مقاومةُ الهواءِ Air Resistance وهي شكلٌ من أشكالِ قوى الاحتكاكِ، تؤثّرُ في الجسمِ بعكسِ اتجاهِ حركتِه، وتؤدّي إلى إبطاءِ حركتِه. وتؤثّرُ مقاومةُ الهواءِ في حركةِ المَركباتِ كالسياراتِ والدراجاتِ، وتُسهمُ في زيادةِ قوى الاحتكاكِ المُعيقةِ لحركتِها. وتعتمدُ مقاومةُ الهواءِ على عواملَ عدّةٍ منها شكلُ الجسمِ؛ فالشكلُ الانسيابيُّ يسمحُ بمرورِ الهواءِ بسهولةٍ حولَ الجسمِ، فتقلُّ مقاومةُ الهواءِ المؤثّرةُ فيهِ. أتأمّلُ الشكلَ ( 9). الربطُ بالتكنولوجيا في العامِ 1997 حقّقتْ سيارةُ رقمًا قياسيًّا في السرعةِ يصلُ إلى ( ) وهي تقريبًا تساوي سرعةَ الصوتِ في الهواءِ. وقد رُوعِيَ في تصميمِها تقليلُ مقاومةِ الهواءِ ما أمكنَ، وفي الوقتِ نفسِه زيادةُ قوةِ مُحرِّكِها. أثرُ مقاومةِ الهواءِ في الأجسامِ الساقطةِ تؤثّرُ مقاومةُ الهواءِ في الأجسامِ ومنها الساقطةُ نحوَ الأرضِ. ويكونُ تأثيرُها كبيرًا في الأجسامِ الخفيفةِ، مثلُ الورقةِ. أمّا الأجسامُ الثقيلةُ، مثلُ قطعةِ النقودِ؛ فإنَّ مقاومةَ الهواءِ لحركتِها تكونُ قليلةً مقارنةً بوزنها، لذا يمكنُ إهمالُها. وهذا يفسرُ سرعةَ وصولِ قطعةِ النقودِ إلى الأرضِ، في حينِ تستغرقُ الورقةُ الساقطةُ منَ الارتفاعِ نفسِه زمنًا أطولَ. تزدادُ مقاومةُ الهواءِ بزيادةِ سرعةِ الجسمِ، وتزدادُ أيضًا بزيادةِ مِساحةِ السطحِ المُعرَّضِ للهواءِ؛ فالورقةُ المُسطَّحةُ تتأثّرُ بقوّةِ مقاومةٍ أكبرَ من كرةِ الورقِ؛ لأنَّ مِساحةَ سطحِ الورقةِ المُسطَّحةِ أكبرُ من مِساحةِ سطحِ كرةِ الورقِ. وقد استُخدِمتْ هذهِ الفكرةُ في تصميمِ مِظلاتِ الهبوطِ.يتأثّرُ المِظلّيُّ في أثناءِ هبوطِه بقوّتينِ هما: وزنُه للأسفلِ، ومقاومةُ الهواءِ للأعلى، أتأمّلُ الشكلَ ( 10 ). وعندَ فتحِ المِظلةِ فإنَّ مِساحةَ سطحِها الكبيرةَ تعملُ على زيادةِ مقاومةِ الهواءِ ما يؤدّي إلى إبطاءِ المِظليِّ، وتُمكِّنُه منَ الهبوطِ بسرعةٍ مناسبةٍ. الربطُ بعلومِ الفضاءِ عندَ سقوطِ مطرقةٍ وريشةٍ في اللحظةِ نفسِها ومنَ الارتفاعِ نفسِه عن سطحِ الأرضِ، فإنَّ المِطرقةَ تصلُ إلى سطحِ الأرضِ قبلَ الريشةِ، لأنَّ الريشةَ تتأثرُ بمقاومةِ الهواءِ، بينما يكونُ تأثيرُ مقاومةِ الهواءِ على المطرقةِ مهملً. وفي عامِ 1971 م أجرى رائدُ الفضاءِ ديفيد سكوت التجربةَ نفسَها على سطحِ القمرِ، حيثُ لا يوجدُ هواءٌ. فأسقطَ سكوت مطرقةً كتلتُها (1.32kg) وريشةً كتلتُها (50g) منَ الارتفاعِ نفسِه وفي اللحظةِ نفسِها، فوصلَتَا إلى السطحِ في اللحظةِ نفسِها، فأثبتَ أنَّ الأجسامَ جميعَها تكتسبُ التسارعَ نفسَه، بغيابِ مقاومةِ الهواءِ. |
الشكل ( 9): الشكل الانسيابي يقلل من مقاومة الهواء.
الشكل ( 10 ): تُصمَّمُ المِظلّةُ بمِساحةِ سطحٍ كبيرةٍ لتعملَ على زيادةِ مقاومةِ الهواءِ. |
||||||||||||||||||||||||
كيفَ تؤثّرُ القوى في شكلِ الجسمِ؟ عندَ الضغطِ على كرةٍ مطاطيّةٍ مثلَ المبيَّنةِ في الشكلِ ( 11 )، فإنَّ القوى المؤثّرةَ فيها تؤدّي إلى تغيُّرٍ في شكلِها، ثمَّ تعودُ إلى شكلِها الأصليِّ عندَ زوالِ القوّةِ، ويُوصفُ سلوكُ الجسمِ في هذهِ الحالةِ بأنَّهُ مرِنٌ. فالمرونةُ خاصيّةٌ تصفُ مقدرةَ الجسمِ على استرجاعِ شكلِه الأصليِّ بعدَ زوالِ القوّةِ الخارجيّةِ المؤثِّرةِ فيهِ. وتنطبقُ خاصيّةُ المرونةِ على النوابضِ أيضًا، فعندَ شدِّ النابضِ أو ضغطِه يتغيّرُ طولُه، وعندَ زوالِ القوّةِ المؤثِّرةِ يستعيدُ النابضُ طولَه الأصليَّ، ويمكنُ فهمُ هذا السلوكِ بدراسةِ أثرِ قوّةِ الشدِّ في نابضٍ معلَّقٍ رأسيًّا على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (12). عندَ تعليقِ ثِقلٍ في طرفِ النابضِ، يؤثّرُ الثِّقلُ في النابضِ بقوّةِ شدٍّ فيزدادُ طولُه، وعندَ إزالةِ الثِّقَلِ يعودُ النابضُ إلى طولِه الأصليِّ.
إلا أنَّ التجاربَ أثبتَتْ أنَّ هذهِ العلاقةَ بينَ القوّةِ والاستطالةِ صحيحةٌ، ما دامَ أنَّ القوّةَ المؤثّرةَ في النابضِ لم تتجاوزْ قيمةً معينةً تُسمَّى حدَّ المرونةِ Elastic Limit ؛ فضمنَ حدِّ المرونةِ يستعيدُ النابضُ شكلَهُ الأصليَّ بعدَ زوالِ القوّةِ، أمّا إذا تجاوزتِ القوّةُ المؤثِّرةُ حدَّ المرونةِ، فإنَّها تُحدِثُ تشوّهًا دائمًا في النابضِ، و لا يتمكّنُ عندئذٍ من استعادةِ شكلِه الأصليِّ بعدَ زوالِ القوّةِ. وتُستّخدمُ النوابضُ في الحياةِ اليوميّةِ في كثيرٍ منَ التطبيقاتِ، فتدخلُ في صناعةِ ألعابِ الأطفالِ والأدواتِ الرياضيّةِ والسياراتِ. وتُستخدمُ أيضًا في صناعةِ أجهزةِ قياسِ الوزنِ، مثلُ المبيَّنِ في الشكلِ( 13 ).
|
الشكل ( 11 ): تسبّبُ القوى تغيُّرَا مؤقتًا في شكلِ الجسمِ.
الشكل ( 12 ): دراسةُ العلاقةِ بينَ قوّةِ الشدِّ والاستطالةِ تجريبيًّا. أُمثّلُ النتائجَ الواردةَ في الجدولِ بيانيًّا، القوةُ على محورِ ( x). والاستطالةُ على محورِ (y) .
|
||||||||||||||||||||||||