التَّعَلُّمُ الْقَبْلِيُّ
اعتنت الشريعة الإسلامية ببقاء الجنس البشري وتكاثره، وشََرعَت من الوسائل والأحكام ما يكفل ذلك.ومن ذلك أنَّها:
أ. حَثَّت على الزواج. ب. شََرعَت الأحكام التي تدعم إنشاء الأُسَر، وتكفل المحافظة عليها.
أوَّلًا: مفهوم الزواج، وحُكْمه
عرَّف قانون الأحوال الشخصية الأردني الزواج بأنَّه عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعًا لتكوين أسرة.
وقد نَدَبَ الإسلام إلى الزواج. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا مَعْشَرَ الشَّبابِ، مَنِ اسْتَطاعَ مِنْكُمُ الْباءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ».
ثانيًا: حكمة مشروعية الزواج
تبرز الحكمة من مشروعية الزواج في أمور، منها:
أ . إعمار الأرض، وبقاء النوع الإنساني. قال تعالى: ﴿والله جعل لكم من أنفسكم أزواجًا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون﴾.
ب. منح النفس السكينة والمودَّة. قال تعالى:﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾.
ج. عصمة النفس، وعِفَّتها، وتحصينها، وصونها من العلاقات المُحرَّمة التي تُفسِد المجتمع، وتهدم الأخلاق.
د . توثيق الصِّلة بين الناس؛ فالزواج سبيل للتقارب والتعارف والتواصل بين أفراد المجتمع.
ثالثًا: أُسس اختيار الزوجين
بيَّن الإسلام الأُسس التي ينبغي مراعاتها عند اختيار الزوج أو الزوجة؛ لكي يتحقَّق الوئام والانسجام بين الزوجين، وتستمرَّ الحياة الزوجية بينهما، ويتجنَّبا نشوب الخلافات الزوجية، ويتمكَّنا من تحقيق المقاصد المنشودة من الأُسْرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لَِرْبَعٍ: لِمالِها، وَلِحَسَبِها، وَجَمالِها، وَلِدِينِها، فَاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ».
قال صلى الله عليه وسلم: «إذِا خَطَبَ إلَِيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إلَِّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ».
صُوَرٌ مُشْْرِقةٌٌ
تزوَّج سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأُمِّ المؤمنين السيِّدة خديجة رضي الله عنها، فكانت له نعِْم الزوجة؛ إذ آمنت به حين كفر به الناس، وصدَّقته حين كذَّبه الناس، وواسته بمالها حين امتنع عنه الناس، وعاش معها صلى الله عليه وسلم حياة زوجية طيِّبة، وأحبَّها حُبًّا شديدًا؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنِِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا»، فكان صلى الله عليه وسلم يذكرها، ويُكثرِ من مدحها، ويذكر فضائلها، ويستغفر لها.
رابعًا: الخِطبة
الخِطبة: طلب الرجل المرأة للزواج، وهي وعد بذلك، ومرحلة تسبق إجراء العَقْد.
الخُطبة (بضَمِّ الخاء) هي الخطاب الذي يلقيه الخطيب في مناسبة مُعيَّنة، مثل خُطبة يوم الجمعة.
أ . حُكْم الخِطبة، والحكمة من مشروعيتها:
الخِطبة مندوبة لمَنْ أراد الزواج. قال تعالى:﴿ولا جُناح عليكم فيما عرَّضتم به من خِطبة النساء﴾.
وقد شَرَعَ الإسلام الخِطبة لحِكَم مُتعدِّدة، منها:
1. تعرُّف الخاطبينِ أحدهما إلى الآخر، وحصول الأُلفة بينهما.
2. الاتفاق على أساسيات الحياة الزوجية بما يُحقِّق مصلحة الأُسْرة والزوجين.
ب. الأحكام الشرعية للخِطبة:
الأحكام الشرعية التي يتعيَّن مراعاتها في مرحلة الخِطبة:
1- عدم انعقاد الزواج بالخِطبة وقراءة الفاتحة؛ لأنَّ الخِطبة فقط مقدمة للزواج، وليست زواجًا؛ فلا يترتَّب عليها أيُّ أثر من آثار عَقْد الزواج.
2- يسن نظر الخاطبينِ أحدهما إلى الآخر والحكمة من ذلك أنَّ النظر أَدْعى إلى الأُلفة والمحبَّة والمودَّة بينهما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة رضي الله عنه وقد خطب امرأة: «انْظُرْ إلَِيْهَا؛ فَإنَِّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَ» (يُؤْدَمَ: تكون بينكما المحبَّة والاتفاق).
3- يباح عدول أيٍّ من الخاطبينِ عن الخِطبة في حال الاعتقاد بعدم وجود مصلحة في هذا الزواج. ولا يُعَدُّ ذلك طلاقًا؛ لأنَّ عَقْد الزواج لم يتمَّ بعدُ.
الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ
الفحص الطِّبي قبل الزواج:
يُلزَم المُقبِلون على الزواج بعمل فحص طبي قبل الزواج؛ لضمان استقرار الزواج، وسعادة الزوجين، ومنع انتشار بعض الأمراض بين أفراد الأُسْة؛ وهي أمراض تضرُّ بالنسل، وعلاجها مُكلِف اقتصاديًّا واجتماعيًّا ونفسيًّا.
كذلك يجب أنْ يُدرِك الخاطبان مسؤولياتهما المستقبلية، وأهمية الإعداد للمرحلة القادمة على اختلاف تفاصيلها، مثل:
الوعي بقضايا الصِّحَّة الإنجابية، والإدارة المالية لشؤون الأُسرة، وتربية الأطفال؛ إذ يُعَدَّ ذلك أساسًا لنجاح الحياة الزوجية، وبناء أُسرة مُستقِرَّة وسعيدة.