أتخيّلُ نفسي هناكَ: أشاركُ سامرًا وأختَهُ سلمى في التخطيطِ لزيارةِ محافظةِ مأدبا، حصلْنا على خريطةٍ للمواقعِ السياحيةِ في المحافظةِ، وبدأْنا نحدّدُ مساراتِ رحلتِنا.
استعدَّتْ سلمى وسامرٌ لزيارةِ مدينةِ مأدبا، وجمعا معلوماتٍ عنِ الأماكنِ الأثريةِ والسياحيةِ في محافظةِ مأدبا الّتي تقعُ على بُعدِ 35 كيلومترًا جنوبَ العاصمةِ عمّانَ، فَعَلِما أنَّ كلمةَ (مأدبا) آراميةُ الأصلِ ومعناها: المكانُ الطيّبُ أوِ المياهُ الهادئةُ، وأنَّ الاستيطانَ البشريَّ فيها يعودُ إلى العصورِ الحجريةِ، فقدْ كانَتْ جزءًا منْ مملكةِ مُؤابَ القديمةِ، ثمَّ أصبحَتْ جزءًا منْ دولةِ الأنباطِ، ثمّ اشتُهِرَتْ مأدبا في العهدَينِ الرومانيِّ والبيزنطيِّ بفنِّ الفُسَيْفِساءِ.

المحطةُ الأولى
كانَتِ المحطةُ الأولى للرحلةِ في مركزِ زوّارِ المدينةِ، وهوَ مركزٌ يحتوي على مجموعةٍ منَ الغرفِ التراثيةِ القديمةِ الّتي تقدّمُ المعلوماتِ للزُّوّارِ بطُرُق مختلفةٍ، مثلِ: الكتبِ، والنشراتِ، والأفلامِ بلغاتٍ عدّةٍ، إضافةً إلى لوحاتٍ تحكي تاريخَ مأدبا عبرَ العصورِ، ولوحاتٍ أُخرى توضّحُ أنواعَ المساراتِ السياحيةِ الموجودةِ فيها وما تحويهِ منْ مواقعَ سياحيةٍ ودينيةٍ وعلاجيةٍ.

ثمَّ توجَّه الاثنانِ إلى معهدِ مأدبا للفُسَيْفِساءِ، وهوَ معهدٌ متخصّصٌ بتقديمِ دوراتٍ تدريبيةٍ في فنِّ الفُسَيْفِساءِ والتدريبِ عليهِ، وترميمِ اللوحاتِ الفُسَيْفِسائيةِ القديمةِ.

|
السببُ: تشتهر مدينة مأدبا بفن الفسيفساء. |
النتيجةُ: تُسمّى مدينةُ مأدبا "مدينةَ الفُسَيْفِساءِ". |
نشاطٌ: بالتعاونِ معَ أفرادِ مجموعتي، أرجعُ إلى الموقعِ الرسميِّ لمعهدِ مأدبا للفُسَيْفِساءِ http://www.mimarjordan.org/ ، وأتعرّفُ نبذةً عنْ هذا المعهدِ، وأُعِدُّ منشورًا عنهُ.
معهد مادبا لفن الفسيفساء والترميم هو مؤسسة تعليمية متخصصة في فن الفسيفساء، يقع في مدينة مادبا، الأردن. تأسس المعهد عام 2007 ليكون مركزًا إقليميًا للتميز في مجال إنتاج وترميم الفسيفساء، ويُعتبر الوحيد من نوعه في المنطقة الذي يمنح درجة الدبلوم في هذا المجال. يهدف المعهد إلى الحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي للأردن من خلال تدريب وتأهيل كوادر محترفة للعمل في ترميم وإنتاج الفسيفساء.
يتميز المعهد بتقديم تعليم نوعي يجمع بين الجوانب النظرية والعملية، مما يتيح للطلبة اكتساب مهارات تقنية متقدمة. كما يساهم المعهد في تعزيز السياحة الثقافية من خلال الترويج للفسيفساء كجزء من التراث الأردني. بالإضافة إلى ذلك، يوفر المعهد فرصًا للتبادل الثقافي والتعاون مع مؤسسات دولية، مما يعزز مكانة الأردن في مجال الحفاظ على التراث.
ثمَّ توجَّها لزيارةِ كنيسةِ العذراءِ الموجودةِ داخلَ المتنزَّهِ الأثريِّ والمُرصَّعةِ بالفسيفساءِ والنقوشِ، وكنيسةِ الشهداءِ (القصرِ المُحترِقِ)، وتمتَّعا بجمالٍ فريدٍ يمزجُ بينَ بساطةِ التصميمِ ورُقِيِّ الفنِّ البيزنطيِّ، حيثُ الأعمدةُ الحجريةُ والأقواسُ، ولوحاتُ الفُسَيْفِساءِ بألوانِها الزاهيةِ وأشكالِها الهندسيةِ المُتقنَةِ تروي مشاهدَ منَ الحياةِ اليوميةِ، وتفاصيلُ تلكَ القطعِ الفنيّةِ الدقيقةِ تشهدُ على عبقريةِ الفَنِّ القديمِ وبراعتِهِ. ثمَّ تابعا مَشْيًا على الأقدامِ في جولتِهِما في شارعِ السياحةِ حيثُ المتاجرُ القديمةُ.
أثارَتْ تفاصيلُ المكانِ إعجابَ سامرٍ وسلمى، واشترَيا عددًا منَ التُّحَفِ ولوحاتِ الفُسَيْفِساءِ والمشغولاتِ الفضّيّةِ، ثمَّ تناولا وجبةَ الفطورِ في أحدِ مطاعمِ المدينةِ، وواصلا مسيرَهُما باتجاهِ كنيسةِ الخريطةِ (كنيسةِ القِدّيسِ جورجيوس).
وهناكَ كانَتْ دهشةُ سلمى كبيرةً عندما شاهدَتِ الخريطةَ الفُسَيْفِسائيةَ الّتي تمتدُّ على مساحةٍ واسعةٍ منْ أرضيةِ الكنيسةِ (بطولِ 15.6 مترًا، وعرض 6 أمتارٍ)، وتتكوّنُ منْ أكثرَ منْ مليونَيْ قطعةٍ منَ الحجارةِ الصغيرةِ المُلوَّنةِ، فهيَ ليسَتْ مجرَّدَ لوحةٍ فنيةٍ، بلْ هيَ أقدمُ خريطةٍ للأراضي المُقدَّسةِ.

المحطةُ الثانيةُ
عبرَ طريقٍ مُلْتَوٍ محاطٍ بأشجارِ الصنوبرِ وصلَ سامرٌ وسلمى إلى جبلِ نيبو (صياغةَ)، وهوَ أحدُ المواقعِ التاريخيةِ المُقدَّسةِ عندَ المسيحيينَ ويُطِلُّ على مشاهدَ تمتدُّ عبرَ وادي الأردنِّ والبحرِ الميتِ، وتجوّلا في المتحفِ المجاورِ للكنيسةِ، وشاهدا كنيسةَ صياغةَ الّتي تحتوي على أرضياتٍ فُسَيْفِسائيةٍ رائعةٍ تُصوِّرُ مشاهدَ منَ الحياةِ اليوميةِ، والتقيا أحدَ أفرادِ الشرطةِ السياحيةِ الّذي أخبرَهُما أنَّ هذا المعلمَ السياحيَّ اعتُمِدَ بوصفِهِ أحدَ مواقعِ الحجِّ المسيحيِّ عامَ 2000م.
ثمَّ توجَّها إلى حمّاماتِ ماعينَ، حيثُ تتدفّقُ المياهُ المعدِنيةُ الحارّةُ الغنيّةُ بالمعادنِ والكبريتِ منْ شلّالاتٍ مرتفعةٍ، ما يمنحُ الزوّارَ الشعورَ بالدفءِ والاسترخاءِ، وتتّسمُ هذِهِ المياهِ بخصائصَ علاجيةٍ تساعدُ على تخفيفِ آلامِ المفاصلِ والعضلاتِ والأمراضِ العصبيةِ، وتُعزّزُ صحةَ الجلدِ والدورةِ الدمويةِ.

المحطةُ الثالثةُ
بعدَ أنْ قضى سامرٌ وسلمى ليلتَهُما في أحدِ فنادقِ حماماتِ ماعينَ، توجَّها في صباحِ اليومِ التالي برفقةِ دليلٍ سياحيٍّ إلى منطقةِ وداي الوالةِ الّذي يمتدُّ منْ سدِّ الوالةِ وحتّى وادي الهيدانِ، وهوَ أحدُ مجاري المياهِ العذبةِ دائمةِ الجريانِ في الأردنِّ، يبلغُ طولُهُ نحوَ 5 كيلومتراتٍ، ويتّحدُ معَ وادي الموجبِ ليصبَّ في البحرِ الميتِ، ويتخلّلُ الواديَ عددٌ منَ البِرَكِ، وعلى جانِبَيِ الوادي تنمو النباتاتُ البرّيّةُ والشُجيراتُ الصغيرةُ، ويوفّرُ وادي الوالةِ لعشّاقِ المغامرةِ فرصةَ المشيِ عبرَ ممرّاتِهِ الضيّقةِ والتسلُّقِ بينَ الصخورِ، إذْ يشكّلُ تحدّيًا ممتعًا لمحبّي الطبيعةِ، ثمَّ غادَرا المكانَ بعدَ مغامرةٍ لا تُنْسى.

ثمَّ توجَّها إلى جنوبِ غربِ مدينةِ مأدبا، حيثُ قلعةُ مكاورَ (قلعةُ هيرودوس) الّتي تُعَدُّ واحدةً منْ أهمِّ المواقعِ التاريخيةِ والدينيةِ في المنطقةِ، والّتي بناها الرومانُ لتكونَ حصنًا دفاعيًّا استراتيجيًّا، وتذكرُ بعضُ المصادرِ التاريخيةِ أنَّ سيدَنا يحيى عليهِ السلامُ قدْ سُجِنَ في هذا المكانِ وأُعدِمَ فيهِ، ما يجعلُها موقعًا مُقدَّسًا يقصدُهُ الحجّاجُ والزُّوّارُ المسيحيونَ، وعلى الرغمِ منْ أنَّ القلعةَ لمْ يبقَ منها الكثيرُ منَ المعالمِ، فإنَّ بقايا الأسوارِ الضخمةِ والأبراجِ الدفاعيةِ منحَتْ سامرًا وسلمى فرصةً لتخيُّلِ هيبةِ المكانِ وفخامتِهِ في الماضي.


خلالَ زيارةِ البابا يوحنّا بوليس الثاني إلى الأردنِّ عامَ 2000م، اعتُمِدتْ مواقعُ في مدينةِ مأدبا للحجِّ المسيحيِّ.
- ما أهميةُ هذِهِ الزيارةِ للأردنِّ؟
زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى الأردن عام 2000م كانت حدثًا تاريخيًا ذا أهمية كبيرة على عدة مستويات. جاءت هذه الزيارة ضمن برنامج حج اليوبيل الديني المقدس، حيث أحيا البابا ذكرى مرور ألفي عام على ميلاد السيد المسيح. خلال زيارته، أكد البابا على أهمية السلام في المنطقة، مشددًا على ضرورة تحقيق العدالة وحقوق الإنسان كخطوة نحو إحلال سلام دائم. كما أشاد بجهود الأردن وقيادته في تعزيز الحوار بين الأديان والعمل من أجل السلام في الشرق الأوسط.
الزيارة تضمنت أيضًا زيارة الأماكن الدينية المهمة مثل جبل نيبو، مما أبرز مكانة الأردن كمركز للحج المسيحي. كما ساهمت في تعزيز الحوار المسيحي الإسلامي، حيث دعا البابا إلى التعاون بين الشعوب التي تؤمن بالله الواحد. هذه الزيارة كانت رمزًا للتسامح الديني والتعايش، وأكدت على دور الأردن في تعزيز القيم الإنسانية والسلام العالمي.
- ما أهميةُ اعتمادِ عددٍ منَ المواقعِ في الأردنِّ للحجِّ المسيحيِّ؟
اعتماد عدد من المواقع في الأردن للحج المسيحي يحمل أهمية دينية وثقافية وسياحية كبيرة. فالأردن يحتضن عددًا من الأماكن المقدسة المرتبطة بحياة السيد المسيح، مثل موقع المغطس (مكان عماد المسيح)، وجبل نيبو، حيث يُعتقد أن النبي موسى رأى الأرض المقدسة. هذه المواقع تمثل مقصدًا للحجاج المسيحيين من جميع أنحاء العالم، مما يعزز الروابط الروحية ويعكس مكانة الأردن كجزء من التراث المسيحي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يشجع هذا الاعتماد على تعزيز الحوار بين الأديان وزيادة التفاهم بين الشعوب. كما يساهم في دعم السياحة الدينية، التي تُعد جزءًا مهمًا من الاقتصاد الأردني، من خلال جذب الزوار وتوفير فرص عمل للسكان المحليين. اعتماد هذه المواقع يعكس حرص الأردن على الحفاظ على إرثه التاريخي والديني وتقديمه للعالم كرمز للتسامح والتعايش
|
|
- ما أثرُ زيادةِ عددِ السيّاحِ في الاقتصادِ الوطنيِّ؟
زيادة عدد السياح تؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني من عدة جوانب. أولاً، تُسهم في تحقيق عائدات مالية كبيرة من خلال الإنفاق السياحي على الإقامة، الطعام، النقل، والتسوق، مما يعزز الناتج المحلي الإجمالي. ثانيًا، تُوفر السياحة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاعات مثل الفنادق، المطاعم، النقل، والأنشطة الترفيهية، مما يساعد على تقليل معدلات البطالة. ثالثًا، تُشجع على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية السياحية، مثل تحسين الطرق، المطارات، والخدمات العامة، مما يعود بالنفع على المجتمع بأكمله.
إضافة إلى ذلك، تُسهم السياحة في تعزيز التجارة المحلية من خلال دعم الصناعات الحرفية والمنتجات التقليدية، مما يزيد من الطلب على الإنتاج المحلي. كما أنها تُساعد في تحسين صورة البلد على المستوى الدولي وتعزيز مكانته كوجهة سياحية، مما يؤدي إلى جذب المزيد من السياح في المستقبل.
غادَرَتْ سلمى وشقيقُها سامرٌ مدينةَ مأدبا وهما يشعرانِ بالرضا عنْ تجربتِهِما المُثيرةِ بتفاصيلِها كافّةً، ويحملانِ ذكرياتٍ جميلةً ستبقى في ذاكرتِهِما.
نشاطٌ:
يُستقبَلُ الزُّوارُ في مقرِّ مركزِ زُوّارِ مغامراتِ الهيدانِ، ويطّلعونَ على طبيعةِ المنطقةِ بشرحٍ مُبَسَّطٍ ويُعطَوْنَ جميعَ المُعَدّاتِ اللازمةِ للمغامرةِ. يبدأُ المسارُ منْ مقرِّ مركزِ الزُّوّارِ (مغامراتِ الهيدانِ).
بالتعاونِ معَ أفرادِ مجموعتي، أرجعُ إلى الموقعِ الرسميِّ للجمعيةِ المَلَكيةِ لحمايةِ الطبيعةِ https://www.rscn.org.jo/، وأجمعُ معلوماتٍ وصورًا عنْ وادي الهيدانِ، وأصمّمُ عرضًا تقديميًّا، ثمَّ أعرضُهُ على زملائي/ زميلاتي في الصفِّ.
(يترك للطلبة).