التربية الإسلامية فصل ثاني

المواد المشتركة توجيهي

icon

   بسم الله الرحمن الرحيم  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا               فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ                   أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا               السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) )

  أولا : بين يدي السورة الكريمة 

  • هذه الآيات من سورة التوبة ، وهي سورة مدنية
  • نزلت في العام التاسع الهجري بعد غزوة تبوك التي يعود السبب الرئيس لوقوعها أن الرومان وعن طريق أعوانهم من القبائل التي كانت تسكن شمال الجزيرة العربية أرادوا أن ينهوا وجود الإسلام والمسلمين عن طريق إنهاء قوتهم ، فخرجت جيوش من الروم وأعوانهم يصل تعدادها إلى ما يزيد عن                  ( 40000 ) أربعين ألف مقاتل حتى وصلوا إلى أرض البلقاء فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلوا إلى المدينة المنورة 
  •   تضمنت السورة مواضيع رئيسة عدة ، منها : 

                _ فضح أساليب المنافقين ومواقفهم وكشف ألاعيبهم وخداعهم للمسلمين

                _ توضيح حقيقة الجهاد وما يتصل به من أحكام وتوجيهات 

                _ غزوة تبوك وبعض أحداثها 

   ثانيا : معاني المفردات والتراكيب :

   انفروا في سبيل الله : اخرجوا للجهاد       

   اثّاقلتم : تباطأتم وتقاعستم                               

   سكينة : طمأنينة    

   خفافا وثقالا : على أي حال كنتم من اليسر أو العسر أو القوة أو الضعف

  ثالثا : سبب النزول :

  •   نزلت هذه الآيات الكريمة تعقيبا على أحداث غزوة تبوك 
  • حيث دعا الرسول الصحابة الكرام للخروج لقتال الروم في العام ( 9 ) هجرية 
  • وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بوجهته إلى تبوك على غير عادته وذلك :

          _ حتى يستعد المسلمون للخروج  / فالمسافة بعيدة / والعدو قوي / وكان الناس في عسرة / وكانت البلاد في جدب / وحرارة الجو شديدة  

  • فشق على بعض المسلمين الخروج للجهاد وتخلف بعضهم 
  • فجاءت هذه الآيات تحث المسلمين على الجهاد عند إعلان ولي الأمر النفير العام 
  • وتعاتب من تقاعس عن الخروج للجهاد
  • وتؤكد أن الله ناصر دينه ومؤيد نبيه وإن تخلى الناس عنه 

   رابعا : تفسير الآيات الكريمة 

   تناولت الآيات التي بين أيدينا الموضوعات الآتية : 

   

الموضوع  الآيات
1 _ التحذير من التقاعس عن القتال  الايتان  ( 38 - 39 )
2 _ نصرة الله تعالى لنبيه  صلى الله عليه وسلم  الاية (40)
3 _ وجوب قتال الأعداء إذا أعلن الحاكم المسلم النفير العام  الآية ( 41 )

    الموضوع الأول : التقاعس عن القتال 

    تضمنت الآيات الحديث عن معاتبة من يتخاذل ويتقاعس عن قتال الأعداء عندما تكون الدولة في مواجهة مع عدوها ،

   وجاء هذا التحذير بأساليب متعددة ، منها :

   1 * استنكار موقف من تخلف عن القتال والترغيب في نعيم الآخرة  : 

    الآيتان ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ *                  إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

  •  حذرت الآيات المؤمنين من التباطؤ عن الخروج للجهاد إذا أعلن رئيس الدولة النفير العام 
  • ووبخت الآيات من تخلّف عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم بلا عذر وركن إلى الراحة ونعم الدنيا الزائل ، وكره مشاق السفر وقتال الأعداء 
  • فما يتمتعون به في الدنيا من المتاع الفاني الزائل ما هو إلا شيء يسير جدا مقارنة مع نعيم الجنة الخالد الدائم ، قال صلى الله عليه وسلم ( والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه _ وأشار بالسبابة _ في اليمّ فلينظر بم ترجع ) 

    2 * التهديد :

     جاء التهديد الإلهي في الآيات لمن تخلّف عن قتال الأعداء بلا عذر بأمرين :

     أ _ التهديد بالعذاب الأليم : توعّد الله تعالى من قعد عن الجهاد في سبيله بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ،                                                                                                                                       ومن صور العذاب الأليم في الدنيا تسليط الأعداء عليهم 

    ب _ التهديد بالاستبدال : حذّر الله تعالى المؤمنين بأنهم إذا تباطؤوا عن الجهاد فإنه سيستبدلهم بقوم غيرهم ، يطيعون الله ورسوله وينفرون إذا طلب                       إليهم   النفير  ويكون النصر على أيديهم بفضل الله عز وجل ، قال الله تعالى ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) / ولن يضر الله                         شيئا إذا تخلف المسلمون عن الجهاد لأنه غني عنهم  

  الموضوع الثاني : نصرة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :     

        الآية  ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ                                    بِجُنُودٍ  لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )                            

  •   أكّدت الآيات الكريمة ما يجب على المسلم فعله تجاه ربه وطاعته ، والذي يعدّ طاعة ونصرا لله تعال ، فيكون بذلك سببا لتأييد الله تعالى للمؤمنين في مواجهة عدوهم ونصره عليهم 
  • وتؤكد الوقائع حقيقة ذلك :                                                                                                                                                                                                                               _ فقد نصر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبا بكر رضي الله عنه في حادثة الهجرة النبوية 

                 _ حين تآمرت قريش عليهما فخرجا من مكة متوكلين على الله تعالى وحده وذهبا إلى غار ثور 

                 _ فلما دنا المشركون من الغار خاف أبو بكر رضي الله عنه من أن يطلع الكفار عليهما فيتمكنوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقتلوه 

                 _ فطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله تعالى عنه بأن الله تعالى معهما وسيحميهما قائلا : ( ما ظنّك باثنين الله ثالثهما

                 _ فأنزل الله له جنودا ليحفظوه خلال الهجرة لا يعلمهم إلا الله

                  _ وجعل كلمة الكفر والشرك مغلوبة ، وستبقى كلمة التوحيد عالية فالله عزيز قوي في انتقامه من أهل الكفر وحكيم في تدبير أمور خلقه     

  الموضوع الثالث : وجوب قتال الأعداء إذا أعلن الحاكم المسلم النفير العام : 

   الآية : ( انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )    

  •  أمر الله تعالى المؤمنين بالقتال في سبيله إذا أعلن رئيس الدولة النفير العام 
  • وأن عليهم أن يخرجوا للقتال في حالاتهم جميعا من اليسر أو العسر والغنى والفقر والرخاء والشدة والقوة والضعف وأن يكون جهادهم بالمال والنفس فهذا هو طريق السعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة