التربية الإسلامية فصل أول

الحادي عشر خطة جديدة

icon

التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ

يُعَدُّ الإسلام دينًا ربّاني المصدر؛ لذا فهو يشتمل على أفضل النُّظُم والتشريعات التي تهتمُّ بشؤون الحياة على اختلاف مجالاتها. ومن ثَمَّ، فقد جاء الإسلام دينًا شاملًا، وكاملًا، ومُستوعِبًا تطوُّر الأحداث المُتجدِّدة، ومُحقِّقًا مصالح الناس، بالرغم من تغيُّر الأحوال، واختلاف الأزمنة والأمكنة.
أَتَأَمَّلُ وَأَسْتَنْتِجُ
أَتَأَمَّلُ الحديث الشريف الآتي، ثمَّ أَسْتَنْتِجُ خصيصة الإسلام التي يدلُّ عليها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنِْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبيَِدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفعَلْ».

الإيجابية.

الفَهمُ وَالتَّحليلُ

تُعَدُّ الإيجابية سِمَة من سِمات الشريعة الإسلامية، وتُمثِّل سببًا لفاعلية المسلم وسعيه للخير في جميع أحواله.

أوَّلًا: مفهوم إيجابية الشريعة الإسلامية

الإيجابية: هي بَثُّ الأمل في نفس الإنسان بما تضمَّنته الشريعة الإسلامية من مبادئ وأحكام تدفعه إلى عمل الخير.

ثانيًا:مظاهر الإيجابية في الشريعة الإسلامية

أ . إيجابية النظرة إلى الحياة:
تنظر الشريعة الإسلامية إلى الحياة الدنيا نظرة مِلْؤها الشعور بالمسؤولية؛ فهي دار العمل، ومنها يَعْبر الإنسان إلى الدار الآخرة.

أوصى الإسلام بإعمار الأرض، والسعي فيها بالخير والاستمرار في العمل والإنتاج. قال تعالى: ﴿فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾.

ب. إيجابية النظرة إلى النفس:
- حرصت الشريعة الإسلامية على بَثِّ الطمأنينة في النفوس. قال تعالى: ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾، والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، والحَثِّ على حُسْن الظنِّ به سبحانه.

- نهت الشريعة الإسلامية عن اليأس والحزن والاستسلام للأفكار السلبية التي تُؤثِّر في نفسية الإنسان، ودعته إلى الثقة برحمة الله تعالى. قال تعالى: ﴿قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون﴾.
وبذلك يطمئن الإنسان، ويتحرَّر من جميع المخاوف التي قد يواجهها في الحياة؛ فلا يخاف على رزقه، ولا على أجله؛ لأنَّ أمره كله بيد الله تعالى، فيستمرُّ في السعي والعمل والإنتاج.
ج. إيجابية النظرة إلى المستقبل:
- دعت الشريعة الإسلامية إلى الاستبشار والتفاؤل بالخير. قال صلى الله عليه وسلم: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْركُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إلَِّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بعِِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بذُِلِّ ذَليِلٍ»
(بَيْتَ مَدَرٍ: بيت الطين، وَبَرٍ: بيت الشَّعر).

- قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحَسَنة في ذلك؛ ففي رحلته صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وبعد أنْ لقي من أهلها سوء المعاملة والإيذاء، استبشر صلى الله عليه وسلم مُتفائلًِا بإسلامهم، ورفض الدعاء عليهم.

د. إيجابية النظرة إلى الناس:
دعت الشريعة الإسلامية المسلم إلى إقامة علاقات طيِّبة مع الناس، وعمل كلِّ ما فيه نفع لهم، وتقديرهم واحترامهم، وعدم إنقاص حقوقهم أو تحقيرهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذَِا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ الناَّسُ فَهُوَ أهَْلَكُهُمْ» ومن ذلك:
1) التناصح والتوادُّ والتراحم بين الناس، وكلُّ ما يُقوّي المشاعر الإيجابية بينهم، ويزيد الترابط بين أطياف المجتمع . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَثَلُ الْمُؤْمِنيِنَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجسَدِ إذَِا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحمّى».

2) التعاون على البِرِّ والتقوى في المجالات الإنسانية والعلمية، وإعمار الكون، وتسخيره لخدمة الإنسان وما فيه خير للناس جميعًا. قال تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾.
3) إدخال الفرح والسرور في قلوب الناس؛ شرط أنْ يكون ذلك وَفق الضوابط الشرعية. ومن مظاهر ذلك:

إشاعة الفرح في الأعياد والمناسبات السعيدة، مثل: أيام العيدين، وإشهار الزواج، وما شابه. 
ومماّ يدلُّ على هذا الأمر أنَّ سيِّدنا أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه دخل على أُمِّ المؤمنين السيِّدة عائشة رضي الله عنها، فسمع جاريتين عندها تضربان على الدُّفِّ، وفي روايةٍ: تُغنِّيان بغِناءٍ، فانتهرهما، فكشف سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وجهه، وقال: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّها أَيَّامُ عِيدٍ».
وقد حَثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التجمُّل، ولبس أحسن الثياب في هذه المناسبات؛ إظهارًا للبهجة، وكان له صلى الله عليه وسلم ثوبان أبيضان يلبسهما أيام الجمع والأعياد، وعند استقبال الوفود. 

ثالثًا: الإيجابية في مبادئ الإسلام وأحكامه

تُعَدُّ الإيجابية سِمَة لمبادئ الإسلام وأحكامه. ومن أمثلة ذلك:
أ . جعل الإسلام أداء الأعمال التي تدفع المكروه والأذى عن الناس عبادة يُؤجَر فاعلها. ومن الأدلَّة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «وَتُميطُ الْأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». 
ب. فتح الله تعالى باب التوبة للمُذنِبين؛ فحين يعلم المسلم أنَّ الله تعالى غفور رحيم فإنَّه يُسارِع إلى طلب التوبة؛ ما يُؤثِّر إيجابًا فيه وفي مجتمعه، فلا يقنط، ولا ييأس، ولا يصاب بالإحباط في سعيه، بل يصبح إنسانًا إيجابيًّا في مجتمعه. قال تعالى: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم﴾.
ج. أوجب الله تعالى على المسلمين الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر. قال تعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

تُعَدُّ مشاركة الإنسان في العمل التطوُّعي أحد مظاهر الإيجابية؛ لذا أطلقت مؤسسة ولي العهد مبادرة تطوُّعية (منصة نوى)، تهدف إلى تفعيل مشاركة الشباب في العمل التطوُّعي، وتمكين المُتبرِّعين من التواصل مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية إلكترونيًّا.