الدراسات الإسلامية فصل أول

الأول ثانوي أدبي

icon

يعد التفكير نعمة عظيمة من نعم الله تعالى التي مَنّ بها على عباده، لذا حث القرآنُ الإنسان على التدبر في خلق السماوات والأرض، والتفكير نشاط لا بد من ممارسته في الحياة اليومية.

 

مفهوم التفكير

  • هو سلسلة من النشاطات التي يقوم بها العقل عندما يتعرض لمثير يُستقبَلُ عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس الخمس، من أجل الوصول إلى حلّ لمشكلة ما.
  • وقد حوى القرآن الكريم الكثير مما يدخل في باب التفكير وعملياته، فيوجد الكثير من الآيات التي تدعو إلى النظر، والتبصر، والتدبر، والاعتبار، والتفقه، والتذكر، والتعقل، وهذا كلّه يؤكد اهتمام القرآن بعملية التفكير:
    • أنها من أهم العمليات المؤدية إلى اكتشاف حقيقة التوحيد ووجود الله تعالى وقدرته.
    • ومن الحقائق التي يسعى العقل المفكر إلى الوصول إليها: وجود الخالق سبحانه وتفرده، وهي إحدى الحقائق التي يسهل اكتشافها بالتفكر في الكون والوجود وحقائقه ونظامه وتنسيقه.
  • والإسلام يرفض طريقتي التفكير السطحي والسلبي، لأنه يدعو إلى التعمق في النظر والفكر للوصول إلى الحقيقة من غير التقليد الذي يؤدي إلى إهمال العقل وتغييب الفكر.
  • نعى الذين يتبعون الظن، قال تعالى: "إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا"، وأمر بالتثبت في كل أمر قبل الاعتقاد به واتباعه، قال الله تعالى: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا".
  • وهكذا يعمق القرآن الكريم فكر الإنسان ويحترمه، ويضع أصول التفكير الذي يطلق للعقل البشري الحرية ليصل بنفسه إلى الحقيقة، حيث يبحث وينقب ويستنتج ويتحقق من صحة ما يستنتجه.

 

الشخصية المبدعة

  • التفكير يُوجِدُ الشخصية المبدعة المتميزة، والمسلم الذي ينمي قدرته على التفكير يكون قادرًا على عمارة هذا الكون، وتحقيق الاستخلاف وفق منهج الله تعالى.
  • التفكير المبدع يكون برؤية الأشياء بأبعاد غير الأبعاد التي ينظر بها الآخرون للشيء نفسه.

 

سمات الشخصية المبدعة

للشخصية المبدعة مجموعة من السمات، منها ما يأتي:

أ- مواصلة الاستكشاف:

  • من الطبيعي عندما يبحث الشخص العادي عن حل لمشكلة أو يحاول الوصول إلى فكرة جديدة فغالبًا ما يتوقف عند أول حل وفكرة تفاجئه وتطرأ عليه.
  •  ولكن المبدع يواصل الاستكشاف، ولا يكتفي بحل واحد، ويستمر حتى يحصل على أكثر من طريقة حل وفكرة، ويستنفد كل طاقته في سبيل ذلك.

ب- التفرّد في التفكير:

  • الإنسان بطبيعته يلجأ دائمًا إلى الطرائق التقليدية المعتادة في تفكيره، ويسير على ما سلكه غيره سابقًا حتى يضمن النجاح سريعًا، ويريح نفسه، بينما المبدع لا يقف عند الحلول والطرائق التقليدية التي يعتادها الناس بل تجده ينظر إلى الأمور بطريقة مختلفة.
  • فقد كانت فكرة تحليق الطائرة مثلًا فكرة جنونية، واتهم أصحابها وقتها بالجنون، ولو فكر صانعو الطائرة بالطريقة نفسها التي فكر بها الآخرون لما كانت الطائرة موجودة، وهكذا كانت كل الاختراعات في بدايتها.

ج- تجاهل المحبطين:

  • يتراجع الكثير منا سريعًا عن بعض أفكاره المختلفة والغريبة خوفًا من نظرات من حوله في مجتمعه وتعليقاتهم، التي تدعوه للتراجع، التي تدعوه للتراجع، فيصاب بالإحباط.
  • ولكن ما يميز المبدع أنه يتجاهل تمامًا ردود أفعال الناس وأقوالهم التي من شأنها أن تثبط همته وعزيمته، بل يركز على إثبات نجاح ما توصل إليه، قال الله تعالى: "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُواْ الْأَلْبَابِ".
  • وهذه الآية الكريمة توجه الإنسان إلى عدم التأثر بالأقوال السيئة، بل يتبع الإنسانُ الحسنَ من القول والفعل.

د- التجريب:

الخوف من المجهول يجعلنا نتردد كثيرًا قبل القدوم عليه، ونفضل الابتعاد عنه، ولكن المبدع:

  • يحب المغامرة وتجريب ما ليس فيه معصية لله تعالى، أو يلحق ضررًا بنفسه أو مجتمعه.
  • لأنه لا يخشى الفشل والوقوع في الأخطاء.
  • ويجد في ذلك متعته، ويفتح عليه آفاقًا متنوعة.
  • ويكسبه خبرات مفيدة، فهو مؤمن بقدرته وإبداعه.

هـ- احترام الوقت:

  • إن من أهم قيم الإبداع والتفكير الابتكاري التي أولا الإسلام عناية ورعايته "قيمة احترام الوقت"؛ لذا يجب الحرص عليه، وعدم إضاعته، وإحسان إدارته.

و- الإتقان:

  • طلب الله تعالى من عباده أن يُتقنوا أعمالهم، وإتقان العمل سبب لمحبة الله تعالى عبده، قال رسول الله : "إنّ الله يحبُّ إذا عملَ أحدُكم عملًا أن يتقنَهُ".

ز- التعاون:

  • حيث أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، ونهى عنه في مجال التعدي والظلم، قال الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ".
  • وحتى يكون هذا التعاون مثمرًا، يجب أن يقوم على قاعدة الإفادة من رأي ذوي الخبرة.
  • يوجد نصائح تعين المسلم على استثمار أفكاره الإبداعية، ومن تلك النصائح ما يأتي:
    • سجّل أفكارك قبل أن تنساها.
    • تذكر دائمًا أنه لا يوجد حل واحد صحيح على الدوام، ولذلك لا بد من وضع أكثر من حل لأي مشكلة، وصياغة أكثر من طريقة لتحقيق الأهداف.

طرائق إبداعية للتفكير

يوجد مجموعة من الوسائل والطرائق التي تعين على التفكير بصورة إبداعية، منها ما يأتي:

أ- التفكير بالطريقة العكسية: فمثلًا درج العرف على أن المريض يذهب إلى المستشفى، ولكن لماذا لا يأتي المستشفى إليه؟ وبتلك الطريقة استحدثت فكرة الزيارات المنزلية، التي يقوم بها الأطباء للمرضى في بيوتهم؛ ما خفف على المرضى آلام الحركة وقت المرض ومعاناته.

ب- التفكير بطريقة الدمج: فمثلًا بالدمج بين الجوال (الهاتف النقال)، وبين الكاميرا، خرجت أجيال من الهواتف النقالة تمكننا من إجراء المكالمات المرئية.

ج- التفكير بالطرائق البسيطة المنطقية: فيحكى مثلًا عن حافلة مرتفعة علقت تحت إحدى الجسور، ففكر الجميع في كيفية إبعاد سقف الحافلة عن الجسر فعجزوا عن ذلك، ولكن فتاة صغيرة فكرت، ثم اقترحت إفراغ عجلات الحافلة من الهواء، فهبطت الحافلة، ونجحوا بعد ذلك بتخليصها.

د- التفكير بطريقة السؤال عن الكيفية (كيف يمكن؟): فمثلًا كيف يمكن استخدام مجموعة من الأوراق البيضاء عشرين استخدامًا غير استخدامها في الكتابة أو في الرسم عليها؟

هـ- التفكير بطريقة (ماذا لو؟): فمثلًا ماذا لو أنه لا يوجد جاذبية أرضية؟ ماذا لو قامت الشركة المنافسة بطرح منتج جديد بسعر أقل وجودة جيدة؟