التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ
كانت كثير من الأُمم قبل مجيء الإسلام تمتهن المرأة، وتبخسها حقَّها.
قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: « كُنَّا في الجاهِليَّةِ لا نَعُدُّ للنِّساءِ أمرًا حتّى أَنْزَلَ اللهُ فيهنَّ ما أَنْزَلَ، وقسمَ لَهنَّ ما قَسَمَ، وذَكَرَهُنَّ الله تعالى، رَأَيْنا لَهنَّ بذِلك عَلَيْنا حَقًّا ».
وقد أعطى الإسلام المرأة المكانة التي تستحق، وعَدَّها شريكة للرجل في الحياة، وأقرَّ لها حقوقًا كما للرجل. قال تعالى:﴿من عمل صالحًا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾.
أَسْتَذْكِرُ
اعتمادًا على النصوص الشرعية الآتية، أَسْتَذْكِرُ مع أفراد مجموعتي الحقوق المالية التي أقرَّها الإسلام للمرأة:
الْفَهْمُ وَالتَّحْليلُ
أقرَّ الإسلام حقوقًا للمرأة كاملةً غيرَ منقوصة، ومنحها حقوقها الاجتماعية بما يتناسب مع طبيعتها ودورها وغاية وجودها في الحياة.
أوَّلًا: التكريم والتقدير والرعاية
كرَّم الإسلام المرأة أُمًّا، وزوجةً، وأُختًا، وبنتًا، وجعل احترامها ورعايتها والإحسان إليها من أجلِّ الطاعات، وجعل الأُمَّ أَوْلى الناس بالمعاملة الحَسَنة؛ فَقَدْ جاءَ رَجُلٌ إلِى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقالَ: مَنْ أَحَقُّ النّاسِ بحُِسْنِ صَحابَتي؟ قالَ: «أُمُّكَ ،» قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ »، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ ،» قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: «ثمَُّ أبَوُكَ ».
وتأكيدًا لِعِظَم منزلة الأُمِّ؛ عَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِرَّها أعظم درجةً من الجهاد في سبيل الله تعالى؛ فَقَدْ جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إِنّ أُريدُ الِْهادَ في سَبيلِ اللهِ تَعالى، فَقالَ: «أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ »، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقالَ: «الْزَمْ رِجْلَيْها؛ فَثَمَّ الَْنَّةُ ».
وقد عظَّم الإسلام أجر مَنْ يُحسِن إلى بناته، ويعتني بهنَّ. قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ كانَ لَهُ ثَلاثُ بَناتٍ، فَصَبََ علَيْهِنَّ، وَأَطْعَمَهُنَّ، وَسَقاهُنَّ، وَكَساهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حِجابًا مِنَ النّارِ يَوْمَ الْقِيامَةِ »(جِدَتِهِ: وُسْعِهِ وطاقتهِِ).
وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ يقوم على رعاية زوجته وأهل بيته بأنَّه من خير الناس؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لَِهْلهِِ، وَأَنا خَيْرُكُمْ لَِهْلي »، وكان من آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلم في خُطبة حَجَّة الوداع، الإحسانُ إلى النساء.
ثانيًا: التعلُّم
فرض الإسلام طلب العلم على كلِّ مسلم ذَكَرًا كان أو أُنثى، وخاطب المرأة مثل الرجل في ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَريضَةٌ عَلى كُلِّ مُسْلمٍِ ».
وقد خصَّص النبي صلى الله عليه وسلم للصحابيات وقتًا يجتمع فيه بهنَّ؛ ليُعلِّمهنَّ أمور دينهنَّ.
وبرز في العلم من الصحابيات نساء كثيرات، مثل أُمِّ المؤمنين السيِّدة عائشة التي كانت مرجعًا في أحكام الدين.
واليوم، تُمارِس المرأة المسلمة حقَّها في التعلُّم والتعليم بصورة كبيرة؛ ما أدّى إلى نبوغ كثير من النساء المُتخصِّصات في معظم حقول المعرفة الإنسانية والعلمية.
ثالثًا: اختيار الزوج
أقرَّ الإسلام حقَّ المرأة في قبول الخاطب أو رفضه؛ فلا تُبَ فتاة أو امرأة على الزواج. وقد اشترط الإسلام وجود الولي في عَقْد الزواج؛ لنُصْح المرأة، وتوجيهها إلى حُسْن الاختيار، والتأكُّد أنَّ الرجل أَهْلٌ لها. ودليل ذلك لمّا جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أنَّ أباها أراد تزويجها من ابن أخيه من غير رضاها، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر إليها، فقالت: «أَجَزْتُ ما صَنَعَ أَبي، وَلكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّساءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآباءِ مِنَ الْأمْرِ شَيءٌ ».
رابعًا: المشاركة في بناء الأُسرة وتربية الأبناء
من حقِّ المرأة أنْ تُشارِك زوجها في بناء الأُسرة وتربية الأبناء على الأخلاق الحميدة، والقِيَم الإسلامية الحَسَنة؛ ليكونوا نافعين لأنفسهم وأوطانهم وأُمَّتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَ بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مسَْؤُولةٌَ عَنهُْمْ » (بَعْلِهَا: زَوْجِها)
خامسًا: الحضانة
أعطى الإسلام الأُمَّ حقَّ حضانة طفلها عند الطلاق؛ لكي تتولّى رعايته، وتربيته، وتغذيته، والحنو عليه. وقد جعل الإسلام الأُمَّ أَوْلى الأشخاص بحضانة طفلها؛ لِما يُوفِّره ذلك من حاجة نفسية مُلِحَّة للأُمِّ وطفلها؛ ولأنَّها أكثر عطفًا وشفقةً عليه. وقد نصَّ قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة (170) على أنَّ الأُمَّ أحقُّ بحضانة ولدها وتربيته حال الزوجية وبعد الفُرْقة.
سادسًا: إبداء الرأي والمشاركة في بناء المجتمع
للمرأة الحقُّ في إبداء رأيها في الشؤون المختلفة مثل الرجل. وقد أكَّد ذلك العديد من الأدلَّة، مثل:
أ . موقف السيِّدة أُمِّ سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية حينما أشارت على سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما تأخَّر أصحابه رضي الله عنهم في ذبح هَدْيهم، وحَلْق رؤوسهم؛ للتحلُّل من إحرامهم بالعمرة، وذلك لعدم رضاهم بشروط صلح الحديبية؛ لشعورهم أنَّا مُحِفة بحقِّ المسلمين؛ إذ أشارت عليه صلى الله عليه وسلم بأنْ يخرج، ولا يُكلِّم أحدًا منهم حتى يذبح هَدْيه، ويحْلِق شَعْره، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأيها. فلمّ فعل ذلك، قاموا، فذبحوا هَدْيهم، وحلقوا رؤوسهم.
ب. موقف المرأة التي خالفت سيِّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في تحديده المَهْر؛ فقد كان رضي الله عنه يخطُب في الناس، وينصحهم ألّ يُغالوا في مهور النساء، وأراد أنْ يُدِّد المَهْر بأربعمئة درهم، «فاعترضته امرأةٌ من قريشٍ، فقالت له: يا أمير المؤمنين، نهيْتَ أنْ يزيدوا النساء في صدُقاتِنَّ على أربعمائة درهم؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعْتَ ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأيُّ ذلك؟ فقالت: أما سمعْتَ الله يقول: ﴿وآتيتم إحداهن قِنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا﴾. فقال: اللهمَّ غفرانك، كلُّ الناس أفقه من عمر. ثمَّ رجع، فصعد المنبر، فقال: أيُّا الناس، إنّ كنْتُ نهيتكم أنْ تزيدوا النساء في صدُقاتِنَّ على أربعمائة درهم، فمَنْ شاء أنْ يُعطِي من ماله ما أَحَبَّ» (قنطارًا: مالًا كثيرًا) (صدُقاتِنَّ: مهورهنَّ).
سابعًا: المحافظة على عِرضها وسُمعتها
جعل الإسلام المحافظة على سُمعة المرأة حقًّا من حقوقها، ومَظهرًا من مظاهر تكريم الإسلام لها، فأوجب عليها اللباس الشرعي الساتر، وطالبها بعدم الخضوع بالقول؛ حفاظًا عليها. وكذلك واجه اتهام النساء الطاهرات العفيفات في أعراضهنَّ بعقوبة رادعة وعادلة، ووصف مَنْ يفعلون ذلك بأنَّم فاسقون، ولا تُقبَل شهاداتهم. قال تعالى:﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون﴾.
ثامنًا: أداء العبادات الجماعية
كلَّف الله تعالى المرأة بالعبادة مثل الرجل، لكنَّه راعى ظروفها الخاصَّة، وخفَّف عنها في بعض التكاليف؛ فلم يوجِب عليها حضور الجمعة والجماعات، وأعفاها من الصوم والصلاة في حالتي النَّفاس والحيض؛ على أنْ تقضي الصوم بعد ذلك، وفي هذا مراعاة لحالتها الصحية. وأباح لها أيضًا الذهاب إلى المسجد. قال رسول صلى الله عليه وسلم: «إذِا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتهُُ إلِى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْها»، وقد استحبَّ النبي صلى الله عليه وسلم أنْ تخرج النساء إلى المُصلّ يوم العيد؛ فقد قالت أُمُّ عطية نسيبة الأنصارية رضي الله عنها: « أَمَرَنا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ نَخْرُجَ في الْعيدَيْنِ».
أَرْبِطُ مَعَ التَّرْبِيَةِ الْإِعْلامِيَّةِ
أُقِرَّ قانون الجرائم الإلكترونية الأردني عام 2023 م، وقد تضمَّن مجموعة من النصوص التي تَْكُم بتجريم أيِّ اعتداء على خصوصية الآخرين، وبخاصَّةٍ ما قد يتعرَّض له الأطفال والنساء والفتيات من إساءة باستخدام أيِّ وسيلة إلكترونية، بما في ذلك التنصُّت والتجسُّس عليهم، واستغلالهم جنسيًّا، ونشر أيَّة أعمال إباحية تُوجَّه إليهم.
صور مشرقة:
كلَّف النبي صلى الله عليه وسلم رفيدة الأسلمية رضي الله عنها: (أوَّل مُرِّضة في الإسلام) بتمريض سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي أُصيب بجروح بليغة في غزوة الخندق.
وقد امتدَّ نشاط المرأة في عهد سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليشمل الزراعة والتجارة؛ فخالة جابر بن عبد الله رضي الله عنهم وتُدعى أسماء، طُلِّقت من زوجها، ثمَّ أرادت الخروج من منزلها لتقطف ثمار نخلها وهي في عِدَّتها، فنهاها رجل أنْ تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها: «بَلَ، جُدِّي نَخْلَكِ، فَإنَِّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِ مَعْرُوفًا ».
الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ
أنزل الله تعالى واحدة من السور الطِّوال، سُمِّيتَْ سورة النساء. وفي هذه التسمية دلالة واضحة على الأهمية الكبرى التي أَوْلاها القرآن الكريم للمرأة. وفي أوَّل آية من هذه السورة، جاء الحُكْم الإلهي بالمساواة بين الرجال والنساء، وتأكيد أنَّ الناس جميعًا متساوون في أصل خِلْقتهم. قال تعالى:: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجا لًًا كثيرًا ونساءً﴾.