التَّعلُّمُ القَبليُّ
- شرع الإسلام العبادات من أجل صلاح الفرد والمجتمع.
- ووضع جملة من التشريعات التي تنظم القضايا المالية والاقتصادية لدى الأفراد والمؤسسات،
- وأمر بتحقيق التكافل الاجتماعي وجعل ذلك عبادة نتقرب بها إلى الله تعالى.
- ومن هذه العبادات الزكاة، وهي عبادة ماليّة لها آثار اقتصاديّة، إذ تسهم في تحسين المستوى المعيشيّ للفقراء والمساكين، وتعدّ من الوسائل الناجحة لتحقيق التضامن الاجتماعيّ والتكافل الإجباريّ بين أفراد المجتمع، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمُعاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنه لمّا أرسله إلى اليمن: «فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً في أمْوالِِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرائِهِمْ ».
الفَهمُ والتَّحليلُ
يُعدُّ الفقر من أشدّ المشكلات الاقتصاديّة والاجتماعيّة؛ لذا حرص الإسلام على حلّ هذه المشكلة، والحدّ من آثارها السلبيّة في الفرد والمجتمع.
أَولًا: مفهوم الفقر ومخاطره
- الفقر: هو عجز الإنسان عن سدّ حاجاته الأساسيّة الّلازمة لحياة كريمة له ولمن يعوله.
- حاجات الإنسان الأساسيّة تشمل: المأكل، والمشرب، والمسكن، واللباس، والخدمات الصحيّة، والتعليم.
- وقد يصيب الفقر الفرد أو المجتمع، ويترتّب عليه مخاطر عدة تنعكس على الفرد وأسرته ومجتمعه، من أبرزها:
- مخاطره على السلوك والأخلاق: فقد يؤدّي الفقر إلى ارتكاب المحظورات، مثل: الغشّ، والكذب، والسرقة، والجريمة، والمخدّرات، وغير ذلك من الآفات.
- مخاطره على الأسرة: فقد يؤثر الفقر في تكوين الأسرة لعدم القدرة على كلف الزواج، وقد يكون سببًا في عمالة الأطفال، وفي تفكّك الأسرة وتمزيق أواصر المحبّة بين أفرادها.
- مخاطره على المجتمع: فإذا سيطر الفقر والجوع على المجتمع ساد القلق وانعدم الأمن، وانتشرت الجريمة، وانتشر التّسول، وحقد الفقير على الغنيّ، وزاد الشعور بالظلم، وفي ذلك تهديد لاقتصاد المجتمع وأمنه واستقراره.
ثانيًا: أسباب الفقر
للفقر أسباب عديدة، منها ما يكون على مستوى الدول وهي أمور خارجة عن إرادة الفرد، مثل:
-
قلّة الموارد الاقتصاديّة التي تؤدي إلى عجز المجتمعات عن تلبية حاجاتها الأساسية من ماء وغذاء وغيرها.
-
تدنّي الدخل والأجور.
-
تفشّي البطالة بين أفراد المجتمع بسبب عدم توافر فرص العمل.
-
غياب الأمن والاستقرار نتيجة الحروب والكوارث الطبيعيّة، مثل: الجفاف، والفيضانات، والعواصف؛ حيث لا يستطيع الناس أن يعملوا بأمان، ويقلّ عدد المستثمرين، ويَعُمّ الفساد المالي والإداري؛ لغياب المراقبة والمحاسبة، فينتشر الفقر انتشارًا كبيرًا.
-
ومن أسباب الفقر ما يتعلّق بالفرد نفسه مثل: الكسل، والعزوف عن العمل، وعدم الأخذ بأسباب الرزق، والاتكال على الناس في الإنفاق.
ثالثًا منهج الإسلام في معالجة مشكلة الفقر
اهتمَّ الإسلام بعلاج مشكلة الفقر والحدّ منه، عبر وسائل عدة، منها:
أ. الحثّ على العمل وطلب الرزق الحلال:
- فلابد بدّ لكلِّ قادر من أن يسعى ويعمل، فخيرات الأرض كثيرة، ولا حجَّة لأحد في ترك العمل كسلًا أو إهمالًا بحجّة أنَّ الله عزَّ وجلّ كتب عليه الفقر، فالعمل شرف للإنسان وفيه حفظ لكرامته، فلا يعيب المرءَ نوعُ عمله ما دام مشروعًا.
- وقد شجَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابَته رضي الله عنهم على مزاولة المهن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل جاء يسأله المال: «لأنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَهُ عَلى ظَهْرِهِ فَيَأْتي بحُِزْمَةٍ مِنَ الحَطَبِ فَيبيعُها فَيَكُفَّ اللهُ بِا وَجْهَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النّاسَ أَعْطوهُ أَوْ مَنَعوهُ ».
ب. تحقيق التكافل الاجتماعيّ:
- عن طريق الزكاة والصدقات، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
- وقد مَأْسَسَ الإسلام الزكاة؛ حيث تشرف الدولة على جمْع الزكاة ممن وجبت عليهم وتنفقها في مصارفها الشرعية، مثل:
- كفالة اليتيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنا وَكافِلُ اليَتيمِ في الجَنَّةِ كَهاتَينِ »، وأشارَ بإصبعَيْهِ، يعني: السَّبّابةَ والوسطى.
- والوقف الخيريّ.
- والكفارات.
- والهِبات، وغيرها.
ج. التوكّل على الله تعالى بعد الأخذ بالأسباب:
- ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَ اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَما يَرْزُقُ الطَّيَْر، تغَْدو خِاصًا، وتَرَوحُ بطِاناً»، تَغدو: تذهَبُ بُكرةً في أوَّلِ نَهارِها، خماصًا: جِياعًا وبطونُا فارِغةٌ، وتروحُ: وتأتي في آخِرِ النَّهارِ إلى بَياتِا، بطِانًا: وقد مُلِئَتْ بُطونُا بالطَّعامِ.
د. إقامة العدل بين الناس:
- مكافحة الفساد المالي والإداري.
- وتهيئة البيئة المناسبة للنمو الاقتصادي.
- وتحسين الخدمات.
- واستثمار الموارد العامة في الدولة، قال صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ أَميرٍ يَلي أَمْرَ المُسْلِمينَ، ثُمَّ لا يَْجتهَدُ لَُهمْ وَيَنْصَحُ، إِلاّ لَْم يَدْخُلْ مَعَهُمُ الجَنَّةَ.
صورة مشرقة
1. تسابق المسلمون في إنشاء التكايا (وهي أماكن يقيم فيها الفقراء أو المسافرون)، وكان لها دور بارز في توفير الطعام لطوائف كثيرة من الفقراء، والمساكين، وأبناء السبيل، وطلبة العلم، ولم يقتصر دور التكية على تقديم الطعام والشراب، بل كانت مؤسسّة إسلاميّة متعددة الأغراض تستخدم في استضافة الغرباء والمسافرين، وإيواء الفقراء وطلبة العلم. وقد أبدع الواقفون في عمارة التكايا وتصاميمها، بحيث يتجاوز دورها الإيواء والإطعام. 2. أنشأ السلطان نور الدين زنكيّ رحمه الله في دمشق مكانًا فسيحًا جميلًا، ليتنزّه فيه الفقراء بأولادهم مثلما يفعل الأغنياء، لكيلا يشعروا بالحرمان. |
الإِثراءُ والتَّوسُعُ
من المؤسّسات التي تعنى بحلّ مشكلة الفقر في المملكة الأردنيّة الهاشميّة (صندوق المعونة الوطنيّة) الذي تأسّس عام 1986 م، ومن أهدافه:
- خفض مستويات الفقر والبطالة على المستوى الوطنيّ.
- تعزيز الاستفادة من مخرجات برامج التشغيل والتدريب والتأهيل، ويعمل الصندوق على تحقيق هذه الأهداف عبر برامج عدة، منها:
- برنامج المعونات الماليّة الشهريّة المتكررة والمؤقّتة.
- برنامج المعونات الماليّة الطارئة والعاجلة.