التربية الإسلامية

التاسع

icon

الفكرة الرئيسة

  • يومُ أُحُدٍ هو ثاني المعاركِ الكبرى التي خاضَها المسلمونَ ضِدَّ مشركي قريشٍ، واستُشهِدُ فيها عددٌ كبيرٌ منَ المسلمينَ.
  • يقعُ جبلُ أُحُدٍ في الجهةِ الشماليةِ مِنَ المدينةِ المنورةِ، على بُعدِ أربعِ كيلومتراتٍ مِنَ المسجدِ النبويِّ. قالَ عنهُ سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أُحُدًا جبلٌ يحبُّنا ونحبُّهُ».

 

أستنير

يمثّلُ يومُ أُحُدٍ إحدى أهمِّ المعاركِ التي خاضَها المسلمونَ ضِدَّ مشركي قريشٍ، الذينَ كانوا يسعَونَ للقضاءِ على الإسلامِ والمسلمينَ.

 

أَوَّلًا: أسبابُ المعركةِ

  • اتفقَتْ كلمةُ مشركي قريشٍ على قتالِ المسلمينَ والقضاءِ عليهِمْ؛ للأسباب الآتية:
    • انتقامًا لهزيمتهِمْ في يومِ بدرٍ، ووقوعِ عددٍ كبيرٍ مِنْ مقاتليهِمْ بَيْنَ قتيلٍ وأسيرٍ.
    • ولاستعادةِ مكانةِ قريشٍ وهيبتهِا بَيْنَ القبائلِ العربيةِ، التي تأثّرَتْ بسببِ هزيمتهِمْ في معركةِ بدرٍ.
    • للقضاء على المسلمينَ نهائياً في المدينةِ المنورةِ.

 

ثانيًا: الاستعدادُ للمعركةِ

  • جهّزَ المشركونَ ما يقاربُ ثلاثةَ آلافِ مقاتلٍ مِنْ قريشٍ والقبائلِ العربيةِ المتحالفةِ مَعَها، وانطلقوا بقيادةِ أبي سفيانَ نحوَ المدينةِ المنورةِ في العامِ الثالثِ للهجرةِ.
  • ولمّا علمَ سيّدُنا محمّدٌ صلى الله عليه وسلم بتحرّكِ جيشِ المشركينَ":
    • استشارَ صلى الله عليه وسلم الصحابةَ رضي الله عنهم في قتالِ المشركينَ في المدينةِ المنورةِ أَمْ خارجَها.
    • وكانَ صلى الله عليه وسلم يرى أنَّ التحصّنَ في المدينةِ خيرٌ مِنَ القتالِ خارجَها.
    • لكنَّ أكثرَ الصحابةِ كانوا يفضّلونَ القتالَ خارجَها، لا سيّما الشبابُ منهمْ، فأخذَ صلى الله عليه وسلم برأيِ الشبابِ،
  • وخرجَ النبي صلى الله عليه وسلم بجيشٍ يضمُّ قرابةَ ألفِ مقاتلٍ قربَ جبلٍ أُحُدٍ، ووصلوا قبلَ المشركينَ.
  • خرجَ مَعَ المسلمينَ عبدُالله بنُ أُبَّيِ بنِ سَلولٍ زعيمُ المنافقينَ يقودُ ثلاثَمئةِ مقاتلٍ، إلّا أنَّهُ أعلنَ انسحابَهُ والعودةَ بمَنْ كانَ معهُ مِنَ المقاتلينَ إلى المدينةِ المنورةِ قبلَ بدءِ القتالِ؛ بحُجّةِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يأخذْ برأيِهِمْ في البقاءِ داخلَ المدينةِ.
  • وكلّفَ سيّدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خمسينَ مقاتلًا، بقيادةِ عبدِالله بنِ جُبَيرٍ رضي الله عنه الوقوفَ على تلّةٍ صغيرةٍ سُمِّيَتْ «جبلَ الرماةِ»؛ لحمايةِ مَيسَرةِ جيشِ المسلمينَ مِنْ فرسانِ المشركينِ، وأمرَهُمْ ألّا يغادِروا مكانَهُمْ مهما كانَتْ نتيجةُ المعركةِ، أمّا مَيمَنةُ الجيشِ؛ فكانَتْ مَحمِيّةً بجبلِ أُحُدٍ.

 

ثالثاً: أحداث المعركة

  • حاولَ المشركونَ الاستفادةَ مِنْ تفوّقِهِمُ العدديِّ، فبدؤوا بالهجومِ على المسلمينَ، إلّا أنَّ صِغَرَ مِساحةِ المكانِ الذي اختارَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم للقتالِ حالَ دونَ تحقيقِ المشركينَ هدفَهُمْ.
  • حاولَتْ فرقةٌ مِنَ المشركينَ بقيادة خالدِ بنِ الوليدِ اختراقَ مَيسرة جيشِ المسلمينَ، إلّا أنَّ الرماةَ تصدّوا لَهُمْ ومنعوهُمْ مِنْ ذلكَ؛ فعجِزَ جيش المشركينَ عَنْ مجاراةِ المسلمينَ، وبدؤوا بالانسحابِ والتراجعِ.
  • ظنَّ الرماةُ أنَّ المعركةَ قَدِ انتهَتْ بانسحابِ المشركينَ؛ فنزلَ أكثرُهُمْ لجمعِ الغنائمِ، ولَمْ يبقَ إلا قائدُهُمْ عبدُالله بنُ جُبيرٍ رضي الله عنه وتسعةٌ منهُمْ، فاستغلَّتْ فرقةُ خالدِ بنِ الوليدِ قلّةَ عددِ الرماةِ؛ فهجموا عليهِمْ وقتلوهُمْ، والتفّوا خلفَ المسلمينَ، ثُمَّ عادَ جيشُ المشركينَ للقتالِ، فحوصرَ المسلمونَ بَيْنَ فرقةِ خالدٍ مِنْ خلفِهِمْ، وبقيةِ جيشِ المشركينَ مِنْ أمامِهِمْ؛ فَاستُشْهِدَ ما يقاربُ سبعونَ مقاتلًا مِنَ المسلمينَ، منهُمْ: حمزةُ بنُ عبدِالمطّلبِ رضي الله عنه ، ومصعبُ بنُ عميرٍ رضي الله عنه حاملُ لواءِ المسلمينَ في المعركةِ.
  • حاولَ المشركونَ قتلَ سيّدِنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فاستُشهِدَ عددٌ مِنَ الصحابةِ رضي الله عنهم أثناءَ تصدّيهِمْ لهذهِ المحاولاتِ، وجُرحَ سيدُّنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في رأسِه، وكُسِرَتْ بعضُ أسنانهِ، وسالَ دمُهُ الشريفُ؛ فظنَّ المشركونَ أنُّهَمْ قتلوهُ صلى الله عليه وسلم، وأشاعوا خبر مقتلهِ؛ فأدّى ذلكَ إلى تراجعِ عدد منَ المسلمينَ منْ أرضِ المعركة، وفي هذا نزلَ قولهُ تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) ]
    • انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ: ارتددْتُمْ عَنْ دينِكُمْ.
  • فهُزمَ المسلمونَ في المعركةِ، وكانَ ممّا نزلَ مِنَ القرآنِ الكريمِ بعدَ المعركةِ؛ مواساةً للمسلمينَ على ما أصابَهُمْ قولُهُ تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
    • قَرْحٌ: جرحٌ وألمٌ 
    • نُدَاوِلُهَا: تارةً ينتصرُ المسلمونَ، وتارةً ينتصرُ المشركون.
  • وبعدَ نهايةِ المعركةِ، نادى أبو سفيانَ قائلًا: «يومٌ بيومِ بدرٍ، والحربُ سِجالٌ»، ثُمَّ أخذَ يُنادي: «اعْلُ هُبَلُ، اعْلُ هُبَلُ»، فردَّ المسلمونَ: «اللهُ أعلى وأجلُّ»، فقالَ أبو سفيانَ: «إنَّ لَنا العُزّى ولا عُزّى لَكُمْ». فردَّ المسلمونَ: «اللهُ مَولانا، ولا مَولى لَكُمْ».
    • سِجالٌ: متعادلةٌ، مرةً لَنا ومرةً علينا
    • هُبَلُ والعُزّى: صَنمانِ كانا يُعبَدانِ في الجاهليةِ.
  • ومن الصور المشرقة ما رواه أنس رضي الله عنه، أنَّ عمَّهُ أنسَ بنَ النّضرِ رضي الله عنه غابَ عَنْ يوم بدرٍ، فقالَ: غِبتُ عَنْ أوّلِ قتالِ النبي صلى الله عليه وسلم، لئنْ أشهدَنِي اللهُ مَعَ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أُجِدُّ. فلقيَ يومَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النّاسُ، فقالَ: اللّهمَّ إنِّي أعتذرُ إلِيكَ مماّ صنعَ هؤلاءِ - يعني المسلمينَ - وأَبرأُ إليكَ ممّا جاءَ بهِ المشركونَ. فتقدّمَ بسيفِهِ، فلقيَ سعدَ بنَ معاذٍ رضي الله عنه، فقالَ: أينَ يا سعدُ؟ فقال: إنّي أجدُ ريحَ الجنةّ دونَ أحُدٍ. فمضى، فقُتلَ، فما عُرفَ حتىّ عرفتَهُ أختهُ بشِامةٍ، أوْ ببَنانهِ، وَبهِ بضِعٌ وَثمانونَ مِنْ طعنةٍ، وضربةٍ، ورميةٍ بسِهمٍ
    • الشّامَةُ: هيَ علامةٌ في البَدَنِ
    • البَنانُ: هيَ أطرافُ الأصابعِ
  • وفيهِ نزلَ قولُ الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
    •  نَحْبَهُ: أَيْ أَجَلَهُ.

 

أستزيد

  • لَمْ يحقّقِ المشركونَ أهدافَهُمْ في القضاءِ على المسلمينَ في يومِ أُحُدٍ؛ ولَمْ يتمكّنوا مِنْ قتلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لذلكَ تشاوَروا في ما بينهِمْ قبلَ عودتِهِمْ إلى مكةَ المكرمةِ، وقرّروا العودةَ لمهاجمةِ المدينةِ المنورةِ، فلمّا علمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلكَ، أمرَ الصحابةَ رضي الله عنهم أنْ يسيروا إلى «حمراءِ الأسدِ»؛ لملاقاةِ المشركينَ هناكَ؛ فاستجابَ الصحابةُ رضي الله عنهم مَعَ ما لحقَ بِهِمْ مِنَ الخسائرِ، وساروا حتّى وَصلوا إلى ذلكَ المكانِ، فعَسكَروا فيهِ أربعةَ أيامٍ، ولمّا علمَ المشركونَ بذلكَ، دَبَّ الرعبُ في صفوفِهِمْ، وقرّروا العودةَ إلى مكةَ المكرمةِ، قالَ تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).

 

أَرْبِطُ مَعَ التربية الوطنية والمدنية

  • الدفاعُ عَنِ الوطنِ مِنَ الواجباتِ العظيمةِ التي أكدَّها الإسلامُ، وقَدْ تمثّلَ المسلمونَ في يومِ أُحُدٍ هذا الواجبَ أحسنَ تمثيلٍ، فَقَدْ بذلوا أنفسَهُمْ وأموالَهُمْ دفاعًا عَنِ المدينةِ المنورةِ على الرغمِ مِنِ اختلافِ أصولِهمْ ومنابتهِمْ مهاجرينَ وأنصارًا.