الثورة الصناعية
يقولُ المؤرّخُ البريطانيُّ إدوارد جيبون Edward Gibbon: " لقد أحدثَتِ الثورةُ الصناعيةُ تغيّراتٍ جذريةً في العالمِ، حيثُ جعلَتِ الجميعَ يتساءلُ عن قوّةِ الإنسانِ، وإبداعِهِ في تغييرِ مستقبلِهِ وتطويرِهِ".
أولًا: أوضاعُ أوروبا قبيلَ الثورةِ الصناعيةِ
اتّسمَتْ مجتمعاتُ أوروبا قبيلَ الثورةِ الصناعيةِ بأنَّها مجتمعاتٌ إقطاعيةٌ زراعيةٌ حِرَفِيَّةٌ.
1- الأوضاعُ السياسيةُ:
عُرِفَ عن أنظمةِ الحكمِ في أوروبا قبيلَ الثورةِ الصناعيةِ بأنَّها أنظمةٌ ملكيةٌ وأميريةٌ (دوقيةٌ)، أمّا دُوَلُ المدنِ فكانَ حكامُها يتمتّعونَ بسلطاتٍ فرديةٍ مطلَقةٍ، ويسودُها التنافسُ والصراعُ على الثرواتِ والتوسّعِ في أراضي الآخَرينَ. فقد كانَتْ ألمانيا تُعاني التفكّكَ والتقسيمَ إلى عدّةِ ممالكَ وإماراتٍ (دوقياتٍ) تخضعُ في معظمِها للإمبراطوريةِ النمساويةِ– الهنغاريةِ، أمّا فرنسا فكانَ نظامُها الاجتماعيُّ يعرقلُ نهضتَها الصناعيةَ، وكانَ الوضعُ في بقيةِ الدُّوَلِ الأوروبيةِ مماثلًا لِما كانَتْ عليهِ فرنسا. في حينِ كانَتْ بريطانيا أكثرَ الدُّوَلِ الأوروبيةِ استقرارًا من الناحيةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ، ومؤهلةً لقيامِ الصناعاتِ فيها؛ بسببِ اتساعِ مستعمراتِها في القارّاتِ الثلاثِ: آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الشماليةِ.
في حين كانت ألمانيا تعاني من التفككَ والتقسيمَ إلى عدةِ ممالك وإماراتٍ (دوقيات) تخضع في معظمها للإمبراطورية النمساوية - المجرية، أما فرنسا فكان نظامها الاجتماعي يعرقل نهضتها الصناعية، وكان الوضع في بقية الدول الأوروبية مماثلاً لما كانت عليه فرنسا.
2- الأوضاعُ الاقتصاديةُ:
كانَ النظامُ الاقتصاديُّ السائدُ في أوروبا إقطاعيًّا يعتمدُ على الزراعةِ وتربيةِ الماشيةِ، ويستندُ إلى الحِرَفِ البسيطةِ، مثلِ: النسيجِ، والأدواتِ المنزليةِ. إلّا أنَّ مستعمراتِها في آسيا وأفريقيا والعالمِ الجديدِ وفّرَتْ لها رأسَ المالِ والموادَّ الخامَّ والأسواقَ الضروريةَ لاستيعابِ منتوجاتِها.
3- الأوضاعُ الاجتماعيةُ:
كانَ المجتمعُ الأوروبيُّ مؤلَّفًا من عدّةِ طبقاتٍ، هيَ:
أ- طبقةُ النبلاءِ الذينَ يمتلكونَ الأراضيَ، ويتمتّعونَ بامتيازاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ، ويقدّمونَ الفرسانَ والجنودَ للملوكِ والحكامِ.
ب- طبقةُ رجالِ الدينِ.
ج- طبقةُ الحِرَفِيّينَ.
د- طبقةُ الفلاحينَ الأقنانِ (عبيدُ الأرضِ).
النظامُ الإقطاعيُّ الأوروبيُّ: نظامٌ سياسيٌّ اقتصاديٌّ سادَ في أوروبا في العصورِ الوسطى وحتى الثورةِ الفرنسيةِ عامَ 1789م، ويقومُ على تملّكِ النبلاءِ للأراضي وما عليها من فلاحينَ (أقنانٍ) مقابلَ تقديمِ الفرسانِ والجنودِ للملكِ، ويتمتّعُ النبلاءُ بسلطاتٍ مطلَقةٍ في ممتلكاتِهِمْ.
|
*أتحقق من تعلمي:
- أصفُ الأوضاعَ السياسيةَ في كلٍّ من بريطانيا وفرنسا وألمانيا قبيلَ قيامِ الثورةِ الصناعيةِ.
كانت أنظمةِ الحكمِ في أوروبا قبيلَ الثورةِ الصناعيةِ أنظمةٌ ملكيةٌ وأميريةٌ (دوقيةٌ)، أمّا دُوَلُ المدنِ فكانَ حكامُها يتمتّعونَ بسلطاتٍ فرديةٍ مطلَقةٍ، ويسودُها التنافسُ والصراعُ على الثرواتِ والتوسّعِ في أراضي الآخَرينَ. فقد كانَتْ ألمانيا تُعاني التفكّكَ والتقسيمَ إلى عدّةِ ممالكَ وإماراتٍ (دوقياتٍ) تخضعُ في معظمِها للإمبراطوريةِ النمساويةِ– الهنغاريةِ، أمّا فرنسا فكانَ نظامُها الاجتماعيُّ يعرقلُ نهضتَها الصناعيةَ، وكانَ الوضعُ في بقيةِ الدُّوَلِ الأوروبيةِ مماثلًا لِما كانَتْ عليهِ فرنسا. في حينِ كانَتْ بريطانيا أكثرَ الدُّوَلِ الأوروبيةِ استقرارًا من الناحيةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ، ومؤهلةً لقيامِ الصناعاتِ فيها؛ بسببِ اتساعِ مستعمراتِها في القارّاتِ الثلاثِ: آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الشماليةِ.
في حين كانت ألمانيا تعاني من التفككَ والتقسيمَ إلى عدةِ ممالك وإماراتٍ (دوقيات) تخضع في معظمها للإمبراطورية النمساوية - المجرية، أما فرنسا فكان نظامها الاجتماعي يعرقل نهضتها الصناعية، وكان الوضع في بقية الدول الأوروبية مماثلاً لما كانت عليه فرنسا.
- أعدّدُ طبقاتِ المجتمعِ في أوروبا قبيلَ قيامِ الثورةِ الصناعيةِ.
أ- طبقةُ النبلاءِ الذينَ يمتلكونَ الأراضيَ، ويتمتّعونَ بامتيازاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ، ويقدّمونَ الفرسانَ والجنودَ للملوكِ والحكامِ.
ب- طبقةُ رجالِ الدينِ.
ج- طبقةُ الحِرَفِيّينَ.
د- طبقةُ الفلاحينَ الأقنانِ (عبيدُ الأرضِ).
شهدَ العالمُ مَعَ بدايةِ النصفِ الثاني منَ القرنِ الثامنَ عشرَ الميلاديِّ تغيّرًا وتطوّرًا في الميدانِ الصناعيِّ، شملَ وسائلَ الإنتاجِ المتنوّعةَ، والتحوّلَ من الأساليبِ اليدويةِ إلى أساليبَ متطوّرةٍ في التصنيعِ أساسُها الآلةُ البخاريةُ، فتحوّلَ المجتمعُ من مجتمعٍ زراعيٍّ حِرَفِيٍّ إلى مجتمعٍ صناعيٍّ غزيرِ الإنتاجِ.
أنظرُ الصورتينِ الآتيتينِ، ثمَّ أستنتجُ مفهومًا للثورةِ الصناعيةِ:
الثورةُ الصناعيةُ: هيَ سلسلةٌ من التغيّراتِ التي حدثَتْ في أوروبا، وتمثّلَتْ بابتكارِ مجموعةٍ من الآلاتِ والأدواتِ ووسائلِ الإنتاجِ التي حلَّتْ محلَّ الأيدي العاملةِ والأدواتِ القديمةِ.
*أتحقق من تعلمي:
- متى بدأَتِ الثورةُ الصناعيةُ في أوروبا؟
مع بداية النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي.
- أفسّرُ تسميةَ الثورةِ الصناعيةِ بهذا الاسمِ.
نتيجة التغيّر والتطوّر في الميدانِ الصناعيِّ، شملَ وسائلَ الإنتاجِ المتنوّعةَ، والتحوّلَ من الأساليبِ اليدويةِ إلى أساليبَ متطوّرةٍ في التصنيعِ أساسُها الآلةُ البخاريةُ، فتحوّلَ المجتمعُ من مجتمعٍ زراعيٍّ حِرَفِيٍّ إلى مجتمعٍ صناعيٍّ غزيرِ الإنتاجِ.
ثانيًا: عواملُ قيامِ الثورةِ الصناعيةِ
تضافرَتْ مجموعةٌ من العواملِ أدّتْ إلى قيامِ الثورةِ الصناعيةِ في أوروبا، من أهمِّها:
*أتحقق من تعلمي:
*السبب والنتيجة:
السبب: •تحسّنِ الخدماتِ الصحيةِ، وارتفاعِ مستوى المعيشةِ.
النتيجة: زيادةُ عددِ سكانِ أوروبا.
أصنّفُ في دفتري عواملَ قيامِ الثورةِ الصناعيةِ وَفقَ الجدولِ الآتي:
عواملُ سياسيةٌ |
•توفّر رؤوسِ الأموالِ والأسواقِ؛ بسببِ الاستعمارِ الأوروبيِّ لآسيا وأفريقيا والعالمِ الجديدِ، والسيطرةِ على التجارةِ والمواردِ العالميةِ |
عواملُ اقتصاديةٌ |
•استخدامُ مصادرِ طاقةٍ جديدةٍ، مثلِ طاقةِ: المياهِ، والبخارِ، والفحمِ الحجريِّ
|
عواملُ اجتماعيةٌ |
•زيادةُ عددِ سكانِ أوروبا؛ بسببِ تحسّنِ الخدماتِ الصحيةِ، وارتفاعِ مستوى المعيشةِ.
|
عواملُ فكريةٌ |
التقدم في مختلف العلوم وخاصة العلوم البحتة والعلوم التطبيقية |
ثالثًا: ظهورُ الثورةِ الصناعيةِ
ظهرَتِ الثورةُ الصناعيةُ في إنجلترا قبلَ غيرِها من الدُّوَلِ الأوروبيةِ للأسبابِ الآتيةِ:
1- تراكمُ رأسِ المالِ الذي جمعَتْهُ من مستعمراتِها في آسيا وأفريقيا والعالمِ الجديدِ.
2- توفّرُ الموادِّ الخامِّ فيها وفي مستعمراتِها، مثلِ: الفحمِ، والحديدِ.
3- الاستقرارُ السياسيُّ الداخليُّ، ونجاتُها من أيِّ احتلالٍ أجنبيٍّ.
4- الموقعُ الجغرافيُّ والاستراتيجيُّ المهمُّ.
5- وجود الأنهار ومساقط المياه والإفادة منها في إدارة الآلآت والمصانع.
6-امتلاكُها أسطولًا حربيًّا وتجاريًّا سيطرَ على طرقِ التجارةِ العالميةِ وبلدانِ العالمِ الجديدِ (أمريكا الشماليةِ، وإيرلندا، ونيوزلندا، وأستراليا).
معلومةٌ الطاقةُ: هي القدرةُ على أداءِ عملٍ، وهي من المقوِّماتِ الأساسيةِ في حياتِنا التي يحتاجُ إليها الجميعُ لتسهيلِ الحياةِ اليوميةِ، إذ تُستعمَلُ لتشغيلِ المصانعِ ووسائلِ النقلِ والآلاتِ، ومنْ أشكالِها: الطاقةُ الحركيةُ، والطاقةُ الحراريةُ. |
* أتحقق من تعلمي:
- أُقَدِّمُ مقترحًا لقيامِ ثورةٍ صناعيةٍ عربيةٍ.
الاستفادة من رؤوس الأموال في الخليج العربي والأيدي العاملة الماهرة في الوطن العربي وبناء المصانع حيث توجد المواد الخام والأماكن المناسبة لقيام الصناعة الالكترونية والتطبيقات الرقمية.
- أكتشفُ أوجُهَ الشبهِ بينَ مقوِّماتِ الثورةِ الصناعيةِ في إنجلترا ومقوِّماتِها في البلادِ العربيةِ.
أوجه الشبه:
- رؤوس الأموال
- توافر المواد الخام
- الموقع الاستراتيجي
- ما أبرزُ التحوّلاتِ التي أحدثَتْها الثورةُ الصناعيةُ؟
التحول للقطاع الصناعي، تطور وسائل النقل ، التقدم في مختلف العلوم، زيادة عدد السكان نتيجة للتطور الصحي.
معلومةٌ بريطانيا: هيَ مجموعةٌ من الجُزُرِ تضمُّ كُلًّا من: إنجلترا، وإسكتلندا، وويلز، وإيرلندا الشماليةِ. إنجلترا: هيَ إحدى الجُزُرِ البريطانيةِ، وفي العاصمةِ لندنَ مقرُّ الحكمِ. |
ولتتبّعِ انتقالِ الثورةِ الصناعيةِ في أوروبا، ألاحظُ الخريطةَ الآتيةَ، وأجيبُ عمّا يليها:
- أحدّدُ مَهْدَ الثورةِ الصناعيةِ.
الدول المحددة باللون الغامق كما في الخريطة أعلاه.
- أستنتجُ من الخريطةِ أثرَ الموقعِ الجغرافيِّ لبريطانيا في قيامِ الثورةِ الصناعيةِ.
الموقع الاستراتيجي الهام والذي يشرف على المسطحات المائية المجاورة
- أذكرُ المناطقَ الأوروبيةَ التي وصلَتْها الثورةُ الصناعيةُ متأخّرةً.
الدول المحددة باللون الأخضر الفاتح كما في الخريطة أعلاه.
رابعًا: أوضاعُ الدُّوَلِ الأوروبيةِ أثناءَ الثورةِ الصناعيةِ
واجهَتْ بعضُ الدُّوَلِ الأوروبيةِ في البدايةِ صعوباتٍ حالَتْ دونَ انتقالِ الثورةِ الصناعيةِ إليها بسهولةٍ، ومنها:
- فرنسا: بسببِ طبيعةِ ظروفِها السياسيةِ والاجتماعيةِ، وعدمِ امتلاكِها رأسَ المالَ الكافيَ والأسطولَ البحريَّ المنافسَ للأسطولِ البريطانيِّ.
- ألمانيا: حالَتِ التجزِئةُ السياسيةُ في ألمانيا دونَ تكوينِ سوقٍ متماسكةٍ، إلى أن أُسِّسَ الاتحادُ الجمركيُّ الألمانيُّ ( الزولفرين) عامَ 1834م، الذي ضَمَّ ثلاثينَ كيانًا سياسيًّا ألمانيًّا، وألغَتِ الحواجزَ الجمركيةَ في ما بينَها، وتقاسمَتْ أرباحَ التجارةِ الخارجية، فمَهَّدَ ذلكَ للثورةِ الصناعيةِ.
- أمريكا الشماليةُ: كانَتِ السيطرةُ الاقتصاديةُ البريطانيةُ على مستعمراتِها في أمريكا الشماليةِ قد أعاقَتْ نهضتَها الصناعيةَ، لكنَّها ما لَبِثَتْ أن استقدمَتْ مجموعةً من المخترعينَ الأوروبيينَ الذينَ طوّروا الآلاتِ، واستخدموا قوّةَ البخارِ في السفنِ والقاطراتِ الحديديةِ، ما مَهَدَّ للثورةِ الصناعيةِ فيها.
*أتحقق من تعلمي:
السبب: طبيعةِ ظروفِها السياسيةِ والاجتماعيةِ، وعدمِ امتلاكِها رأسَ المالَ الكافيَ والأسطولَ البحريَّ المنافسَ للأسطولِ البريطانيِّ.
النتيجة: تأخر انتقال الثورة الصناعية إلى فرنسا.
* أفكّرُ: ما العلاقةُ بينَ الاستقرارِ السياسيِّ والتقدمِ الاقتصاديِّ؟
يؤدي الاستقرار السياسي إلى الأمن وبالتالي توفر رؤوس الأمول وفرص العمل التي تعمل على التقدم الاقتصادي، فالعلاقة طردية كلما توفر الاستقرار السياسي انعكس ايجابا على التقدم الاقتصادي