التربية الإسلامية فصل ثاني

المواد المشتركة أول ثانوي

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ

حثّ الإسلام على الوَحدة والتّعاون وتقبّل الآخر، ودعا إلى نبذ الفرقة؛ لذا آخى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين المسلمين من مهاجرين وأنصار في المدينة المنوّرة، فأصبحوا مجتمعًا متماسكًا تسوده المحبّة والمودّة، ويجمعهم نظام واحد، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾.

أتوقف

يقوم الوطن على مقوّمات ضروريّة لاستمراره، هي: الأرض، والشّعب، والنّظام السّياسيّ المتمثّل في سلطات ثلاث: (تنفيذيّة، وتشريعيّة وقضائيّة).

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

  • الإنسان كائن اجتماعيّ بطبعه، يعيش منذ القدم في تجمعّات سُكّانيّة، تسعى إلى تمتين الرّوابط بين أفرادها.
  • والإسلام يعزّز هذه الرّوابط بين النّاس، ويدعو إلى استمرارها بين أبناء الوطن الواحد، حيث يعيش على أرضه مجموعات قد يختلفون في الدّين، أو العرق، أو اللّغة، وينبغي أن يكون هذا التّنوّع والاختلاف مَدعاةً للوَحدة والقوّة، وليس مُنطلَقًا للفُرقة والضّعف.

 

أَولًا: مفهومُ الوَحدةِ الوطنيّةِ وأهمّيَّتُها

  • الوَحدة الوطنية: هي تماسك أبناء الوطن وتحابّهم، وانتماؤهم إلى بلدهم، والتّفاني في خدمته، والدّفاع عنه دون النّظر إلى الاختلافات العِرقيّة، أو الدّينيّة، أو الثّقافيّة.
  • وقد حذّر الله تعالى من الفُرقة، فقال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾، لذلك عدّ الإسلام الوَحدة الوطنيّة فريضة، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾.
  • وللوَحدة الوطنيّة أهمّيّةٌ كبيرةٌ في:
    • تحقيق استقرار الوطن ونمائه وتطوّره في المجالات جميعها.
    • حماية أبنائه من الفتن، ونشر الأمن بينهم.
    • جَعْلِهم (أبناء الوطن)  قوّة تتصدّى لأيّ عُدوان خارجيّ، والمحافظة على مكتسباتهم.
    • تُعَدُّ الوَحدة الوطنيّة سببًا في عِمارة الأرض؛ لأنّ ذلك يقتضي تعاون أبناء المجتمع وتآلفهم ووحدتهم، قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ﴾.
    • وهي حاجة أمنيّة؛ ليبقى المجتمع آمنًا مُتماسِكًا، وليستطيع النّاس القيام بواجباتهم الدّينيّة، والدّنيويّة، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾.

 

ثانيًا: توجيهاتُ الإسلامِ لتحقيقِ الوَحدةِ الوطنيّةِ

وجّه الإسلام إلى مجموعة من المبادئ الّتي تقوي اللُّحْمَة الوطنيّة بين مكوّنات الشّعب، من أهمّها:

  • تأكيد الأخوّة الإنسانيّة، باعتبار أنّ جميع النّاس يرجعون إلى أصل واحد، وأنّ الغاية من تنوّع أعراقهم وأجناسهم تحقيق التّعارف والتّعاون بينهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
  • تقبّل اختلاف النّاس في أديانهم ومعتقداتهم، وأنّه سنّة كونيّة، والوطن جامع للنّاس على اختلاف أديانهم، قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
  • محاربة كلّ صور التّعصّب والعنصريّة الّتي تفرّق بين أبناء الوطن الواحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحذِّرا من العنصريّة: «دَعُوها فإنَِّها مُنتنةٌ ».
  • المساواة بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، فقد جاء في وثيقة المدينة المنوّرة: «وإِنَّهُ مَن تَبعنَا مِن يَود فإِنَّ لهُ النَّصَرة والأُسوةَ غيرَ مَظلومينَ ولا مُتناصرٍ عليهم »
  •  السّعي إلى تحقيق التّكافل بين أفراد المجتمع، للوصول بهم إلى الحياة الكريمة، من خلال تقديم العون لكلّ محتاج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلُ المؤمنينَ في تَوادِّهم وتَراحُِمهِم وتَعَاطُفِهم مَثَلُ الجسدِ؛ إذِا اشتكى مِنهُ عُضوٌ تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى ».

صورة مشرقة

تُعَدُّ المملكة الأردنيّة الهاشميّة أُنموذجًا مميّزًا للوَحدة الوطنيّة، والتّماسك والتّلاحم بين أفرادها، حيث يعيش فيها مواطنون يمثّلون تنوّعًا عرقيًّا، ودينيًّا، وقد حافظ أبناء كلّ عرق ودين على ثقافتهم ودينهم، واندمجوا جميعًا في المجتمع الأردنيّ مواطنين لهم الحقوقُ نَفْسُها، وعليهم الواجبات نَفْسُها، بصورة جميلة ساهمت في قوّة الوطن، ووَحْدة شعبه.

ودعائم الوَحدة الوطنيّة في الأردنّ قويّة وعلى رأسها:

  • القيادةُ الهاشميّة الّتي تؤكّد أنّ وحدة أبناء الوطن وخدمتهم هما من أولويّاتها في الحكم.
  • القوّاتُ المسلّحةُ الأردنيّةُ (الجيشُ العربيُّ).
  • الأجهزةُ الأَمنيّةُ المختلفة، الّتي نذرت نفسها للدّفاع عن الوطن وأبنائه، ومحاربة كلّ عمل من شأنه الإضرار بهذه الوَحدة.
  • وعي المواطنين بأهمّيّة المحافظة على هذه الوَحدة وتقويتها، وما يجمعهم من إرث حضاريّ وتاريخيّ مشترك، وتمسّكهم بالقيم الدينيّة، الّتي تدعو إلى المحافظة على الوَحدة الوطنيّة.

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

  • تمثلُ الأمة الإسلامية مجموعة من النّاس يجمعهم دين واحد وإطار فكريّ وتاريخيّ ومصالح مشتركة، وحضارة واحدة، قدّمت للبشريّة نموذجًا رائعًا في جميع الجوانب، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾
  • والوَحدة الوطنيّة لا تتعارض مع وحدة الأمّة الإسلاميّة؛ لِأنَّ تحقيق الوَحدة الوطنيّة، من أكبر أسباب وحدة الأمّة الإسلاميّة؛ لذا يتوجّب على أبناء الوطن الواحد القيام بواجبهم تجاه أمّتهم، بالتزام توجيهات الإسلام في المحافظة على وحدة الأمّة الإسلاميّة، من خلال ما يأتي:
    • تأكيد الأُخوّة الإيمانيّة، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
    • محاربة أسباب الفُرقة والاختلاف، كالتّعصّب المذهبيّ، والطّائفيّ، والقَبَليّ، والسّياسيّ، وعدم الانجرار وراء دعوات التّفرقة الّتي يبثّها أعداء الأمّة من داخلها وخارجها، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
    • السّعي لإظهار التّكامل بين أفراد الأمّة الواحدة، والاعتزاز بها، والمحافظة على منجزاتها، والدّفاع عنها، والحرص على وحدتها، ونصرة أبنائها، والتّعاون معهم.