التربية الإسلامية فصل ثاني

الثامن

icon

الفكرةُ الرئيسةُ

  • كفلَتِ الشريعةُ الإسلاميةُ للإنسانِ حقَّ العملِ بوصفِهِ أحدَ الحقوقِ المهمةِ في حياتِهِ.
  • وقَدِ اعتنَتْ بهذا الحقِّ، ونظَّمَتِ الأحكامَ المتعلّقةَ بِهِ.
  • ويُعَدّ الحقُّ في العمل منِ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المهمة للإنسانِ.
    • فهو يساعدهُ على تأمين احتياجاتِه.
    • ويوفّر له مستوىً معيشيًّا لائقًا.

 

أَسْتَنيرُ

أقرَّ الإسلامُ الحقَّ في العملِ لأفرادِ المجتمعِ كافةً مِنْ دونِ تمييزٍ بينَهُمْ بسببِ عِرقٍ أَوْ جِنسٍ أَوْ لونٍ أَوْ دينٍ.

 

أولًاً: مفهومُ حقِّ العملِ ومشروعيتُهُ

  • الحقُّ في العملِ هو أنْ يمارسَ كلُّ فردٍ قادرٍ على العملِ ما يناسبُهُ مِنَ الأعمالِ المشروعةِ التي تحققُ لهُ أوْ للمجتمعِ منافعَ ماديةً أو معنويةً.
  • ويحثُّ الإسلامُ على العملِ، ويدعو الناسَ إلى ممارسةِ المِهنِ، لأن ذلك:
    • يُغنيهِمْ عَنْ سؤالِ الناسِ.
    • ويحفظُ كرامتَهُمْ.
    • وَيسهمُ في بناءِ ذاتِهِمْ.
    • ويسهم في خدمةِ مجتمعِهِمْ ورِفعةِ بلادِهِمْ.
  • ومِنَ الأحاديثِ التي تدلُّ على مشروعيتِهِ قولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أطيبَ ما أكلَ الرَّجُلُ مِنْ كسبِهِ).

85

ثانيًا: مظاهرُ اهتمامِ الإسلامِ بحقِّ العملِ

  • كفلَ الإسلامُ للقادرينَ على العملِ والراغبنَ فيهِ الحقَّ في ممارسةِ الأعمالِ المباحةِ التي يرتضونَها وتتناسبُ معَ قدراتِهِمْ وميولِهِمْ.
  • ويُكْرَهُ بقاءُ المسلمِ القادرِ بلا عملٍ.

 

مِنْ مظاهرِ اهتمامِ الإسلامِ بحقِّ العملِ ما يأتي:

  • حثَّ الإسلامُ الإنسانَ القادرَ على أَنْ يعملَ ولا يتّكلَ على غيرِهِ في تحصيلِ رزقِهِ، قالَ تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾، وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : )اليدُ العُليا خيرٌ مِنَ اليدِ السُّفلى(.
  • حثَّ سيّدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يتّخذَ المرءُ لنفسِهِ حِرفةً يعتمدُ عليها في تحصيلِ رزقِهِ، يقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خرًا مِنْ أنْ يأكلَ مِنْ عملِ يدِهِ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كانَ يأكلُ مِنْ عملِ يدِهِ).
  • وتسهمُ الدولةُ في مساعدةِ الأفرادِ على تأمينِ فرصِ عملٍ لهُمْ، فقَدْ جاءَ رجلٌ إلى سيّدِنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يطلبُ مالًا، فلَمْ يعطِهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وسألَهُ إنْ كانَ في بيتِهِ شيءٌ يمكنُ أنْ يبيعَهُ، فجاءَ الرجلُ بقَدومٍ، فشدَّ فيهِ سيّدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عودًا بيدِهِ الشريفةِ وأخبرَهُ بأنْ يذهبَ ويحتطبَ، قالَ صلى الله عليه وسلم: (لَأنْ يحتطبَ أحدُكُمْ حُزمةً على ظهرِهِ خيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يسألَ أحدًا فيعطِيَهُ أَوْ يمنعَهُ).

 

ثالثًا: حقوقُ العمّاّلِ

أقرَّ الإسلامُ مجموعةً مِنَ الحقوقِ للعمّالِ ومنْها:

  • حريةُ كلِّ فردٍ في اختيارِ العملِ المباحِ الذي يرضاهُ ويرغبُ فيهِ، فالإنسانُ بطبيعتِهِ يتقنُ ما يحبُّ فعلَهُ.
  • أنْ يكونَ دخلُ العاملِ مكافئًا للجهدِ الذي يبذلُهُ فيهِ، قالَ تعالى: ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾.
  • أنْ يُعطى العاملُ أجرَهُ دونَ انتقاصٍ منهُ ودونَ تأخيرٍ، فَقَدْ ذكرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديثِ القدسيِّ أنَّ اللهَ تعالى خَصمٌ يومَ القيامةِ لِـ: (رجلٍ استأجرَ أجيرًا فاستوفى منهُ ولَمْ يعطِهِ أجرَهُ ).
  • أَنْ يحسِنَ صاحبُ العملِ إلى العاملِ، ولا يكلفَهُ فوقَ طاقتِهِ ولا يشقَّ عليهِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إخوانُكُمْ خَولَكُم ْ، جعلَهُمُ اللهُ تحتَ أيديكُمْ، فمَنْ كانَ أخوهُ تحتَ يدِهِ فلْيطعِمْهُ ممّا يأكلُ، وليُلْبِسْهُ ممّا يلبَسُ، ولا تكلّفوهُمْ ما يغلبُهُمْ، فإنْ كلّفْتُموهُمْ فأعينوهُمْ).
    • ​​​​​​​خَولَكُم:ْ خدمُكُمْ.​​​​​​​
  • نَصَّتِ المادّةُ ٢٥ (الفقرةُ أ) مِنْ قانونِ حقوقِ الأشخاصِ ذَوي الإعاقةِ لسنةِ ٢٠١٧ على ما يأتي:
    • (لا يجوزُ استبعادُ الشخصِ مِنَ العملِ أَوِ التدريبِ على أساسِ الإعاقةِ أَوْ بسببِها، ولا تُعتبَرُ الإعاقةُ بذاتِها مانِعًا مِنَ الاستمرارِ فيهِ).

​​​​​​​

 

رابعًا: واجباتُ العمّاّلِ

تترتّبُ على العمّالِ مقابلَ حقوقِهِمْ مجموعةٌ مِنَ الواجباتِ، منها:

  • أنْ يكونَ العملُ مشروعًا، كالعملِ في التعليمِ، والصحةِ، والتجارةِ، والزراعةِ، والصناعةِ، والتكنولوجيا، وقطاعِ الخدماتِ.
  • العلمُ بالعملِ والخبرةُ فيهِ، ومعرفةُ الأحكامِ الشرعيةِ المتعلّقةِ بِهِ.
  • الأمانةُ، وعدمُ الغشِّ والخيانةِ في العملِ، قالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غشَّنافليسَ مِنّا).
  • إتقانُ العملِ وأداؤُهُ بأحسنِ صورةٍ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ تعالى يحبُّ إذا عملَ أحدُكُمْ عملاً أنْ يتقنَهُ).

 

صُوَرٌ مشرقةٌ

جعلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العملَ بمنزلةِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ تعالى، وذلكَ عندَما رأى الصحابةُ  رضي الله عنهم رجلاً قويًّا يعملُ، فقالوا: لَوْ أنّهُ يجاهدُ في سبيلِ اللهِ لكانَ أفضلَ، فردَّ عليهِمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وبينَّ لَهُمْ أهميةَ العملِ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: (إنْ كانَ خرجَ يَسعى على ولدِهِ صغارًا فهوَ في سبيلِ اللهِ، وإنْ كانَ خرجَ يَسعى على أبوَينِ شيخَينِ كبيرَينِ فهوَ في سبيلِ اللهِ، وإنْ كانَ خرجَ يَسعى على نفسِهِ يَعِفُّها فهوَ في سبيلِ اللهِ، وإنْ كانَ خرجَ يَسعى رِياءً ومفاخرةً فهوَ في سبيلِ الشيطانِ ).

  • رِياءً: أَنْ يُؤدّى العملُ مِنْ أجلِ أنْ يراهُ الناسُ.

88

أَسْتَزيدُ

  • تُعَدُّ المشاريعُ الصغيرةُ والمتوسطةُ مكوِّنًا أساسيًّا في الاقتصادِ العالميِّ، ويعملُ بِها نسبةٌ كبيرةٌ مِنَ الأَيدي العاملةِ في الاقتصادِ العالميِّ، وقَدْ أسهمَتْ في تغييرِ مفهومِ العملِ التقليديِّ المقتصرِ على التوظيفِ؛ فعزَّزَتِ الدَّورَ الرياديَّ للشبابِ في الإنتاجِ، وأسهَمَتْ في الحَدِّ مِنَ البطالةِ.
  • وتقومُ الدولةُ بدعمِ هذِهِ المشاريعِ بتزويدِ أفرادِ المجتمعِ بالمعرفةِ، ودعمِهِمْ فنّيًّا، وتدريبِهِمْ؛ لتحويلِ الأفكارِ الرياديةِ المبتكَرةِ والإبداعيةِ إلى مشاريعَ اقتصاديةٍ، وتيسرِ مبادراتٍ تشجّعُ ريادةَ الأعمالِ، وتُمولُهِّا، وتقديمِ فُرَصِ الاستثمارِ واستقطابِها، بحيثُ تلبّي احتياجاتِ الأفرادِ وتناسبُ مهاراتِهِمْ وخِبراتِهِمْ؛ وميولَهُمْ، وتوفّرُ لهُمُ الدَّخلَ لعيشٍ كريمٍ.
  • وللمرأةِ دَورٌ كبرٌ في الأعمالِ الرياديةِ والمشاريعِ الخاصةِ، فقَدْ عملَتْ في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مجالاتٍ كثيرةٍ؛ كالتطبيبِ، والتمريضِ، والتعليمِ، والتجارةِ وغيرها.
  • ​​​​​​​ومِنَ الأمثلةِ على عملِ المرأةِ:
    • برَعَتِ الصحابيةُ الجليلةُ الشفاءُ بنتُ عبدِ اللهِ رضي الله عنها في شؤونِ الأسواقِ، وكانَ الخليفةُ عمرُ بنُ الخطّابِ رضي الله عنه يأخذُ بمشورتِها في شؤونِ هذا الجانبِ.
    • كانَتِ النساءُ يعملْنَ في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالزراعةِ، ومنهُنَّ أسماءُ خالةُ الصحابيِّ جابرِ بنِ عبدِ الله  رضي الله عنهما، حيثُ كانَتْ تجمعُ نخلَها بيدِها.

 

أَرْبِطُ معَ التربيةِ الوطنيةِ

  • تقومُ وزارةُ الاقتصادِ الرَّقْمِيِّ والريادةِ بدَورٍ كبرٍ في تمكينِ الأفرادِ ودعمِ المشاريعِ الناشئةِ، عَنْ طريقِ:
  • توفيرِ حاضناتٍ وتسهيلاتٍ للمشاريعِ الإنتاجيةِ والخَدماتيةِ والحلولِ التكنولوجيةِ، وتمويلِها.
  • وإقامةِ شراكاتٍ مَعَ الجهاتِ الرسميةِ للاستثمارِ، ومُساندتِها.
  • وتنصُّ المادةُ (6) مِنَ الدستورِ الأردنيِّ على أنَّهُ: (تكفلُ الدولةُ العملَ والتعليمَ ضمنَ حدودِ إمكانيّاتِها وتكافؤِ الفرصِ لجميعِ الأردنيّنَ).