التربية الإسلامية فصل أول

الحادي عشر خطة جديدة

icon

التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ

أمر الشرع الحنيف الإنسان بفعل كلِّ ما يُرضي الله تعالى، وترك كلِّ ما يَبْغضه سبحانه من أفعال وأقوال، ووجَّهه إلى الاستقامة على دين الإسلام، والتمسُّك به، والتحلّي بالتقوى، والثبات على ذلك حتى يلقى رَبهَّ . 
قال تعالى: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون﴾.
وقد سأل أحد الصحابة رضي الله عنهم سيِّدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقال: يَا رَسُولَ الله، قُلْ لِي فِي الْإسْلَمِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ».

التَّعْريفُ بِراويِ الْحَديثِ النَّبَوِيِّ الشَّريفِ

- هو عبد الرحمن بن صخر الدَّوسي.

- صحابي جليل من أهل اليمن.

- أسلم على يد الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدَّوسي رضي الله عنه.

- قَدِم إلى المدينة المُنوَّرة مهاجرًا في السَّنَة السابعة من الهجرة يوم خيبر.

- كان من أهل الصُّفَّة (مكان مُظلَّل في المسجد النبوي الشريف، مكث فيه الفقراء مِنَ المهاجرين، ومَنْ ليس له منزل).

- تفرَّغ لتعلُّم القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الشريفة.

- لازم النبي صلى الله عليه وسلم.

- دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة الحفظ، فكان أحد أكثر الصحابة رضوان الله عليهم رواية للحديث عنه صلى الله عليه وسلم.

- ولّاه الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه على البحرين.

- تُوفِّي سَنَة سبع وخمسين للهجرة.


أوَّلًا: الأعمال التي تُرضي الله تعالى

ذكر الحديث الشريف ثلاثةً من الأعمال التي يُحِبُّها الله تعالى، ويُحِبُّ مَنْ يلتزم بها، وهي:
أ . عبادة الله وحده وعدم الإشراك به: بيَّن الحديث الشريف أنَّ الله تعالى يريد من عباده أنْ يُوحِّدوه، ويُخلصِوا له العبادة وحده، وألّا يجعلوا له شريكًا.
والعبادة اسم جامع لكلِّ ما يُحِبُّه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، مثل: الشعائر التعبُّدية، والمعاملات، والأخلاق. فهي مفهوم شامل لا يقتصر فقط على أداء الشعائر التعبُّدية، وإنَّما يشمل سلوك المسلم، وتعامله، وعلاقاته جميعًا.
ب. الوحدة وعدم التفرُّق: يكون ذلك بالاعتصام بحبل الله تعالى، والتمسُّك بدينه سبحانه، والاستقامة عليه، والعمل بما جاء في كتابه العزيز وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا). فوحدة الأمَُّة هي سبيل القوَّة والعِزَّة، خلافًا للتفرُّق الذي هو سبيل الضعف والهوان. 

ج. مناصحة ولي الأمر: يتمثَّل ذلك في تقديم الرأي الصائب والمشورة الصادقة النافعة للحاكم المسلم ومَنْ ينوب عنه من المسؤولين، ومعاونته على الحقِّ، وطاعته فيه، وتذكيره به، وتنبيهه بالحكمة والموعظة الحَسَنة.
وقد تكون المناصحة عن طريق المؤسسات المُتعدِّدة للدولة، مثل: البرلمان، والأحزاب السياسية فيها؛ ما يتفق مع مبدأ الشورى الذي يُعَدُّ ركيزة أساسية لنظام الحُكْم في الإسلام.

 

صور مشرقة

لمّا بويِع سيِّدنا أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، خطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثمَّ قال: «أمّا بعدُ أيُّا الناس، فإنّي قد وُلِّيْتُ عليكم، ولسْتُ بخيركم، فإنْ أحسنْتُ فأعينوني، وإنْ أسأْتُ فقوِّموني».

ثانيًا: الأعمال التي يَبْغضها الله تعالى

ورد في الحديث الشريف مجموعة من الأعمال التي يَبْغضها الله تعالى، وهي:
أ . الكلام غير النافع (اللغو): نهى الحديث الشريف عن كثرة الكلام فيما لا ينفع، وما لا فائدة منه، وقد نهى الله تعالى عنه؛ لكيلا ينشغل الإنسان به.

ينقسم الكلام إلى ثلاثة أقسام، هي:
1. كلام خير أمر الله تعالى به، مثل: الأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكَر.
2. كلام شر نهى الله تعالى عنه، مثل: الكذب، والكلام البذيء، والسَّبِّ، والشتم.
3. كلام غير نافع (اللغو).

ب. إضاعة المال: أوجب الإسلام المحافظة على المال؛ لِئلّا يُعرِّض الإنسان نفسه أو أهله للفَقْر والحاجة وسؤال الناس. قال تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرًا).والنهي عن إضاعة المال يشمل تضييع الإنسان ماله الخاصَّ، وتضييع مال الأُمَّة.
ونهى سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال؛ لأهميته في حياة الفرد وقضاء حوائجه، ودوره في بناء الأُمم وامتلاك أسباب  القوَّة، ولأنَّ الإنسان سيُحاسَب عليه يوم القيامة.

لإضاعة المال صور عديدة، منها:
1) التبذير: هو إنفاق المال في المُحرَّمات بصرف النظر عن مقداره، مثل: إنفاق المال على القِمار، والخمر، والمُخدِّرات، أو دفع المال لشهادة الزور، والرشوة. قال تعالى: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًا).
2) الإسراف: هو إنفاق المال في الأمور المشروعة بما يزيد على الحاجة، مثل: المغالاة في شراء الكماليات التي لا حاجة إليها، والإسراف في استخدام الكهرباء، وهدر الماء أثناء التنظيف، وإعداد كمِّيات كبيرة من الطعام في المناسبات أكثر من الحاجة ثمَّ إتلافها. قال تعالى: ﴿وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسر
فين﴾.

3) كنز المال وعدم استثماره: حرَّم الإسلام كنز المال، وهو المال الذي لم تُؤدَّ زكاته بعد وجوبها فيه؛ لأنَّ ذلك يؤدّي إلى عدم استثماره فيما ينفع الفرد والمجتمع، وعدم إنفاقه في سبيل الله. قال تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم﴾.

ولا يُعَدُّ الادخار لتحقيق غرض أو حاجة ما من كنز المال الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه إذا أُدِّيت زكاته.

ج. كثرة السؤال: حَثَّ الإسلام على السؤال الذي يُقصَد منه العلم والتعلُّم؛ فقد أمر الله في القرآن الكريم بسؤال أهل العلم. قال تعالى: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾.

النهي الموجود في الحديث الشريف هو عن كثرة السؤال في غير حاجة أو فائدة، والسؤال عن أحوال الناس الخاصَّة التي تُحرِجهم الإجابة عنها، وتوقِعهم في ضيق.

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ

لا تقتصر سلوكات الناس، ممّا يُحبُّها الله تعالى أو يَبْغضها، على ما جاء في الحديث الشريف، وإنَّما يدخل في ذلك سلوكات أُخرى لم يَرِدْ ذِكْرها في هذا الحديث الشريف، ووردت في أحاديث أُخرى، منها:
1. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قالَ: سَأَلْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّ الْأعْمالِ أَحَبُّ إلِى الله؟ِ قالَ: الصَّلاةُ عَلى وَقْتِها، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوالِدَيْنِ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الْجِهادُ في سَبيلِ اللهِ».

2. قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَبْغَضُ الْفاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ».