الْفِكْرَةُ الرَّئيسةُ
تتنوّعُ أعمالُ الحجِّ بينَ الركنِ، والواجبِ، والسُّنّةِ، وكلٌّ منها يُؤدّى بكيفيةٍ محدَّدةٍ، وفي أوقاتٍ وأماكنَ معيّنةٍ.
أستنيرُ
بعدَ أنْ رجعَ أبو ياسرٍ وزوجتُهُ منَ الحجِّ، حضرَ الأقاربُ والأصدقاءُ لتهنئتِهِما بأداءِ هذهِ الفريضةِ العظيمةِ. ولمّا غادرَ الناسُ، بدأَ أبو ياسرٍ يحدّثُ أسرتَهُ عن رحلةِ الحجِّ.
الأبُ: الحمدُ للهِ الذي أعانَنا على أداءِ فريضة الحجِّ، لقد كانت رحلةً عظيمةً، اللهمَّ تقبّل منّا حجَّنا وصالحَ أعمالِنا.
الأمُّ: اللهمَّ آمينَ، اللهمَّ آمينَ. نعم، لقد كانت رحلةً رائعةً، أدَّينا خلالَها مناسكَ الحجِّ، ونسألُ اللهَ تعالى أنْ يتقبَّلها منّا.
ياسرٌ: حدِّثني يا أبي، كيفَ بدأتُم في أداءِ فريضةِ الحجِّ؟
الأبُ: بدأنا أعمالَ الحجِّ عندما خرجنا منَ المدينةِ المنورةِ إلى ميقاتِ ذي الحُليفةِ (آبارِ عليٍّ)، فأحرَمنا للعمرةِ ولبسنا ملابسَ الإحرامِ، ونَوَيْنا بقولِ: (لبّيكَ اللهمَّ عمرةً مُتَمَتِّعًا بها إلى الحجِّ)، وبعد أنْ وصلنا إلى مكةَ المكرمةِ أدَّينا العمرةَ، ثمَّ تحلَّلنا من الإحرامِ، وبقينا في مكةَ المكرمةِ، وكنّا نحرصُ على أداءِ الصلواتِ الخمسِ في المسجدِ الحرامِ حتى اليومِ الثامنِ من ذي الحجةِ.
الأمُّ: وفي اليومِ الثامنِ من ذي الحجةِ أحرمنا للحجِّ من مكانِ
سكنِنا في مكةَ المكرمةِ، ثمَّ اتجهنا إلى مِنى، وبِتنا فيها تلكَ الليلةَ إلى صباحِ يومِ عرفةَ.
هدى: وماذا فعلتُم في يومِ عرفةَ؟
الأبُ: يومُ عرفةَ هوَ اليومُ التاسعُ من شهرِ ذي الحجةِ، وفيهِ توجّهنا إلى عرفاتٍ بعدَ شروقِ الشمسِ، وبقينا فيهِ إلى ما بعدَ غروبِها بقليلٍ، وأشغلنا وقتَنا بالدعاءِ والذكرِ، وقراءةِ القرآنِ الكريمِ، والصلاةِ على سيدِنا رسولِ اللهِ ﷺ، وصلَّينا الظهرَ والعصرَ جمعًا وقصرًا.
ياسرٌ: وبعدَ غروبِ شمسِ يومِ عرفةَ، ماذا فعلْتُمْ؟
الأمُّ: بعدَ غروبِ الشمسِ غادرنا عرفاتٍ إلى مزدلفةَ، وعندَما وصلنا إليها صلَّينا المغربَ والعشاءَ جمعًا وقصرًا، ومكثنا فيها إلى فجرِ يومِ عيدِ الأضحى المباركِ، وهوَ اليومُ العاشرُ من شهرِ ذي الحجةِ.
هدى: وماذا فعلتُم في يومِ عيدِ الأضحى المباركِ؟
الأبُ: بعدَ أن صلَّيْنا الفجرَ في مزدلفةَ توجَّهنا إلى مِنى، ووصلنا إليها بعدَ طلوعِ الشمسِ، وَرَمَيْنا جمرةَ العقبةِ الكبرى بسبعِ حصياتٍ، ثمَّ وكَّلنا إحدى الجهاتِ المختصةِ بِذَبْحِ الهَدْيِ عنّا، ثمَّ حلقتُ شعرَ رأسي، ولبستُ ملابسيَ العاديةَ، أمّا أَمُّكُما فقد قصَّتْ أطرافَ شعرَ رأسِها.
الأمُّ: وبعدَ ذلكَ توجَّهنا إلى المسجدِ الحرامِ؛ لأداءِ طوافِ الإفاضةِ، فطُفنا سبعةَ أشواطٍ حولَ الكعبةِ المشرفةِ، وسعَينا بينَ الصفا والمروةِ سبعةَ أشواطٍ، ثمَّ عُدنا إلى مِنى لنبيتَ فيها.
هدى: وما سببُ تسميةِ طوافِ الإفاضةِ بذلكَ؟
الأمُّ: لأنَّ هذا الطوافَ يكونُ بعدَ توجّهِ الحجاجِ من مِنى إلى المسجدِ الحرامِ، فَهُم كالسيلِ الفائضِ بالماءِ.
ياسرٌ: وماذا فعلتُم بعدَ ذلكَ؟
الآبُ: في اليومِ الحاديِ عشرَ من شهرِ ذي الحجةِ، وهوَ أولُ أيامِ التشريقِ، رَمَيْنا جمرةَ العقبةِ الصغرى، ثمَّ الجمرةَ الوسطى، ثمَّ الكبرى، كلُّ جمرةٍ بسبعِ حصياتٍ، ثمَّ بِتنا في مِنى تلكَ الليلةَ.
الأمُّ: وفي اليومِ الثاني عشرَ من شهرِ ذي الحجةِ، وهوَ ثاني أيامِ التشريقِ، رَمينا الجمراتِ الثلاثَ مثلما فعلنا في اليومِ السابقِ، وغادَرنا مِنى إلى المسجدِ الحرامِ؛ لأداءِ طوافِ الوداعِ قبلَ أن نعودَ إلى بلدِنا.
ياسرٌ: أسألُ اللهَ تعالى أنْ أتمكّنَ من أداءِ الحجِّ في المستقبلِ.
هدى: وأنا أيضًا متحمّسةٌ لأداءِ الحجِّ في يومٍ منَ الأيامِ.
إضاءةٌ
- أسماءُ الأيامِ التي تؤدّى فيها مناسكُ الحجِّ، هيَ:
- يومُ عرفةَ: وهوَ اليومُ التاسعُ من شهرِ ذي الحجةِ.
- يومُ النَّحرِ: ويسمّى أيضًا يومَ الحجِّ الأكبرِ، ويومَ عيدِ الأضحى المباركِ، وهوَ اليومُ العاشرُ من شهرِ ذي الحجةِ.
- أيامُ التشريقِ: وهيَ الأيامُ الحاديَ عشرَ، والثانيَ عشرَ، والثالثَ عشرَ، من شهرِ ذي الحجةِ، وسُمِّيَتْ بذلكَ؛ لأنَّ الناسَ كانوا يشرّقونَ فيها لحومَ الأضاحي؛ أي: يجفّفونَها في الشمسِ؛ لحفظِها من التلفِ.
أَتَعَلَّمُ
الهَدْيُ: ما يذبحُهُ الحاجُّ منَ الأنعامِ (الإبلِ، والبقرِ، والغنمِ) في الحرمِ، ويجوزُ لهُ أن يأكلَ منهُ.
أستزيدُ
تنقسمُ مناسكُ الحجِّ إلى عدّةِ أقسامٍ، هيَ:
1. أركانُ الحجِّ:
- هيَ الأعمالُ الأساسيةُ التي يجبُ على الحاجِّ القيامُ بها، ولا يصحُّ حجُّهُ إنْ لمْ يَقُم بها.
- وهذِهِ الأركانُ أربعةٌ، هيَ:
- الإحرامُ للحجِّ.
- والوقوفُ بعرفةَ.
- وطوافُ الإفاضةِ.
- والسعيُ بينَ الصفا والمروةِ.
2. واجباتُ الحجِّ:
- هيَ الأعمالُ التي يجبُ أن يقومَ بها الحاجُّ.
- وإذا تركَ واجبًا منها فإنَّ حجَّهُ صحيحٌ، ولكن يلزمُهُ ذبحُ فِدْيَةٍ.
- فَإِنْ لم يستطع فعليهِ أن يصومَ ثلاثةَ أيامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجعَ إلى أهلِهِ.
- ومن هذهِ الواجباتِ:
- الإحرامُ منَ الميقاتِ.
- والتجردُ منَ الثيابِ المَخيطةِ ولبسُ الإزارِ والرداءِ للرجالِ فقط.
- والمبيتُ بمزدلفةَ ليلةَ عيدِ الأضحى المباركِ.
- ورميُ جمرةِ العقبةِ الكبرى يومَ النَّحْرِ.
- وحلقُ الشعرِ أو تقصيرُهُ.
- وذبحُ الهَدْيِ.
- والمبيتُ بِمِنى لياليَ أيامِ التشريقِ.
- ورميُ الجمراتِ أيامَ التشريقِ.
- وطوافُ الوداعِ.
3. سُنَنُ الحجِّ:
- هيَ أعمالٌ فعلَها سيدُنا رسولُ اللهِ ﷺ في الحجِّ، ويُستحَبُّ للحاجِّ أداؤُها، ولكنَّها ليسَت مُلزِمَةً، فإن أدّاها فلَهُ أجرٌ، وإذا لم يَقُم بها فحجُّهُ صحيحٌ ولا يجبُ عليهِ شيءٌ. ومنها:
- صلاةُ ركعتينِ بعدَ الطوافِ.
- والمبيتُ بِمِنى ليلةَ التاسعِ من ذي الحجةِ.
- وجمعُ صلاتَيِ الظهرِ والعصرِ وقصرُهُما في عرفةَ.
- وجمعُ صلاتَيِ المغربِ والعشاءِ.
- وقصرُ صلاةِ العشاءِ في مزدلفةَ.
أَتَعَلَّمُ
- الفِدْيَةُ: ما يذبحُهُ الحاجُّ منَ الأنعامِ بسببِ تركِهِ واجبًا من واجباتِ الحجِّ، أو لفعلِهِ محظورًا من محظوراتِ الإحرامِ، مثلِ:
- لَبسِ المَخيطِ للرجلِ.
- أو التطيّبِ للرجالِ والنساءِ.
- ولا يجوزُ للحاجِّ الأكلُ مِنَ الفِدْيَةِ.
أربطُ مع السّيرَةِ
- يحرصُ الحجاجُ على زيارةِ أماكنَ عديدةٍ منْ سيرةِ سيدِنا رسولِ اللهِ ﷺ في مكةَ المكرمةِ والمدينةِ المنورةِ.
- وهيَ مواقعُ تحملُ قيمةً دينيةً وتاريخيةً كبيرة ًللمسلمينَ.
- وتجعلُ الحجاجَ يعيشونَ تجربةً مؤثرةً تعيدُهُم إلى الأحداثِ
التاريخيةِ التي شهدَها سيدُنا رسولُ اللهِ ﷺ وأصحابُهُ الكرامُ رضي الله عنهم.
- ومن تلكَ المواقعِ في مكةَ المكرمةِ:
- غارُ حراءٍ.
- وغارُ ثورٍ.
- وفي المدينةِ المنورةِ:
- المسجدُ النبويُّ الشريفُ.
- ومسجدُ قُباءٍ.
- ومقبرةُ البقيعِ.
- وموقعُ شهداءِ أُحُدٍ، وغيرُها.
- ويتشرّفُ الحجاجُ بالسلامِ على سيدِنا رسولِ اللهِ ﷺ وصاحبيهِ أبي بكرٍ الصدّيقِ رضي الله عنه وعمرَ الفاروقِ رضي الله عنه .
أسمو بقيمي
1. أُعظّمُ شعائرَ الحجِّ.
2. أُفرّق بين أركان وواجبات وسنن الحجِّ.
3. أتشوق لأداء عبادة الحجِّ