الدرس الخامس :مقاومة المماليك لوجود الفرنجة
أولاً: مقاومة المماليك للفرنجة في مصر
أدرك الفرنجة أن السبيل لبقاء سيطرتهم على بلاد الشام هو احتلال مصر، لذا تكررت محاولاتهم للسيطرة عليها، فشنوا حملة جديدة هي الحملة السابعة، يقودها ملك فرنسا لويس التاسع. وبعد أن تمكن الملك الناصر داود من استعادة بيت المقدس، وصلت الحملة السابعة قبالة دمياط عام( ٦٤٧هـ/١٢٤٩م)، ونجح الفرنجة باحتلال المدينة من دون قتال، وفي تلك الأثناء توفي الملك الصالح، فأخفت شجر الدر خبر الوفاة لكي لا تتأثر معنويات الجيش.
حاول الفرنجة في تلك الفترة التقدم تجاه مدينة المنصورة، فتصدى لهم المماليك الذين نظموا دفاعات المدينة، وتمكنوا من هزيمة الفرنجة وأسر الملك لويس التاسع، الذي أفرج عنه بعد دفع فدية كبيرة وجلاء الفرنجة عن دمياط. ولذلك انتهت الحملة الفرنجية السابعة عام (٦٤٨هـ/١٢٥٠م)،.وقد اقترنت حوادثها بنهاية الدولة الأيوبية وقيام دولة المماليك في مصر .
ما دوافع توجه حملة الفرنجة السابعة إلى مصر ؟
استرداد بيت المقدس بعد أن تمكن الملك الناصر داود ملك الكرك من تحريرها من أيدي الفرنجة .
سم قائد حملة الفرنجة السابعة الذي وقع في أسر المسلمين.
الملك لويس التاسع .
سم القائد المملوكي الذي نجح في التصدي للحملة الفرنجية السابعة وإفشالها.
الملك الناصر داود .
ثانياً: مقاومة الفرنجة في بلاد الشام
كانت الفترة التي تلت رحيل حملة الفرنجة السابعة على مصر، حتى تولى السلطان بيبرس حكم مصر وبلاد الشام عام (٦٥٨هـ/١٢٦٠م)، فترة هدوء ومسالمة بين الفرنجة والمسلمين؛ بسبب انشغال كل فريق بمشاكله الداخلية، إلا أن الموقف تغير في عهد السلطان الظاهر بيبرس وخلفائه، إذ تغيرت سياسة المماليك تجاه الفرنجة في بلاد الشام بعد أن حاول الفرنجة التعاون مع المغول ضد المسلمين، خاصة بعد أن سمحت بعض الإمارات الفرنجية لعدد من الحاميات المغولية بالنزول في حصونها من باب التعاون العسكري ضد المسلمين.لذا وجه المماليك مجموعة من الحملات العسكرية لمواجهة الخطر الفرنجي والمغولي.
السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس هو رابع السلاطين المماليك بعد عز الدين أيبك وابنه علي ثم سيف الدين قطز. ولد عام (٦٢٠هـ/١٢٢١م)، وحقق العديد من الانتصارات في حياته ضد الفرنجة والمغول، ابتداء من معركة المنصورة ثم معركة عين جالوت، التي ما إن انتهى منها وعاد لمصر حتى بويع له بالسلطنة، خلفا للسلطان سيف الدين قطز عام (٦٥٨هـ/١٢٦٠م)، وظل سلطانا حتى وفاته عام (٦٧٦هـ/١٢٧٧م).ومن أبرز أعماله إحياء الخلافة العباسية في القاهرة بعد ما قضى عليها المغول في بغداد. |
و في ما يأتي عرض لجهود السلاطين المماليك العسكرية ضد الفرنجة:
١-مقاومة المماليك للفرنجة في عهد السلطان الظاهر بيبرس (٦٥٨-٦٧٦هـ/
بدأت الحرب بين المماليك والفرنجة في عهد السلطان بيبرس على شكل مناوشات محلية، وفي مطلع عام (٦٦٣هـ/١٢٦٥م)، أخذ المماليك في الدخول في عمليات حربية واسعة النطاق ضد الإمارات الفرنجية الساحلية، فاستولوا على قيسارية ثم ارسوف في الجنوب.
وفي السنة التالية (٦٦٤هـ/١٢٦٦م)، هاجم بيبرس قلعة صفد، وتمكن من الاستيلاء عليها، فتحطمت معنويات الفرنجة الذين سارعوا العقد هدنة مع السلطان بيبرس. وفي سنة (٦٦٦هـ/١٢٦٨م)، حرر بيبرس مدينة يافا، ووجه ضربة حاسمة إلى أهم إمارة فرنجية، وهي أنطاكيا في أقصى الشمال،وهذا سبب كارثة للوجود الفرنجي في بلاد الشام، ثم أخذ بيبرس في مهاجمة إمارة طرابلس سنة (٦٦٩هـ/١٢٧٠م)،فاستولى على المنافذ المؤدية لها والحصون المحيطة بها، مثل: حصن الأكراد، وحصن عكار.
ما السياسة التي اتبعها السلطان الظاهر بيبرس في مواجهة الفرنجة؟
توجيه مجموعة من الحملات العسكرية لمواجهة الخطر الفرنجي والمغولي.
اذكر الأماكن التي حررها المماليك في عهد السلطان الظاهر بيبرس.
قيسارية ، ارسوف ، صفد ، يافا ، أنطاكيا ، حصن الأكراد ، حصن عكار.
٢-مقاومة المماليك للفرنجة في عهد السلطان المنصور قلاوون (٦٧٨-٦٨٩هـ/١٢٧٩-١٢٩٠م)
واصل السلطان المنصور قلاوون مسيرة السلطان
السلطان المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي هو سابع السلاطين المماليك البحرية، شارك في معركة المنصورة ومعركة عين جالوت، ولما تولى بيبرس الحكم أصبح قلاوون أكبر أمرائه، فكانت علاقتهما مميزةً. |
بيبرس في محاربة الفرنجة، ففي عام (٦٨٤هـ/١٢٨٥م)، شن هجوما على منطقة الساحل الشامي، فاستولى على حصن المرقب، وهو من أمنع الحصون الفرنجية، وفي عام(٦٨٦هـ/١٢٨٩م)،خرج بنفسه على رأس جيش ضخم، ففرض حصاراً على إمارة طرابلس الفرنجية لمدة شهرين تمكن بعدها من تحريرها. وجد قلاوون الفرصة سانحة للانقضاض على المدن المتبقية في أيدي الفرنجة مستغلا ضعف جبهتهم، فتمكن من الاستيلاء على بيروت وجبلة. وقد توفي السلطان المنصور قلاوون قبل أن يحقق حلمه في طرد الفرنجة من المنطقة بشكل كامل.
٣-مقاومة المماليك في عهد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون (٦٨٩-٦٩٣هـ/١٢٩٠-١٢٩٣م)
بعد أن توطد حكم السلطان الأشرف خليل، بدأ
السلطان الأشرف خليل صلاح الدين هو ابن الملك المنصور سيف الدين قلاوون ، ثامن سلاطين الدولة المملوكية البحرية، ولد في القاهرة عام (666هـ/1267م )، وتوفي قرب الإسكندرية (693هـ/1293م). |
يعد العدة لتحرير آخر معاقل الفرنجة، وهي عكا
التي كانت من بقايا مملكة بيت المقدس الفرنجية،
ولما كان الفرنجة في عكا يدركون خطورة موقفهم،
فقد أرسلوا إلى ملوك أوروبا يطلبون منهم العون
والمساعدة، إلا أنه لم يصلهم أي دعم يذكر، باستثناء
ما قدمه ملك قبرص الفرنجي من قوة عسكرية لدعم
تحصينات المدينة . فرض السلطان الأشرف خليل حصارا على مدينة عكا، دام أربعة وأربعين يوماً، انتهى بتحرير المدينة من قبضة الفرنجة عام (٦٩٠هـ - ١٢٩١م)، بعد احتلال دام مئة عام.وبعد تحرير عكا نجح الأشراف خليل عام (٦٩٢هـ/١٣٩٢م)، بفتح مدن الساحل الشامي: صور وصيدا وحيفا وطرطوس وعتليت، ثم دمر كل المواقع والمدن والحصون الساحلية ليحرم الفرنجة منها، وبهذا فقد الفرنجة جميع معاقلهم على ساحل بلاد الشام، ما عدا جزيرة أرواد، الواقعة مقابل طرطوس التي تحررت عام (٧٠٣هـ/١٣٠٢م).
تأمل الخريطة (2-11) ، والتي تبين المواقع التي حررت من بقايا الفرنجة في بلاد الشام.