- تمهيد:
شعر الطبيعة بشكل عام
هو الشعر الذي يتخذ من عناصر الطبيعة (حية وصامتة) مادته وموضوعاته.
ومظاهر الوصف فيه تشمل على وصف ما يلي :

شعر الطبيعة في الأندلس بشكل خاص
- كان شعر الطبيعة في الأندلس حالة خاصة، حيث فاق الشعراء الأندلسيون المشارقة في هذا اللون كمّاً وكيفاً.
- التجديد: توسعوا ونوّعوا وأبدعوا في التصوير، وكثيرًا ما مزجوا الطبيعة بأغراض أخرى كالمدح والرثاء والغزل.
مثال (ابن زيدون):
- في تغزله بولّادة، نسي الغزل وغرق في وصف الطبيعة، مثل قوله:

أسباب ازدهار شعر الطبيعة الأندلسيّ
لعل من أهم الأسباب التي أدت إلى اعتناء الشعراء الأندلسيين بوصف الطبيعة في شعرهم:
- جمال الطبيعة الأندلسية
يتضمن هذا السبب النقاط الآتية:
- الاستحسان والوصف: استحسن الشعراء الأندلسيون جمال الطبيعة الخلابة لوطنهم.
- مكونات الجمال:
أ-

ب- الحضارة الممزوجة بالطبيعة:
الحدائق المزهرة، البساتين المثمرة، المصايف والنسائم العليلة، والمدن العامرة والقلاع والطرق المرصوفة.
3)الأثر الأدبي: بكل تأكيد عندما تتوافر طبيعة مثل طبيعة الأندلس وجمالها الساحر ، فإنها تمنح وتهيئ للشعراء الإلهام، وتمدّهم بـ مادّة تصويرية غزيرة لتمجيد جمال بلادهم.
4)شاهد شعري (ابن خفاجة): يتغنى بجمال الأندلس ويشبهها بالجنة:
البيت الأول حفظ:
يا أهلَ أندلسٍ للهِ دَرُّكُم ماءٌ وظلٌ وأنهارٌ وأشجارٌ
ما جنّةُ الخُلْدِ إلا في دِيَارِكُمُّ ولو تَخيَّرْتُ هذي كنْتُ أخْتارُ
- حياة اللهو والترف
المظاهر: اتخذت حياة اللهو والترف ومجالس الأنس والطرب من الطبيعة (الحدائق والبساتين) مسرحًا لها، مما خلق مناظر جميلة ومُلهِمة.
التفنّن والتقسيم: بلغ التفنُّن في شعر الطبيعة حدًّا أدى إلى تقسيمه إلى أبواب عديدة متخصصة بناءً على العنصر الموصوف، مثل:

- تعلق الأندلسي بموطنه
- عمق التعلق: كان الأندلسيون متعلقين أشد التعلق بوطنهم الأندلس.
- نتيجة التعلق: هذا التعلق الشديد منعهم من أن يُعرضوا عن الزهو (الافتخار) بوطنهم وجماله.
- الشاهد الشعري (ابن سَفَر المَرِينِيّ): يعبر الشاعر عن هذا الشعور العميق بالانتماء والتفضيل المطلق للأندلس:
في أرض أندلسَ تُلْتَذّ نعماءُ ولا يُفارقُ فيها القلبَ سرَّاءُ
وليس في غيرها بالعيش منتفعٌ ولا تقوم بحقّ الماء صهباءُ

- سقوط المدن الأندلسية
كان شعر الطبيعة في البداية يعبر عن الرخاء والجمال. لكن مع سقوط المدن الأندلسية، تحول دور الشعر إلى مقارنة حزينة بين الماضي الجميل والحاضر الأليم. ورفض الشعراء هذا الدمار وعبروا عن صدمتهم وألمهم.
مثال على هذا الحزن (ابن خفاجة - في البلنسية):
يعبر الشاعر عن ألمه وحزنه الشديد على مدينة البلنسية التي دُمرت:
شعر رثاء المدن:
ظهر نوع خاص من الشعر وهو "شعر رثاء المدن" للتعبير عن الحزن على المدن الساقطة. من أبرز شعراء هذا الفن أبو البقاء الرندي الذي قال معبراً عن زوال المجد وأن الدنيا لا تدوم:
'
- الخصائص الفنية لشعر الطبيعة الأندلسي:
يقول ابن خفاجة في قصيدته المشهورة المعروفة بقصيدة الجبل:
(حفظ البيت الاخير)
ابن خفاجة 450 - 533هـ / 1058 -1138 م
إبراهيم بن أبي الفتح. شاعر غزل، من الكتاب البُلغاء، غلب على شعره وصف الرياض ومناظر الطبيعة. وهو من أهل جزيرة شقر من أعمال بلنسية في شرقي الأندلس.
لُقب بالشاعر الجَنَّان، لكثرة وصفه الجنّات الخضراء والبساتين، ولُقِّب أيضا بصنوبريّ الأندلس لشهرته في وصف الطبيعة.
- من أبرز السمات الفنية لشعر الطبيعة الأندلسي:
أ- هُويَّته الأندلسيّة:
- إصرار الشاعر على وحدانية جمال الأندلس وأنها تمتلك خواص لا يمتلكها غيرها مطلقًا
ب- الزخرفة والتزيين البديعي:

جـ- غلبة التصوير الفني
الوسائل: يكثر التصوير الذي ينقل فيه الشاعر المشاهد الطبيعية، ويستخدم بكثرة التشبيه والاستعارة مما يدل على خيال خصب.
- الظاهرة الأبرز (التشخيص والتجسيم):
- يُلاحَظ شيوع ظاهرة التشخيص والتجسيم، حيث يتم بث الحياة في الجماد وإبراز الصور على هيئة أشخاص أو كائنات حيّة.
- مثال: تصوير الجبل بأنه وقور صامت.