التربية الإسلامية فصل ثاني

التاسع

icon

الْفِكْرَةُ الرَّئيسَةُ

  • التوبةُ خُلُقٌ عظيمٌ يتحرى المسلمُ المواظبةَ عليها.
  •  ولها شروطٌ وآدابٌ ينبغي التزامُها؛ لكي يقبلَها اللهُ تعالى.

 

إضاءَةٌ

  • وردَ الأمرُ بالتوبةِ في القرآنِ الكريمِ في أكثرَ منْ موضعٍ، مثلِ(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) "التحريم:8".
  • وسُمِّيَتْ سورةٌ مِنْ سُورِ القرآنِ الكريم بِــ (سورةِ التوبةِ)

 

أَسْتَنيرُ

  • من سَعةِ رحمةِ اللهِ تعالى بعبادِهِ أَنَّهُ بَيَّنَ للإنسانِ طرقَ الخيرِ وأرشدَهُ إليها.
  •  وبَيَّنَ لَهُ طرقَ الشرِّ وحذّرَهُ السيرَ فيها.
  •  وجعلَ بابَ التوبةِ مفتوحًا لِمَنْ أخطأ فسلكَ طريقَ الشرِّ، قال رسولُ الله : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللّيلِ ليتوبَ مسيءُ النّهارِ، ويبسطُ يدَهُ بالنّهارِ ليتوبَ مسيءُ اللّيلِ ، حتّى تطلعَ الشّمسُ من مغربِها) (رواه مسلم)

 

أولًا: مفهومُ التوبةِ وشروطُها

  • التوبةُ: هيَ الاعترافُ بالذنبِ والإقلاعُ عنهُ، والندمُ على فعلِهِ، والعزمُ على عدمِ العودةِ إليهِ، ورَدُّ الحقوقِ إلى أصحابِها؛ طاعةً للهِ تعالى.
  • فالإنسانُ معرَّضٌ للوقوعِ في المعصيةِ.
  •  وهو مأمورٌ بالعودةِ عنها.
  •  وقدْ جعلَ اللهُ تعالى خيرَ الخطّائينَ التوّابينَ الذين يندمونَ على ما اقترفوهُ من الذّنوبِ ولا يرجعونَ إليها.

ولقبولِ التوبةِ شروطٌ لا بدَّ من تحقيقها، وهي:

1. الإخلاصُ، بأن يقصِدَ التائبُ من توبتِهِ رضا اللهِ تعالى وليسَ رياءً، أو سمعةً، أو خوفًا من مخلوقٍ، أو رجاءً لأمرٍ ينالُهُ من الدنيا.

  • وقد شهدَ سيدنا رسولُ الله على صدق توبة أحد الصحابة الكـرام رضي الله عنهم، فقال: (لقد تابَ توبةً لو قُسِمَتْ بينَ أمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ ) (رواه مسـلم).

 

2. الندمُ على الذنبِ، واستشعارُ عِظَم الخطأ المرتَكَبِ الذي استلزمَ التوبةَ، قال رسولُ اللهِ : (الندمُ توبةٌ) (رواه ابن ماجه).

  • فالمؤمنُ حينَ يتذكّرُ عظمةَ الله تعالى يشعرُ بالحسرةِ والحزنِ الشديدِ على ما اقترفَتهُ يداهُ من الذنوبِ.
  •  ويتمنّى لو أنَّهُ لم يقترفها.

3. الإقلاعُ عن المعصية والعزمُ على عدم العودةِ إليها، قال تعـالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(آلُ عمران:135)

4 . ردُّ الحقوق إلى أصحابها. وتنقسمُ الحقوقُ إلى قسمينِ، هما:

  • حقوقُ الله تعالى:
  • فمَنْ قصّرَ في أداءِ الفرائضِ التي أمرَ اللهُ تعالى بأدائِها يلزمُهُ القضاءُ.
  •  فيصلّي ما فاتَهُ منَ الصلوات الخمس.
  •  ويصومُ ما فاتَهُ من صيامِ شهرِ رمضانَ المباركِ، لقوله : (فَدَينُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) (رواه البخاري ومسلم).
  • حقوقُ العبادِ:
  • فمن اعتدى على حقوق الآخرين وجبَ عليه أنْ يردَّها إلى أصحابها.
  •  ومَنْ تسبّبَ في ظلم الآخَرينَ وجبَ عليه رفعُ الظلم عنهُم.
  •  ومَنْ أخطأ في حقِّ الآخرين، عليه أن يبادرَ إلى طلبِ العفوِ والمسامحة منهُم.
  •  وإلّا خسرَ حسناتِهِ يوم القيامة، قال رسولُ اللهِ : (إِنَّ المفلسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذفَ هذا، وأكلَ مال هذا، وسفك دم هذا، وضربَ هذا، فيُعطى هذا من حسناتِهِ، وهذا من حسناتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حسناتُهُ قبلَ أَنْ يُقْضى ما عليهِ أُخِذَ مِنْ خطاياهُمْ، فَطْرِحَتْ عليه، ثمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ) (رواه مسلم).

 

أَتَعَلَّمُ

  • يتعيّنُ على المسلمِ ألّا يستهينَ بذنبِهِ، قال عبدُ الله بنُ مسعودٍ رضي الله عنه: (إنَّ المؤمن يرى ذنوبَهُ كأنَّهُ قاعدٌ تحتَ جبلٍ يخافُ أنْ يقعَ عليهِ، وإنَّ الفاجرَ يرى ذنوبَهُ كذُبابٍ مرَّ على أنفِهِ) (رواه البخاري).
  •  وقالَ التابعيُّ بلالُ بنُ سعدٍ رحمه الله: (لا تنظر إلى صِغَر الخطيئة، ولكن انظر إلى عِظَمِ من تعصي) (رواه أحمد في الزهد).

 

ثانيًا: آدابُ التوبةِ

يحرصُ المسلمُ على التزام آدابِ التوبة، ومنها:

  • حسنُ الظنِّ باللهِ تعالى بأنَّهُ سيغفرُ لهُ ذنبَهُ بعدَ توبتِهِ.
  • وقد وصفَ سيدُنا رسولُ اللهِ سَعَةَ رحمةِ اللهِ تعالى حين رأى امرأةً فرحةً بلقاءِ ولدِها بعدما فقدَتْهُ، فقالَ: (أَتَرَوْنَ هذه المرأةَ طارحةً ولدَها في النار؟)، قلنا: لا والله، فقال رسول اللهِ : (للهُ أرحمُ بعبادِهِ مِنْ هذه بولدِها) (رواه البخاري ومسلم).
  •  المواظبةُ على الاستغفارِ.
  • فالاستغفارُ سلوكٌ ملازمُ لحياةِ المسلمِ، سواءٌ أذنبَ أَمْ لَمْ يُذْنِبُ، قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (والله إني لأستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه في اليوم أكثرَ من سبعينَ مرّةً) (رواه البخاري).

 

صورةٌ مشرقةٌ

  • تخلّفَ ثلاثةٌ من أصحابِ سيدنا رسول الله عن المشاركةِ في غزوةِ تبوكٍ، فجاؤوا تائبينَ مُعتذرينَ إلى سيدِنا رسولِ اللهِ ، مُقِرِّينَ بِأَنَّ تَخلَّفَهُمْ كَانَ بِلا عذرٍ شرعيٍّ.
  •  فنهى سيدُنا رسولُ اللهِ النَّاسَ عَنْ كَلامِهِمْ حَتَّى شَقَّ عليهم ذلك.
  •  ثمّ تابَ اللهُ تعالى عليهم، ونزلَ قولُهُ تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة: 118). (رَحُبَتْ: اتسعَتْ، ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ: أَصابَهُمُ الغمُّ والحزنُ،  مَلْجَأَ : حِصْنَ).

 

أستزيدُ

  • شرعَ اللهُ تعالى كثيرًا من الأعمال الصالحة التي تُعينُ على مغفرةِ الذنوبِ عندَ المداومة عليها؛ رحمةً بالمسلم، ومنها:

1- الصلواتُ الخمسُ.

  • فقد شكا رجلٌ إلى سيدنا رسول الله ذنبًا اقترفَهُ، فقال صلى الله عليه وسلم: (أليسَ قَدْ صَلَّيْتَ معنا؟) قال: بلى. قال: (فَإِنَّ اللهَ قد غفرَ لك ذنبكَ) (رواه البخاري ومسلم).

2- صيامُ شهرِ رمضانَ المباركِ.

  • فقد قالَ رسولُ اللهِ : (مَنْ صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدّمَ من ذنبِهِ) (رواه البخاري ومسلم).
  •  وقيامُ ليلةِ القدرِ، لقوله: (مَنْ يَقُمْ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدّم من ذنبِهِ) (رواه البخاري ومسلم).
  1. حجُّ البيتِ.
  • وقد بَيَّنَ سيدُنا رسولُ اللهِ دورَ الحجِّ في مغفرةِ الذنوبِ، فقالَ: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرِفُثْ ولم يفسُقْ رجعَ كيومِ ولدَتْهُ أُمُّهُ) (رواه البخاري ومسلم)، (يرفُث: يقولُ كلامًا فاحشًا، يفسُق: يرتكب إثمًا، رجع كيوم ولدَتْهُ أمُّهُ: أي رجع بغير ذنبٍ).

 

أَربِطُ: مع اللغةِ العربيةِ

  • التوّابُ: من صِيَغ المبالغة التي تدلُّ على سَعةِ رحمةِ اللهِ تعالى.
  •  فهوَ سبحانَهُ يقابلُ التائبينَ من الخطايا والذنوبِ بالمغفرةِ الواسعةِ.
  •  وهو اسمٌ من أسماءِ اللهِ الحسنى.

 

أسمو بقيمي

1. أحرصُ على التوبةِ إلى اللهِ تعالى.

2. أواظب على الاستغفار.

3. أُحسنُ الظنَّ بالله تعالى.