العصور التاريخية
أَتَخَيَّلُ نَفْسي هُناكَ
أُشاهِدُ فيلْمًا وَثائِقِيًا عَنْ حَياةِ الْإِنِسانِ في الْعُصورِ الْقَديمَةِ، في قَلْبِ غابَةٍ مَليئَةٍ بِالَأَشْجارِ. أَراهُ يُمْسِكُ قِطْعَةً حَجَرِيَةً حادَةً وَيَبْدَأُ بِنَقْشِ رُموزٍ بَسيطَةٍ عَلى صَخْرَةٍ كَبيرَةٍ، وَكُلُّ رَمْزٍ يُمَثِلُ كَلِمَةً أَوْ فِكْرَةً، وَكَأَنَني أَشْهَدُ اللَّحْظَةَ الْأولى لاخْتِراعِ الْكِتابَةِ، الَذي يُعَدُ حَدَثًا فارِقًا في تاريخِ الْبَشَرِيَةِ.
اهمية اختراع الكتابة:
مَعَ تَطَوُرِ الْمُجْتَمَعِ احْتاجَ الْإِنِسانُ إِلى وَسائِلَ لِلتَواصُلِ مَعَ الْآخَرينَ، فَاسْتَخْدَمَ الْإيماءاتِ الْجَسَدِيَةَ وَالإشاراتِ، وَقَرْعَ الطُّبولِ وَإِشْعالَ النّارِ، حَتّى وَصَلَ إِلى اللُغَةِ وَالْحَديثِ الشَفَوِيِّ، وَرَسَمَ الْإِنِسانُ النُقوشَ عَلى جُدْرانِ الْكُهوفِ لِيَصِفَ حَياتَهُ الْيَوْمِيَةَ، وَبِذلِكَ مَهَدَتْ هذِهِ الْوَسائِلُ اخْتِراعِ الْكِتابَةِ.
عرف الْكِتابَة؟
تُعَرَفُ بِأَنَها الْخَطُّ الْمَنْقوشُ وَالْمَرْسومُ عَلى أَيِّ قِطْعَةٍ حَجَرِيَةٍ، أَوْ طينِيَةٍ، أَوْ خَشَبِيَةٍ، أَوْ وَرَقِيَةٍ.
أنواع الكاتبة التاريخية القديمة:
1- اْلكِتابَةُ الْمِسْمارِيَةُ:
أَوَلَ أَشْكالِ الْكِتابَةِ الَتي عَبَرَتْ عَنِ الْكَلامِ بِرُموزٍ مَكْتوبَةٍ، وَقَدْ ظَهَرَتْ عامَ 3500 ق.م تَقْريبًا في بِلادِ الرّافِدَيْنِ )الْعِراقِ حالِيًا(، وَسُمِيَتْ هذا الاسْمَ؛ لِأَنَها كانَتْ تُنْقَشُ عَلى أَلْواحٍ طينِيَةٍ طَرِيَةٍ بِاسْتِخْدامِ قَلَمٍ يُشْبِهُ الْمِسْمارَ، ثُمَ تُجَفَفُ بِالنّارِ أَوِ الشَمْسِ.
2- ثُمَ طَوَرَتِ الْحَضارَةُ الْمِصْرِيَةُ الْقَديمَةُ
كِتابَةً تَصْويرِيَةً تَعْتَمِدُ عَلى الصُوَرِ في التَعْبيرِ أُطْلِقَ عَلَيْها اسْمُ (الْكِتابَةِ الْهيروغْليفِيَةِ).
3- بَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَتِ الْأَبَجَدِيّاتُ الّتي بَدَأَتْ بِرَبْطِ الرُموزِ بِأَصْواتِ الْحُروفِ،
وَخَيْرُ مِثالٍ عَلَيْها: أَبْجَدِيَةُ أوغاريت، الَتي اكْتُشِفَتْ شَمالَ مَدينَةِ اللاذِقِيَةِ في سورِيّا، وَانْتَشَرَتْ في حَضاراتِ بِلادِ الشّامِ الْقَديمَةِ.
بَعْدَ اخْتِراعِ الْكِتابَةِ انْتَهَتْ عُصورُ ما قَبْلَ التّاريخِ، وَبَدَأَتِ الْعُصورُ التّاريخِيَةُ الَتي دَوَنَتِ الْأَحَداثَ الْبارِزَةَ وَالْمُؤَثِرَةَ في الْحَضارَةِ الْإِنِسانِيَةِ. وَتُقْسَمُ إِلى أَرْبَعَةِ عُصورٍ، هِيَ: الْقَديمَةُ (الَتي سَأَتَعَرَفُها في هذا الدَرْسِ(، وَالْوُسْطى، وَالْحَديثَةُ، وَالْمُعاصِرَةُ.
الْعُصُورُ التّاريخِيِّةُ الْقَديمَةُ
تُقْسَمُ الْعُصورُ التاريخِيَةُ الْقَديمَةُ إِلى عَصْرَيْنِ رَئيسَيْنِ، هُما: الْعَصْرُ الْبُرونْزِيُّ، وَالْعَصْرُ الْحَديدِيُّ.
1- الْعَصْرُ الْبُرونْزِيُّ
(سبب التسمية بالعصر البرونزي)
سُمِيَ هذا الاسْمَ؛ لِأَنَ الْإِنْسانَ بَدَأَ فيهِ بِاسْتِخْدامِ مَعْدِنِ الْبُرونْزِ )وَهُوَ خَليطٌ مِنْ مَعْدِنَيِ النُحاسِ وَالْقَصْديرِ( الَذي يُعَدُ أَكْثَرَ صَلابَةً مِنَ النُحاسِ، مِمّا جَعَلَهُ الْأَفَضَلَ لِصِناعَةِ الْأَسَلِحَةِ وَالْأَدَواتِ الَتي يَسْتَخْدِمُها الْإِنِسانُ.
في هذا الْعَصْرِ ازْدَهَرَتِ الزِراعَةُ بِفَضْلِ الرِيِّ الْمُنَظَّمِ، مِمّا أَدّى إِلى زِيادَةِ الْإِنِتاجِ الزِراعِيِ.
وَنَشِطَتِ التِجارَةُ، وَبَدَأَ النّاسُ يَتَبادَلونَ الْبَضائِعَ بِاسْتِخْدامِ الْقَوارِبِ الْخَشَبِيَةِ لِمَسافاتٍ طَويلَةٍ، وَنَشَأَتْ عَلاقاتٌ واسِعَةٌ بَيْنَ الشُعوبِ بِسَبَبِ التِجارَةِ وَالْحُروبِ وَالْهِجْراتِ،
دولة المدن: ظَهَرَتْ مُدُنٌ ذاتُ نُظُمٍ سِياسِيَةٍ مُسْتَقِلَةٍ عُرِفَتْ بِدُوَلِ الْمُدُنِ.
2- الْعَصْرُ الْحَدِيدِيُّ
(سبب التسمية بالعصر الحديدي)
سُمِيَ هذا الاسْمَ؛ بِسَبَبِ اسْتِخْدامِ الْإِنِسانِ الْحَديدَ في صِناعَةِ الْأَدَواتِ الزِراعِيَةِ، مِمّا ساعَدَ عَلى تَطَوُرِ الْإِنِتاجِ الزِراعِيِ وَتَوْفيرِ الْغِذاءِ لِعَدَدٍ أَكْبَرَ مِنَ السُكّانِ. وَظَهَرَ الْفائِضُ الْغِذائِيُ الَذي سَمَحَ بِتَخْزينِ الطَّعامِ وَتَبادُلِهِ، فَأَسْهَمَ ذلِكَ في تَنْشيطِ التِجارَةِ الْعالَمِيَةِ، وَسَهَلَ تَبادُلَ السِلَعِ وَالْأَفَكارِ وَالثَقافاتِ بَيْنَ الْحَضاراتِ.
وَشَهِدَتِ الْمُدُنُ تَطَوُرًا كَبيرًا في الْأَنَظِمَةِ الاجْتِماعِيَةِ وَالسِياسِيَةِ، وَتَحَوَلَتْ إِلى مَمالِكَ:
الْأَمَثِلَةِ عَلى الممالك في العصر الحديدي في الْأُرُدُنِّ:
1- الْمَمْلَكَةُ الْعَمونِيَةُ.
2- الْمَمْلَكَةُ الْمُؤابِيَةُ.
3- الْمَمْلَكَةُ الْأَدَومِيَةُ.