الفصل الثاني : الحرب الباردة
شهد العالم في النصف الأول من القرن العشرين اندلاع حربين عالميتين تكبد بهما العالم خسائر بشرية ومادية فادحة وبعد الحرب العالمية الثانية تحول الصراع إلى مواجهة غير مسلحة عرفت باسم الحرب الباردة امتدت من عام 1947م - 1991م.
تمثلت جذور الحرب الباردة من خلال ما ترتب على الحرب العالمية الثانية (1939م - 1945م) من تحولات وتغيرات جذرية مثل انهيار النظم الشمولية(الدكتاتورية) الفاشية والنازية وخروج بريطانيا وفرنسا منهكة اقتصاديًا وتراجهما إلى المرتبة الثانية وصعود الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي كقطبين عالميين جديدين وهو ما عرف بالنظام الدولي الثنائي القطبية حيث بدأت مظاهر العداء بين القطبين تظهر بعد الحرب العالمية الثانية وما عرف بالحرب الباردة.
ومن عوامل قيام الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي
- التنافس والصراع على المصالح السياسية والاستراتيجية في العالم
- التقدم التقني الذي انعكس بصورة مباشرة على مجال التسليح كأسلحة غير تقليدية مثل الأسلحة النووية
- قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مساعدات اقتصادية لدول أوروبا المتضررة من الحرب العالمية الثانية
- التناقض الأيدلوجي بين القطبين الذي عمق الخلاف بينهما، حيث انقسمت دول العالم إلى أيديولوجيتين رأسمالية واشتراكية
ومن أبرز الأزمات الدولة
1- الأزمة الكورية في عام 1950م : قيام قوة عسكرية تابعة لكوريا الشمالية اجتياز خط عرض(38) درجة فتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وأرسلت تعزيزات دفاعية لكوريا الجنوبية لاحتواء التوسع الشوعي وهددت باستخدام الأسلحة النووية.
**انتهت الأزمة بإشراف هيئة الأمم المتحدة تقضي بتراجع القوات المتحاربة إلى خط عرض(38)درجة ولا يزال العداء قائمًا حتى وقتنا الحاضر
2- العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م :
تمثلت السياسة المصرية في تلك المرحلة في - رفض مصر الانضمام إلى حلف بغداد عام 1955م
- إقامة علاقات سياسية وعسكرية مع الدول الاشتراكية
سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى جذب مصر إلى المعسكر الرأسمالي وتقديم الإغراءات جاءت على صورة تمويل مشروع بناء السد العالي ولكنها سحبت الدعم المالي بسبب - استمرار مصر بالنهج المحايد في السياسة الخارجية
- اعترافها بجمهورية الصين الشعبية الاشتراكية عام 1956م
- دعم الثورة الجزائرية
على أثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس - شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل الحرب علة مصر عام 1956م
*رفض الاتحاد السوفيتي الحرب على مصر وهدد بالرد على بريطانيا وفرنسا
* فشل العدوان على مصر بسبب - صمود الشعب المصري
- وقوف العرب والرأي العام العربي والعالمي إلى جانب مصر
3- أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962م :
- كانت كوبا أكثر المناطق المقلقة للولايات المتحدة الأمريكية بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي المجاور لها
- وصول فيدال كاسترو الموالي للاتحاد السوفيتي للحكم عام 1959م
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور عام 1960م أن تفرض حظرًا تجاريًا على كوبا، وتقطع علاقاتها الدبلوماسية معها عام 1961
في عام 1962م نصب الاتحاد السوفيتي صواريخه النووية في كوبا الذي عده الرئيس الأمريكي جون كندي تطورا خطيرا ففرض حصارا بحريا عى كوبا لمنع وصول الإمدادات إليها، ووضع القوة النووية على أهبة الاستعداد
** انتهت الأزمة بتدخل الأمم المتحدة حيث - تعهد الاتحاد السوفيتي بسحب صواريخه منها
- وتعهدت الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا
** تحسنت العلاقات بين الطرفين وزار الرئيس الأمريكي أوباما كوبا في عام 2016م بعد انقطاع دام (88)عامًا.
4- حرب أكتوبر - تشرين(رمضان) 1973م :
بسبب احتلال إسرائيل أراضي من مصر وسوريا عام 1967م شنت القوات السورية والمصرية هجوم مباغتاً على إسرائيل في 6/ تشرين الأول/1973م لاستعادة أراضيها بدعم من الاتحاد السوفيتي، وقامت الولايات المتحدة الأمريكية بتزويد إسرائيل بالسلاح والمعدات.
الأمر الذي دفع الدول العربية بحظر تصدير النفط العربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية المؤيدة لها بسبب تأيدها لإسرائيل وهذا دفع الرئيس الأمريكي نيكسون قواته التقليدية والنووية في كل العالم أهبة الاستعداد.
** نجحت الجهود الدولية بوقف إطلاق النار بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (338)
* شارك اللواء المدرع أربعين الأردني على الجبهة السورية بعد تدهور موقف الجيش السوري واستطاع إلى جانب القوات العراقية إلى
- إجبار الجيش الإسرائيلي التراجع لمسافة (10)كم،
- مشاغلة الجيش الإسرائيلي ومنعه من دخول العاصمة السورية
5- غزو أفغانستان في عام 1979م
بدأت في عام 1973م بعد القضاء على الحكم الملكي وتولى الأمير محمد داود وإعلانه النظام الجمهوري والذي لم يستطع تحقيق الأمن والاستقرار مما أدى إلى مقتله في انقلاب عسكري عام 1978م تولى على إثره الاشتراكيين وزاد بذلك النفوذ السوفيتي من خلال
- إرسالهم الخبراء العسكريين إلى أفغانستان
- تقديم الدعم الاقتصادي
- تشجيع الأحزاب السياسية المرتبطة باليدولوجية الاشتراكية
ونتيجة لذلك قامت الثورة الإسلامية ضد الحكومة الأفغانية، والقضاء على النفوذ الشيوعيين مما دفع السوفييت بغزو أفغانستان عام 1979م لمنع نجاح الثورة الإسلامية ومع زيادة الحرب دعم الأمريكان الثورة بالأسلحة بالإضافة إلى دعم كل من الصين وبريطانيا وباكستان وبعض الدول العربية ,
**وكانت النتيجة تكبيد السوفييت خسائر كبيرة وانسحبهم من أفغانستان في 15/ شباط/ عام 1989م
وفي نهاية الحرب الباردة
بتولي الرئيس ميخائيل غورباتشوف زعامة الاتحاد السوفييتي في عام 1985م بدأت مرحلة جديدة عجلت في إنهاء الحرب الباردة.
واستطاع غورباتشوف أن
- يفرض رؤية جديدة للعلاقات بين الغرب والشرق،
-ووقف سباق التسلح مع الولايات المتحدة الأمريكية،
-وإنهاء علاقة العداء التي كانت بين القطبين؛ فخف التوتر في العالم,
-وحاول إجراء إصلاحات داخلية للخروج من الأزمة الاقتصادية التي كان يعانيها الاتحاد السوفييتي عن طريق اتباعه سياسة داخلية تمثلت بإعادة البناء والانفتاح، إلا أنه أخفق في تحقيق التقدم الاقتصادي لبلاده,
ومع تراخي القبضة السوفييتية على أوروبا الشرقية، اندلعت ثورات شعبية عدة مطالبة بالديمقراطية أطاحت بالأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، بدأت من بولندا، ثم انهيار جدار برلين في عام 1990م الذي أدى إلى انهيار الاتحاد السوفييتي،
**وبحلول عام 1991م اُْعِلنَ رسميًا انتهاء الحرب الباردة.