- تمهيد:
- اتّسم الأدب العربيّ، وخاصةً الشّعر منذ العصر العثمانيّ وحتى منتصف القرن التّاسع عشر (1850م) في مصر والعراق وسوريا الكبرى بكونه صَنْعَةً لا فنًَا؛ ورغم أنه كان شعرًا موزونًا، إلا أنّه ظلّ فاقدًا لمقوِّماتِ الفنّ.
- بالرّغم من ظهور بعض الأسماء الشّعرية اللامعة إلّا أنّها محدودة جدًّا ولا تشكّل ظاهرة، وتغلب على الشّعر العربيّ سمة الضّعف والتّفكُّك والرّكَاكة، وكان الهدف الرّئيس منه هو التّسلية لا الإبداع.
- في هذه المرحلة، امتاز الأدب بـ الجمود؛ فلم يقم بوظائفه، واقتصر على كونه نَظْمًا عروضيًّا يلتزم بالموسيقا. كما تميز بضعف المضمون، حيث كان:
- يخلو من الخَيَال.
- يفتقرُ إلى الصّورِ الجديدة.
- لا يصوّرُ تجاربَ عميقةً.
- لا يحملُ رؤيةَ الشّاعر في تصوير مصير الإنسان، ولا يثيرُ المتلقِّي.
خلاصة: كانت هذه الفترة مرحلة انحدار للشّعر العربي، حيث فقد وظيفته الفنّيّة والإبداعيّة وأصبح مجرد نظم شكليّ.
- مظاهر الحياة في العصر الحديث :
بدأ تطور الحياة الثّقافية والأدبيّة مع عصر النهضة، الّذي يُؤرّخ لبدايته مع حملة نابليون على مصر عام 1798م، ومن عوامل تطور الحياة الثقافيّة:
- إدخال المطبعة والصحافة: سهّلت نشر الكتب والأفكار على نطاق واسع.
- إنشاء المدارس والمسارح: ساهمت في رفع مستوى التّعليم والثّقافة.
- جهود محمد علي باشا: ساهم محمد علي باشا، حاكم مصر، بشكل كبير في دفع عجلة التطور وتحديث الدولة والمجتمع، مما أثر بشكل مباشر على الأدب والثّقافة. وتتمثل أبرز جهوده في النّقاط التّالية:
1- تسهيل الاتّصال بالغرب.
2- ارسال الطّلاب المتفوّقين في بعثات تعليميّة إلى أوروبا.
3-:انتشار التّعليم الحديث.
4- تعزيز دور الصّحافة.
5- إحياء التّراث العربيّ، حيث أمر بطباعة ونشر أمّهات الكتب من التّراث العربيّ القديم والمخطوطات النّادرة.
- مسيرة التّجديد الشّعري في العصر الحديث
سارت حركة التّجديد في الشّعر خلال عصر النّهضة في مسارين رئيسيين متوازيين:
المسار الأوّل: تجديد المضمون مع الحفاظ على البناء التّقليديّ
ظلّ الشّعراء يكتبون القصيدة العموديّة لكنّهم تناولوا موضوعات وأفكارًا جديدة.
اتجاهاته:
- الاتّجاه الإحيائيّ: حاول إحياء قوة الشعر العربي القديم في العصور الذهبية.
- الاتّجاه الرّومانسيّ: ركز على الذات والعاطفة والتجربة الشخصية، وتأثر بالأدب الغربي. وظهرت من خلاله مدارس أدبية مثل جماعة الدّيوان، أبولو، وشعراء المهجر.
- الاتّجاه الواقعيّ: اهتم بتصوير الواقع الاجتماعي والسياسي وقضايا المجتمع (يُعرف بأدب الالتزام).
- المسار الثّاني: التّجديد في المضمون والبناء (الشّكل)
لم يكتفِ الشّعراء بتغيير الموضوعات فقط، بل قاموا بتغيير بنية القصيدة نفسها.
- التّجديد في المضمون: ظهرت موضوعات جديدة لم تكن مألوفة من قبل، مثل فلسفة الموت، علاقة الإنسان بالمدينة، وقضايا المرأة.
- التّجديد في الشّكل: كان أبرز مظاهر هذا التّجديد هو ظهور قصيدة التّفعيلة (أو الشّعر الحرّ)، التي تخلت عن نظام الشّطرين والقافية الواحدة، مما أعطى الشّاعر حريّة أكبر في التّعبير.