التربية الإسلامية فصل أول

المواد المشتركة أول ثانوي

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ

هيّأ الله تعالى لسيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم أصحابًا أوفياء صادقين، نقلوا الإسلام إلى من بعدهم، وضحّوا في سبيل الله تعالى، فكان منهم من هاجر تاركًا بلاده وأمواله وأولاده ابتغاء رضوان الله تعالى وهم المهاجرون، وكان منهم الأنصار الذين استقبلوا المهاجرين وأنفقوا أموالهم في سبيل الله تعالى.

والواجب على المسلمين معرفة سيرة أولئك الصحابة الكرام والدّفاع عنهم والاقتداء بهم.

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

معاذ بن جبل رضي الله عنه صحابيّ جليل، كان له دور كبير في الدّعوة إلى الله تعالى.

أولًا: التّعريف بالصّحابيّ الجليل

اسمه ونسبه

معاذ بن جبل الخزرجيّ الأنصاريّ.

صفته

أعلم الناس بالحلال والحرام.

وفاته

توفي سنة 18 هـ، ودفن في غور الأردنّ.

 

ثانيًا: إِسلامه

  • أسلم سيّدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه وهو شابّ لم يتجاوز ثمانية عشر عامًا من عمره، على يد الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي أرسله النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد بيعة العقبة الأولى ليدعو أهلها إلى الإسلام.
  • وكان معاذ رضي الله عنه أحد الأنصار السّبعين الذين التقوا بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في موسم الحجّ وبايعوه بيعة العقبة الثّانية.

 

ثالثًا: مكانته

كان لسيّدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه مكانة عظيمة في الإسلام، وممّا يدل على ذلك:

أ . علاقته بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم:

  •  كان لسيّدنا معاذ رضي الله عنه مكانة خاصّة عند سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان من أحبّ الناس إليه، وقد صرّح له النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: «إنِّ لأحبُّكَ » [رواه النسائي]. وفي هذا دلالة على حسن تواصل النّبيّ صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِذا أَحَبَّ أَحدُكم أَخاهُ فلْيُعْلِمْه »، [رواه ابن حبان]
  • كما أنّه صلى الله عليه وسلم مدحه وأثنى عليه لبيان مكانته فقال: «نِعْمَ الرَّجلُ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ » [رواه أحمد].
  • ولمّا أرسله النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ودّعه وقال له: «يا معاذُ! إنَّك عسى أنْ لا تلقانِي بعدَ عامي هذا، ولعلّك أنْ تمرَّ بمسجدِي هذا وقبري؛ فبكى معاذ لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم» [رواه أحمد].

ب. علمه:

  • كان سيّدنا معاذ رضي الله عنه من قرّاء الصحابة ومن حفظة القرآن الكريم في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِن أَرْبَعَةٍ، مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسالِمٍ مَوْلى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيّ، وَمُعاذِ بنِ جَبَلٍ » [رواه البخاري ومسلم].
  • كما أنّه رضي الله عنه اشتهر بالعلم الغزير وكان مجتهدًا يحرص على طلب العلم حتّى وصفه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأنّه أعلم الناس بالحلال والحرام، قال صلى الله عليه وسلم: «وأَعلَمُهم بالحلالِ والحرامِ مُعاذُ بنُ جَبلٍ » [رواه أحمد].
  • وفي السّنة التّاسعة للهجرة أرسله النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى اليمن معلِّماً وقاضيًا، يعلِّم الناس القرآن الكريم وأحكام الإسلام ويقضي بينهم، وقد بقي في اليمن حتّى خلافة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه.

 

رابعًا جهاده في سبيل الله تعالى

  • شهد معاذ بن جبل رضي الله عنه المعارك والغزوات كلّها مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
  • ولمّا عاد من اليمن في خلافة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه طلب أن يخرج مع جيوش المسلمين إلى فتح الشّام، ومكث بإمرة أبي عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه فترة من الزّمن.
  • ولمّا توفي أبو عبيدة رضي الله عنه على إثر الطّاعون الذي أصاب أهل الشّام، ولاّه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إمارة الشّام، لكنّ ذلك لم يدم طويلاً؛ فقد أصيب رضي الله عنه بالطّاعون فمات على إثر ذلك بعد أن بلغ من العمر ثمانٍ وثلاثين سنة.

 

صورة مشرقة

  • في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه أربعمئة دينار من الذّهب من باب الصّلة فقال معاذ رضي الله عنه: وصله الله، ثم قسّم المال بين الفقراء وأصحاب الحاجة.
  • كان معاذ بن جبل رضي الله عنه حريصًا على الدّفاع عن إخوانه في غيابهم، ومن ذلك أنّه لما تخَلَّف كَعْب بن مَالكِ رضي الله عنه عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، ذَكَرْهُ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في تَبُوكَ، فَقَال وهو جَالِسٌ في القَوْم: «ما فَعَلَ كَعْبٌ؟» فَقَالَ رَجُل مِن بَنِي سَلَمَة: يا رَسولَ الله،ِحبسه بُرْدَاهُ ونَظَرُهُ في عِطْفِهِ، (يرُيد بذلكَ أَنْ يَتَّهِم كَعبًا بأنَّ الذي حبَسَه إعْجابُه بنفْسِه وكِبرُه)، فَقَالَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ: بئْسَ ما قُلْتَ، والله يا رَسولَ الله ما عَلِمْنَا عليه إلّا خَيْراً، فَسَكَتَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم» [رواهُ البخاريّ ومسلم].

فهنا ردَّ مُعاذ بن جَبل رضي الله عنه عن كعبٍ في غيابِه، ودافع عنه، وأثْنى عليه، وذكَر أنّهَم ما عَلمِوا عن كَعبٍ إلَّا خَيرًا، فلم يكُنْ يومًا مُتكبِّرًا، ولا مُعجَبًا بنفْسِه، ولا مُتخلِّفًا عن رَسولِ اللهِ ، فلا بدَّ أنَّ هناك عُذرًا منَعَه. فلمّا علمِ كعبٌ بذلك قدَّر له موقفه هذا.

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

  •  كان معاذ بن جبل رضي الله عنه نموذجًا لشاب طموح حقق نجاحات كبيرة في سن مبكرة، فكان صاحب منهج واضح في القضاء، وقد ظهر ذلك لمّا أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال له: «كيفَ تصنَعُ إنْ عَرَضَ لكَ قضاءٌ؟ » قالَ معاذٌ رضي الله عنه: أقضي بما في كتاب اللهِ. قالَ صلى الله عليه وسلم : «فإنْ لم يكنْ في كتابِ الله » قالَ معاذ رضي الله عنه: فبسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالَ صلى الله عليه وسلم : «فإنْ لم يكنْ في سُنَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ » قالَ معاذ رضي الله عنه: أجتهد برأيي، لا آلو (لا أُقصِّر في بذلِ الجهد). فضرب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بيده على صدرِ معاذ رضي الله عنه ثم قالَ: «الحمدُ للهِ الذي وفَّقَ رسولَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لمَّا يُرضي رسولَ اللهِ » [رواه أحمد].
  • من مقامات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم  الموجودة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة؛ مقام وضريح الصّحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قرب بلدة الشّونة الشّماليّة، وقد قامت اللّجنة الملكيّة لإعمار مقامات الصّحابة الكرام بتجديد هذا المقام بصورة تبرز مكانة هذا الصّحابي الجليل.