الاردن و حركة النهضة العربية
اولا: مفهوم النهضة العربية و عواملها
تأثر الأردن بالنهضة التي شهدتها البلاد العربية؛ فهو أحد أجزاء بلاد الشام الذي يربط المشرق العربي بمصر، ولمعرفة مفهوم النهضة العربية.
النهضة العربية حالة من الوعي السياسي، شهدنها الولايات العربية، خاصة في المشرق العربي من منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، تمثلت في تنبه العرب إلى ماضيهم المجيد، وإدراكهم لواقعهم المتخلف، وسعيهم لإحياء الماضي بما فيه من أصالة وتراث عربي إسلامي مجيد والعمل على تجاوز التخلف من أجل بناء مستقبل أفضل.
|
تضافرت عوامل عدة ساعدت على ظهور النهضة العربية في منتصف القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين، منها:
- سياسة التتريك (تتريك العرب).
- الحملة الفرنسية على مصر وبلاد الشام.
ظهور طبقة متعلمة ومثقفة مطلعة على نظم الديمقراطية
ثانيا: مظاهر النهضة العربية
تمثلت مظاهر النهضة العربية في الأردن في ما يأتي :
1- الاهتمام بالتعليم وانتشار المدارس خاصة في أثناء فترة حكم إبراهيم باشا، وهذا دفع الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي إلى فتح عدد من المدارس الابتدائية والرشدية في عدد من البلدات والقرى في الأردن، إضافة إلى المدارس التابعة للإرساليات التبشيرية.
وقد كان لانتشار المدارس أثر في ما يأتي :
أ- رفع المستوى التعليمي ونقل العلوم والمعارف .
ب-نمو الشعور القومي العربي لدى الأردنيين.
ج- صور أدباء وصحفيين أردنيين في أواخر العهد العثماني، مثل: محمد المحيسن من الطفيلة، الذي أصدر جريدة الصراط باللغة العربية من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن مؤلفاته رواية الأسير . وعقيل أبو الشعر من مواليد بلدة الحصن، الذي أكمل دراسته في القدس ثم روما، وقد أتقن اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية، وله مجموعة من الروايات ترجمت إلى اللغتين الإسبانية والفرنسية، وترجم بعض منها إلى اللغة العربية.
2-مشاركة أبناء الأردن في الحياة السياسية في الدولة العثمانية ضمن ولاية سورية عن طريق مجلس المبعوثان (النواب)، ومجلس الولاية (المجلس العمومي).
ثالثا: الحركات المحلية
نتيجة لسوء سياسة الإدارة العثمانية في الأردن، قامت حركات عدة
ومنها:
1-حركة بني حميدة عام 1889م
قامت عشائر بني حميدة في عام ١٨٨٩م بالتمرد على الدولة العثمانية لظلمها واستخدامها القسوة في جباية الضرائب منها، وقد رفض أبناء قبيلة بني حميدة في ذيبان دفع الضرائب المتراكمة عليهم، والبالغة ( ۲۰۰,۰۰۰) قرش.
كان من نتائج حركة بني حميدة مقتل وجرح عدد منهم، وإجبار أبناء القبيلة على دفع ما عليهم من الضرائب
2- حركة الشوبك عام 1905م
إحدى الحركات التي قامت ضد الظلم العثماني المتمثل بكثرة ما فرض على أهالي الشوبك من ضرائب، وكان من نتائج هذه الحركة:
-مقتل عدد من رجال الشويك
-تدمير منازل الأهالي.
-اجبار الأهالي على دفع الضرائب.
3-حركة الكرك (الهية) عام ١٩١٠م
بدأت ملامح حركة الكرك منذ أن ممكن سامي باشا الفاروقي قائد الحملة العثمانية على حوران من إخماد ثورة جبل العرب، فقد استخدم إجراءات قمعية وتعسفية أثارت الرعب في المناطق المجاورة.
وكان من أسباب حركة الكرك ما يأتي:
أ-سياسة التتريك وإجبار العرب على التخلي عن عروبتهم.
ب إحصاء النفوس من أجل التجنيد الإجباري، وإرسال أبنائهم للخدمة والقتال حروب لا تخص العرب.
ج- الظروف الصعبة التي فرضها الحكم العثماني.
هاجم أبناء عشائر الكرك مقر الحامية العثمانية العسكرية، ودخلوا مدينة الكرك من جوانبها جميعها، ما عدا الجانب الذي تشرف عليه القلعة، وقد نشبت المعركة بين الطرفين وسط المدينة، فارتد الجنود العثمانيين إلى القلعة، فحاصرهم الأهالي عشرة أيام .
وكانت لحركة الكرك نتائج عدة، منها:
أ-خروج الجنود العثمانيين المحاصرين من القلعة إلى شوارع المدينة، فاستباحوا ما وجدوه قتلا ونهبا و تخريبا
. ب - إلقاء القبض على الثائرين في الكرك والطفيلة ومعان، وقتل عدد منهم، وإرسال الآخرين إلى سجن قلعة الكرك.
ج- القبض على مئة وعشرة من الذين اشتركوا في حركة الكرك، وإرسالهم إلى سجن القلعة في دمشق لمحاكمتهم هناك، إذ حكم على اثنين وعشرين منهم بالإعدام شنقا، فأعدم خمسة منهم في دمشق، وهم: الشيخ علي سليمان اللوانسة، والشيخ درويش خليل الجعافرة، والشيخ ساهر محمد المعايطة، والشيخ منصور إبراهيم الذنيبات، وخليل هلال الذنيبات، وأعيد الباقون إلى الكرك، فأعدموا في ساحة المسجد.
أدت الإجراءات التعسفية في معالجة الأمور إلى نفور الأهالي، وكراهيتهم للأتراك، وفقدان الثقة نهائيا بالدولة التركية، فما أن أعلنت الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف الحسين بن علي شريف مكة حتى تنادوا إلى نصرته، وانضموا إلى جيشه للمشاركة في تحرير العرب من ظلم الاتحاديين الأتراك، وقد أسهموا في اجتياح الحاميات التركية الموجودة في المنطقة إلى جانب قوات الثورة العربية الكبرى.