تاريخ العرب فصل أول

الأول ثانوي أدبي

icon

 

عاشت البلاد العربية في أواخر الحكم العثماني حالة من الجمود والانغلاق بسبب سياسة العزلة التي فرضتها الدولة العثمانية على الوطن العربي وما رافقها من ظلم واستبداد، بينما كانت أوروبا تشهد نهضة علمية وأدبية رافقتها اكتشافات جغرافية، وثورة صناعية، وحركة استعمار أعطتها مركز القيادة للعالم بأسره، وأطلق مفهوم النهضة العربية الحديثة على سلسلة التحولات الفكرية والسياسية التي أدت إلى تنبه العرب إلى ماضيهم المجيد، وإدراكهـم واقعهم المتردي وسعهم لإحياء الماضي وبعثه ما فيه من أصالة وتراث عربي وإسلامي مجيد والعمل على تجاوز هذا الواقع والتحديات الداخلية والخارجية من أجل مستقبل أفضل.

وقد تضافرت عدة عوامل ساهمت في ظهـور النهضة العربية الحديثة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي واتسعت وتنوعت خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين للميلاد ومنها: التأثر بالفكر الأوروبي وظهور الجمعيات والأحزاب السياسية  ومساوئ حكومة الاتحاديين والفكر القومي للشريف الحسين بن علي

كان  لتأثير  الفكر العربي بالفكر الأوروبي دور بارز في تعرف العرب على الحركات السياسية

الغربية التي تطالب بالحرية والعدالة والمساواة والوحدة ، وقد اتصل العرب بالفكر الأوروبي عن طريق:

1- الحملة الفرنسية على مصر وبلاد الشام (۱۷۹۸- 1801م)

2 - إصلاحات محمد علي باشا أسهمت إصلاحات محمد علي باشا في مصر وبلاد الشام في ظهور النهضة العربية

3 - الإرساليات التبشيرية في البلاد العربية

تعـد الإرساليات التبشيرية من أقوى أدوات الغـزو الثقافي، وقد بدأت تفـد إلى بلاد الشام في القرن السابع عشر الميلادي، وكان معظـم المبشرين من أتباع المذهبين الكاثوليكي والبروتستانتي

4 – الاستشراق يعـود اهتمام الأوروبيين بالإنتاج الفكري العربي والإسلامي إلى العهود الإسلامية الأولى وأخـذ الاهتمام يزداد مع الزمن فكان من العوامل الرئيسة في قيام النهضة الأوروبية في مطلع العصور الحديثة

أما الجمعيات والأحزاب السياسية : كان للاحتلال العسكري الأوروبي الذي حل ببعض البلاد العربية والإسلامية ابتداء من الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وعجز الدولة العثمانية عن مواجهة هذا التحدي أن شعـر عدد من المفكرين السياسيين والعلماء والمصلحين بالفجوة الواسعة بين التفوق السياسي

والعلمي لأوروبا من جهة والتاجر والضعف الذي تعانيه البلاد العربية في المجالات كافة من جهد أخرى، فكان لهم دور بارز في النهضة الفكرية العربية، وأيقظوا بخطبهم وكتاباتهم التي نشروها في الصحف والمحلات الإحساس القومي عند الأمة العربية ودعوتهم للتحرر والاستقلال.

أما مساوئ حكومة الاتحاديين فقد  اتخذت الحركة العربية في مراحلها الأولى طابع الحركة الإصلاحية التي تسعى إلى قيام حكم ذاتي للعرب أكثر من سعيها إلى الاستقلال التام حرصا منها على الرابطة الإسلامية، إلا أن حكومة الاتحاد والترقي قامت بعزل السلطان عبد الحميد الثاني عام ١٩٠٩م، وعينت محمد رشاد سلطانا بالاسم، فسيطروا على السلطة، ومارسوا سياسة عنصرية متعصبة للعنصر التركي (سياسة التريك) فجعلوا المناصب العليا في الإدارة والجيش بيد الأتراك، وشددوا من قبضة الحكم المركزي التركي، وأجبروا القوميات المختلفة في الدولة على تعلم اللغة التركية وجعلوها لغـة العلم في المدارس، وفرضوا الضرائب الباهظة، وطالب بعضهم بطرد العرب مـن أوطانهم، وتوطين جاليات تركية بدلا منهـم. ونقل الضباط العـرب إلى المناطق البعيدة، وتشجيع الصحافة التـي تمجد تعصبهم لقوميتهـم الطورانية، فاصطدمت هـذه السياسة مع مصالح العرب وتمسكهم بقوميتهم ودينهم لغتهم، ولعـل هذه الخطوة لعبت دورا هاما في إثارة المشاعر القومية ضد الحكم التركي في دولة متعددة العناصر والقوميات .

 كان الفكر القومي للشريف الحسين بن علي : هو رائد الفكر القومي في العصر الحديث؛ لأن همه الأول  كان تحرير  العرب ووحدتهم بعد أكثر من أربعة قرون من التغييب والاستلاب. الحسين بن علي بفكره القومي هو مرجعية فاضلة وقادرة على التعامل مع الأحداث الكبرى ومستوعبة لحركة السياسة ومدركة لطبيعة الأوزان التفاوضية في القضايا الدولية؛ مما جعله ملاذا للعرب وزعيما لقضيتهم .ويحفظ التاريخ العربي تضحياته في سبيل الاستقلال والحرية للعرب وتكريس حياته لخدمة  الأمتين العربية والإسلامية والدفاع عن مصالحهما في كل المحافل الدولية.

 وقد ظهر فكر الحسين بن علي من خلال مراسلاته مع السير (مكماهون)، وخطاباته السلطان العثماني، ومنشورات الثورة العربية الكبرى حيث تضمنت ما يلي:

1 – التأكيد على استقلال البلاد العربية، والتمسك بالوحدة العربية.

2 - شمولية النهضة العربية لتشمل كل عربي صادق لوطنه مخلص لقومه.

3 – أمة العرب واحدة لا فرق بين أحد في دينه .

4 – المواطنة الحقيقية هي الإيمان بهذا الوطن والانتماء إليه بغض النظر عن الجذور والمنابت أو اعتبارات أخرى.

5 – التأكيد على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة.

6 – التأكيد على عروبية فلسطين، ورفضه التنازل عنها.