البلاغة العربية والنقد الأدبي فصل ثاني

الأول ثانوي أدبي

icon

حال النقد في عصر صدر الإسلام:

لم يختلف النقد الأدبي كثيراً في هذا العصر عما كان عليه في العصر الجاهلي، إذ ظل على شكل ملاحظات أقرب إلى النقد الانطباعي والجزئية والإيجاز وعدم استخدام المصطلحات الثابتة على نحو ما كان في العصر الجاهلي. وإن برزت إلى حد ما خصيصة التعليل والعناية بالتجربة الإيمانية في الأدب والنقد.

فقد أثار القرآن الكريم في نفوس العرب تساؤلات مهمة حول ضرورة التمييز بين التجربة الجمالية والتجربة الإيمانية وأن التجربة الإيمانية هي المنشودة عند الأديب والناقد .

معايير النقد في عصر صدر الإسلام :

ويتمثل ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام ،وقبيحه كقبيح الكلام " .فالشعر الجيد لدى الرسول- صلى الله عليه وسلم - ما كان موافقاً للحق وتعاليم الدين الإسلامي، مؤكداً القيم العليا ومبادئ الخلق القويم والفضيلة ،أي بعبارة النقد الأدبي ما تميز بصحة الأفكار ،ومن ثم أعجب الرسول - صلى الله عليه وسلم -  بقصيدة كعب بن زهير (بانت سعاد) لالتزامها القيم الإسلامية وبعدها عما  لم يقره  الإسلام من قيم الجاهلية وكان من شدة إعجابه بها أنه خلع على كعب بردته حين أنشده القصيدة.

وكذا كان الخلفاء الراشدون ومن عاصرهم من الصحابة فقد عنوا بموافقة الشعر لقيم الحق والفضيلة وموافقة التعاليم الإسلامية أي الاهتمام بصحة الأفكار ولكنهم أضافوا التفاتهم إلى العناصر الأخرى مثل: اللغة والإيقاع والعاطفة والصورة .

فأبو بكر رضي الله عنه يقدم النابغة الذبياني لحسن شعره وعذوبته أي لجودة لغته وسلامة إيقاعه.

وعمر رضي الله عنه يحكم لزهير بأنه شاعر الشعراء ثم يشفع حكمه بأسبابه وهي: أنه كان لا يتبع حوشي الكلام، ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ،ولا يمدح الرجل إلا بما فيه.

ومعنى هذا أنه كان يؤثر التناسب في اللغة الأدبية والإيحاء والوضوح في الصورة إضافة إلى أنه يعد صدق العاطفة وصحة الأفكار في الشعر أصلًا من أصول النقد.

وعثمان رضي الله عنه فضل كذلك شعر زهير لما يتجلى فيه من صحة الأفكار .

كذلك نجد الإمام علي رضي الله عنه يقول كلمة تنم عن ذوقه الأدبي فقد قضى لامرئ القيس بتقدمه على غيره من الشعراء إذ يقول :" رأيته أحسنهم نادرة وأسبقهم بادرة وأنه لم يقلل لرغبة ولا رهبة " وهذا لأنه سبق الشعراء إلى المعاني المبتكرة وكان أحسنهم بديهة وابتكارًا في طرائق الشعراء وأكثرهم جودة في الأفكار والصور.

خصائص النقد الأدبي في عصر صدر الإسلام:

أولًا: الحرص على التجربة الإيمانية في الأدب والنقد.

ثانيًا: تعليل الحكم النقدي وتفسيره.