفق أحكام دينه. قال تعالى:﴿لا إكراه في الدين﴾.
وكذلك أعطاه الحقَّ في التعبير وإبداء الرأي ضمن ضوابط لا تُفْضي إلى إيذاء الآخرين أو الاعتداء عليهم. وقد سعى الإسلام لتخليص الإنسان من الرِّقِّ والعبودية، وشرع الأحكام التي تقضي على هذه الظاهرة؛ إذ جعل تحرير العبيد مصرفًا من مصارف الزكاة، وحقًّا واجبًا على القادر من المسلمين، وكَفّارةً من كَفّارات الذنوب لبعض المخالفات، وبابًا من أبواب الخير والأجر العظيم.
ب.المساواة بين الناس جميعًا: ساوى الإسلام بين الناس كافَّةً، بصرف النظر عن الدين، واللون، والعِرْق، والإعاقة، والمرض. قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾. وقد بيَّن الإسلام أنَّ الناس جميعًا من أصل واحد.
ج. الأمن: حرص الإسلام على توفير الأمن للإنسان في نفسه وماله وعرِضْه، ومنع الاعتداء عليه في جميع الأحوال؛ سواء أكان ذلك بالشتم والسَّبِّ، أم بالضرب والإيذاء. قال تعالى: ﴿من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا﴾.
الإثراء والتوسع
لا تقتصر الكرامة الإنسانية على الإنسان في حياته، وإنَّما تمتدُّ إلى ما بعد وفاته؛ فقد شرع الإسلام العديد من الأحكام التي تكفل كرامة الإنسان بعد موته، مثل: تغسيله، وتطييبه، وتكفينه، والصلاة عليه، وتشييعه، ودفنه، وتعزية أهله.