الدراسات الإسلامية فصل أول

الأول ثانوي أدبي

icon

مقدمة

  • حبّ الجمال أمر فطري، قائم في بنية النفس الإنسانية.
  • ويُعدُّ وجوده دليلًا على سلامة الطبع، واستقامة الفطرة.
  • الجمال في المفهوم الإسلامي يتجاوز النظرة إلى جمال الشكل والوجه إلى جمال الخلُق والروح والسلوك.
  • لذلك فالإسلام يقدر قيمة الجمال، وقد جاء وصفًا من أوصاف الله تعالى، وأنه سبحانه يحب الجمال، قال رسول الله : "إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ".
  • وقد دعا الإسلام الإنسان إلى تذوق الجمال من حوله، والتمتع في الدنيا والعيش فيها بسعادة وفق منهج الله تعالى، قال تعالى: "أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7).
  • هذا يدل على أن قيمة الجمال قيمة مقدرة في الإسلام؛ ليتفكر الإنسان في قدرة الله تعالى في جمال خلق الكون، وما فيه من موجودات.

 

مظاهر اهتمام الإسلام بالجمال

  • اعتنى الإسلام بموضوع جمال الخَلْق وحُسن الصورة، قال تعالى: "وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ".
  • وقد وضع الكون في صورة بهية فقال: "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ".
  • النص القرآني في حد ذاته جميل في آياته وفي لفظه، وقد شهد غير المسلمين بذلك، ومن ذلك قول الوليد بن الغيرة حينما سُئل عن القرآن فقال: "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر".
  • والنص القرآني جميل في ما يدعو إليه من تفكر وتدبر وتعبير وتصوير.
  • وإن كل ما خلق الله يحمل معنى من معاني الجمال، فأوامر الله تعالى ونواهيه تحقق للإنسان السعادة والخيرية والسكينة والطمأنينة، وهذا يحقق معاني الجمال.
  • والإسلام يهتم بجمال الشكل والمظهر الخارجي، وما يتصل بداخل الإنسان وأعماله وأفعاله. ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالجمال ما يأتي:

(1) الجمال المتعلق بالشكل

عناية الإنسان بهيئته ومظهره الخارجي أمر فطري، وقد جعلها الإسلام سنّةً، وبهذا تكون من أمور الدين، لذلك أمر الإسلام بالعناية بالمظهر الحسن والهيئة الجميلة، عن طريق ما يأتي:

  •  (النظافة)، جعلها الله تعالى من الإيمان، قال : "الطهورُ شطرُ الإيمانِ".
    • بل وارتقى فيه إلى مرتبة أعلى، وجعلها صفة تُنال بها محبة الله عزّ وجل، قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".
    • والطهارة هنا نظافة، والنظافة لا تقتصر على نظافة الشكل، بل تتجاوزها إلى نظافة النفس وحمايتها من الوقوع في الفواحش والمعاصي.
  • تحقيق سنن الفطرة، وهذه السنن منها ما هو ظاهر كقص الشارب، ومنها ما هو مستور كنتف الإبط، قال رسول الله : "خمس منَ الفطرةِ: الختانُ، والاستحدادُ، وتقليمُ الأظفارِ، ونتف الإبط، وقصُّ الشَّاربِ".
  • الالتزام باللباس الذي يصون كرامة الإنسان، ويستر عورته، ويدفع عنه حر الصيف وبرد الشتاء، وهو حاجة طبيعية، فقد قال الله تعالى: "يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا".
  • التطيّب:
    • فالإسلام حثّ على التطيب، ورغّب فيه خاصّة في الجُمع والأعياد، والمجامع العامة، وكان مما حُبّب إليه الطّيب، حيث قال: "حُبّبَ إلَّي الطيبُ". 
    • وحرّم الإسلام إيذاء الآخرين بالروائح الكريهة، قال : "منْ أَكلَ منْ هاتينِ الشَّجرتينِ فلا يقربنَّ مصلاّنا"، وليس هذا قاصرًا على الثوم، وإنما يتعداه إلى كلّ رائحة كريهة تؤذي الآخرين، كالدخان والعرق وغيره.

(2) الجمال المتعلق بالفعل

يوجد أفعال يجب على المسلم القيام بها، وأفعال يستحسن القيام بها، وقيام المسلم بها يحقق الجمال، منها:

  • إتقان العمل، فإضافة إلى أن العمل واجب، فإنّ إتقان العمل مما يجعل هذا الواجب عملًا جميلًا.
    • فالعامل يجب عليه أن يتقن عمله حتى يصير جميلًا.
    • والطالب يتقن دراسته.
    • والأب يتقن تربية أبنائه، قال : "إنَّ اللهَ يحبُّ إذا عملَ أحدُكم عملًا أن يتقنَهُ".
  • أدب العطاس، فالعطاس أمر لا إرادي، يصدر من الإنسان.
    • وقد أرشد الإسلام إلى الوسيلة التي تجعله لا يخل بالآداب الاجتماعية عند حصوله، وذلك بأن يضع يده اليسرى أو منديله على فمه.
    • فقد كان رسول الله إذا عطس وضع يده، أو ثوبه على فيه، وغضّ بها صوته.
  • جمال الأخلاق من الصدق والأمانة والحياء والشجاعة والكرم وكل الصفات الطيبة التي تكسب الإنسان جمالًا أعظم من جمال الشكل والمظهر.
  • التزام الآداب الاجتماعية التي يطلق عليها بعض الناس "الإتيكيت" ومما علمنا إياه الإسلام في هذا المجال:
    • كتم التثاؤب، فالتثاؤب منظر غير مستحسن، وقد يتسبب بالضيق للآخرين، لذلك أرشدنا الرسول إلى وضع اليد على الفم عند التثاؤب، قال رسول الله : "إذا تثاءبَ أحدُكم فليضعْ يدَهُ على فيهِ".
    • كتم الجشاء، فالجشاء صوت للغازات التي تخرج من الفم، نتيجة الشبع الكامل وامتلاء المعدة، ويكون منعه بوضع اليد على الفم وتحويل الوجه، قال رسول الله لرجل تجشّأ عنده "أقصرْ عنا جشاءَكَ".

أفعال يستحب للإنسان القيام بها

  • الوقار والهدوء، ويكون ذلك في كل الأعمال، حتى لو كان المسلم متوجهًا إلى الصلاة، قال رسول الله : "إذا أقيمتِ الصلاةُ، فلا تأتوها وأنتم تسعَوْنَ، ولكن ائتوها وأنتم تمشونَ، وعليكم السكينةُ، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكمْ فأتموا" وهذا لا يتعارض مع قول الله تعالى: "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" والسعي إلى الصلاة المذكورة في الآية ليس معناه الجري إليها، وإنما التبكير والاستجابة للنداء لاستماع الخطبة كاملة.
  • جمال الحديث، بأن يكون حسنًا لطيفًا، صادقًا.
    • وأن ينتقي المسلم ما حسُن من الألفاظ، وما يحبب لمسامع الآخرين.
    • وألا يستخدم ألفاظًا أو ألقابًا جارحةً يكرهها الآخرون، أو ألفاظًا مستهجنة ومكروهة في مجتمع ما.
    • وعدم مقاطعة الناس في حديثهم، قال الله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".
    • وعلى المسلم خفض صوته، وعدم رفعه؛ لأن هذا السلوك يتنافى مع جمال المسلم، قال الله تعالى: "وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ".
  • طلاقة الوجه، وهي بشاشته، وانبساطه، والتبسم في وجه الآخرين، قال رسول الله : "لا تحقرَنَّ منَ المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاكَ بوجهٍ طليق".

 

Jo Academy Logo