قال تعالى : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } دلت الآية الكريمة على أنّ:
- ذكر الله تعالى من أعظم العبادات وأحبها إليه سبحانه وتعالى.
- أمر الله عباده بالذكر، وحثهم عليه تزكية لنفوسهم، وتقوية لإيمانهم.
- وجعله سببًا لفلاحهم في الدنيا والآخرة.
ونهى الله سبحانه وتعالى عن الغفلة عن ذكره، في قوله تعالى:
{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ }
أولا: مفهوم ذكر الله تعالى
هو مداومة العبد على ذكر الله تعالى بألفاظ يجريها على قلبه ولسانه، تتضمن الثناء على الله عز وجل بجميل أوصافه، وأسمائه، وأفعاله، وتلاوة آياته.
ونحو ذلك مما ورد الترغيب فيه، والحث عليه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية على اختلاف الأحوال والمناسبات.
ثانيا: أهمية ذكر الله تعالى
إن لذكر الله عز وجل أهمية كبيرة، وآثارا جليلة في حياة المسلم، منها:
1 - بعث الطمأنينة والسكينة في النفوس
والرضا وهدوء البال، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }
2- تحصيل المغفرة من الذنوب
قال تعالى: "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا "
والذكر حياة للقلب ، لذلك شبه النبي ﷺ الذاكرين الله تعالى بالأحياء، وشبه الغافلين عن ذكر الله تعالى بالأموات.
دل على ذلك قوله ﷺ: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت }.
3- رفع المنزلة والدرجة للإنسان عند ربه عز وجل
بما يحقق له منزلة عالية في الجنة، بدليل قوله تعالى:" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ "
وفي هذا بيان لقرب الله من عبده إذا تقرب إليه العبد بالذكر، فقد ورد أن رسول الله ﷺ قال: "إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد".
ثالثا : بعض الأدعية والأذكار ودلالاتها "
يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى في الأوقات والمناسبات جميعها:
- في الصباح والمساء.
- وعند النوم واليقظة.
- ودخول المنزل والخروج منه.
- وعند دخول المسجد والخروج منه.
بدليل قوله تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ }
وفي ما يأتي بعض من هذه الأذكار، وما تدل عليه من معاني عظيمة:
1 - أذكار الصباح والمساء
هي أذكار كان الرسول ﷺ يداوم عليها في الصباح والمساء، وحثنا على التمسك بها لأنها:
- تحفظ الإنسان وتحميه.
- وبها يستشعر المسلم وجود الله تعالى معه في كل اليوم.
- وتشعره بالطمأنينة والراحة،
- ويتقرب من الله تعالى، فيغفر له ذنوبه ويعفو عن أخطائه.
- وتعطي المسلم أيضا القوة ليقوم بأعمال يومه.
- ويرزقه الله الفلاح والصحة والمال، لأنه توكل على الحي القيوم، وبدأ يومه بذكر
الله، وأنهاه بذكره سبحانه وتعالى.
ومن أذكار الصباح والمساء الواردة عن رسول الله ﷺ: "أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد الله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر ".
وإذا أمسى قال: "أمسينا وأمسى الملك لله، ربّ أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها".
2 - أذكار خاصة ببعض العبادات، مثل:
أ- دعاء الاستفتاح في الصلاة:
- وهو دعاء يقال بعد تكبيرة الإحرام وقبل سورة الفاتحة.
- وقد سمي بهذا الاسم لأنه يكون بداية الصلاة، أي نستفتح فيه الصلاة بعد أن نكبر تكبيرة الإحرام.
- ومن دلالاته، أن المصلي يهيئ نفسه بهذا الدعاء للخشوع.
وقد وردت أذكار متعددة للاستفتاح منها: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ".
ويعني: تقدست يا الله وتنزهت عن كل نقص وعيب.
وعَظُمَ وتنزه اسمك وكثرت بركته.
وعلت وارتفعت عظمتك وقدرتك، ولا يستحق العبادة إلا أنت .
ب- الذكر بعد الصلاة
- يعد الذكر بعد الصلاة المفروضة من العبادات التي فيها تسابق إلى الخير ، وهذا التسابق يؤدي إلى:
- الحصول على درجات عالية عند الله في الجنة.
- والمحافظة على الصلة والتواصل مع الله عز وجل في الشدة والرخاء.
- وتعميق الإخلاص لله تعالى.
ومن أذكار بعد الصلاة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله ﷺ قال: "من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المئة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".
3- أذكار خاصة ببعض الأماكن، مثل:
أ - الذكر عند الدخول إلى المسجد والخروج منه:
كان رسول الله ﷺ إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال: "رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك".
وإذا خرج ، قال: "رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك".
ب - الذكر عند الخروج من المنزل ودخوله
فقد كان من سنة الرسول ﷺ أن يقف مع نفسه وقفة قبل أن يخرج من بيته:
- يسأل الله فيها أن ييسر له أموره
- وأن يحفظه ويحفظ أهله.
ومن أذكار الخروج من المنزل "اللهم إني أعوذ بك أن أضل، أو أضل، أو أزل، أو أزل، أو أظلم، أو أظلم، أو أجهل، أو يجهل علي".
ومن أذكار دخول المنزل "بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله".