أولًا: مفهوم المصلحة وأنواعها
المصلحة: هي المنفعة التي تحصل للناس، عن طريق جلب النفع لهم، أو دفع الضرر عنهم.
تُصنَّف المصالح في حياة الناس إلى ثلاثة أنواع، هي:
أ . المصالح المُعتبَرة: هي المصالح التي قبلها الشرع، وأخذ بها في التشريع؛ لِما فيها من منفعة للناس.
ومن أمثلتها:
- المصلحة الموجودة في نظر الخاطب إلى المخطوبة؛ لِما يحصل بينهما من الأُلفة والمودَّة.
- الأكل من الميتة عند الاضطرار إليه؛ لِما في ذلك من حفظ النفس من الهلاك.
ب. المصالح المُلغاة، هي المصالح التي رفضها الشرع، ورفض الأخذ بها أو مراعاتها في التشريع.
ومن أمثلتها:
- المصلحة المُتحقِّقة لمَنْ يبيع الخمر؛ لِما فيها من ربح المال الوفير.
- كسب المال من الرشوة؛ إذ فيها مصلحة لمن يأخذها، لكنَّ الشرع حرَّمها؛ لِما في ذلك من أكل لأموال الناس بالباطل.
ج. المصالح المُرسَلة، هي المصالح التي لم يَرِدْ في الشرع ما يدلُّ على قبولها أو رفضها.
ومن أمثلتها:
- إنشاء المحاكم الشرعية التي ترعى مصالح الناس وحقوقهم.
- إنشاء مؤسسة لرعاية أموال الأيتام حتى يبلغوا سِنَّ الرشد؛ ففي ذلك مصلحة لحفظ أموالهم.
- إنشاء المؤسسات التي ترعى المعاقين وكبار السِّنِّ وغير ذلك.
ثانيًا: حُجِّية المصلحة
يُقصَد بحُجِّية المصلحة: مدى اعتبارها دليلًا شرعيًّا، ومصدرًا من مصادر التشريع.
وممّا يدلُّ على حُجِّية العمل بالمصلحة المُرسَلة:
أ . قوله تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (الأنبياء: ١٠٧).
ب. عمل الصحابة رضي الله عنهم بالمصلحة من غير خلاف، فكان ذلك إجماعًا منهم، مثل:
- جمعهم القرآن الكريم في مصحف واحد.
- نسخ القرآن الكريم.
- إنشاء الدواوين.
- إنشاء دور القضاء.
ثالثًا: ضوابط المصلحة
أ . ألّا تُعارِض المصلحة حُكْمًا ثَبَتَ بنصٍّ أو إجماعٍ.
مثل: المساواة بين الابن والبنت في الميراث؛ فهذه مصلحة مُلْغاة، وغير مقبولة؛ لمعارضتها نصَّ القرآن الكريم الذي بيَّن نصيب كلِّ وارث. قال تعالى:(للذكر مثل حظ الأنثيين) (النساء:11).
ب. أنْ تكون المصلحة عامَّة، لا خاصَّة؛ وذلك بأن يحقق الحُكْم المطلوب المنفعة لأكبر عدد من الناس، أو يدفع ضررًا عنهم.
مثل: تحريم الإسلام الرِّبا؛ لِما يُسبِّبه من ضررٍ لعموم الناس.
قال تعالى: ﴿وأحل الله البيع وحرم الربا﴾ (البقرة: ٢٧٥)، بالرغم ممّا فيه من مصلحة شخصية لصاحب المال الذي يُقرِض الآخرين.
ج. أنْ تكون المصلحة حقيقية، لا وهمية.مثل:
- ما يتوهَّمه بعض الأشخاص من مصلحة في عدم القصاص من القاتل؛ حفاظًا على حياته.
- القتل الرحيم.
الإثراء والتوسع
من الأحكام الشرعية التي استند العلماء في استنباطها على مراعاة المصالح:
1. جواز تسعير المواد والسلع التي تَلزم الناس في حياتهم.
2. جواز استخدام الطرائق الحديثة في المساعدة على الإنجاب.
3. جواز تشريح جُثَّة الميت لمعرفة سبب الوفاة.