جو النصّ :
سورة آل عمران من السّور المدنية ، بيّنت الآيات الكريمة التي بين أيدينا منها علوّ درجات الرُّسل ، وقصّة مولد مريم ابنة عمران ، وكفالة زكريا ، وقصّة مولد يحيى عليهم السلام ، وبيان صفاته ، ثم اصطفاء مريم - عليها السّلام - وتفضيلها على نساء العالمين ، وما رافق ذلك من معجزات تدلّ على قدرة الله تعالى ، وجاءت تأكيدًا لصدق نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، و تناولت الآيات الكريمة قصّة ميلاد المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- ومعجزاته .
( من الآية 33- الآية 41 )
قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا ... إلى ... وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ )
المناسبة :
لمّا بينّ الله تعالى أنّ محبّته لا تتمّ إلّا باتّباع الرّسل وطاعتهم ، ذكر مَن أحبّهم واصطفاهم من الرّسل ، وبيّن علوّ درجاتهم وشرف مناصبهم ، فبدأ بآدم أوّلهم ، وثنّى بنوح ، ثم أتى ثالثًا بآل إبراهيم ، فاندرج فيهم رسول الله – صلّى الله عليه وسلم – ثم أتى رابعا بآل عمران فاندرج فيهم عيسى عليه السّلام ، وأعقب ذلك بذكر ثلاث قصص : قصّة ميلاد مريم ، وقصّة ميلاد يحيى ، وقصّة ميلاد عيسى عليهم السّلام ، وما فيها من خوارق للعادة تدل على قدرة العليّ القدير .
من الآية ( 42) إلى نهاية الآية ( 51 ) .
قال الله تعالى : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ ...إلى .. هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ )
المناسبة :
لمّا ذكر تعالى قصّة ولادة يحيى بن زكريا من عجوز عاقر وشيخ قد بلغ من الكِبَر عتيّا ، وذلك بمقتضى السّنن الكونيّة شيء خارق للعادة ، أعقبها بما هو أبلغ و أروع في خرق العادات ، فذكر قصّة ميلاد السيّد المسيح من غير أب ، وهي شيء أعجب من الأوّل ، فذكر ولادته من مريم البتول ليدلّ على بشريّته ، وأعقبه بذكر ما أيّده الله به من المعجزات ، ليشير إلى رسالته ، وأنّه أحد الرّسل الكرام الذين أظهر الله على أيديهم خوارق العادات .