مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

ثقافة الاعتذار

الدراسات الإسلامية - الصف التوجيهي أدبي

أمر الإسلام بأن يكون التعامل بين الناس بالحسنى، ولكن يحدث أحيانًا ما يفسد تلك العلاقة بينهم: 

نتيجة خطأ يصدر عن أحدهم، والإنسان غير معصوم من الخطأ.

فقد وجهه الإسلام في مثل هذه الحالة إلى الاعتذار:

- فهو سلوك حضاري

- ومهارة اجتماعية تعيد الألفة والمحبة بين الناس.

أولا : مفهوم الاعتذار وأهميته

الاعتذار: هو رجوع المخطئ عن الخطأ، وإظهار ذلك لمن كان الخطأ بحقه بأسلوب لين ومقبول، وطلب المسامحة منه.

والاعتذار خلق عظيم ومهم فهو يدل على:

- ثقة الإنسان المعتذر بنفسه.

-وقدرته على مواجهة أخطائه بكل شجاعة.

- وكما على المخطئ الاعتذار ، فمن الواجب على الطرف الآخر أن يقبل الاعتذار، وهذا هو الإعذار. 

فحكم قبول عذر المعتذر واجب.

فالإعذار: هو رفع اللوم عن المخطئ، وقبول اعتذاره ومسامحته.

دل على ذلك قول الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ

وقال النبي ﷺ: "ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ". فدل الحديث الشريف كما دلت الآية الكريمة قبله على وجوب الإعذار أي قبول عذر المعتذر.

ومن أهمية الاعتذار والإعذار أنّهما:

يحققان احترام الإنسان لنفسه، فالأقوياء هم الذين يتسامحون.

ومن الدلائل التي تدل على أهمية ثقافة الاعتذار والإعذار:

ما جاء في قوله تعالى: « وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ » 

فقد نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما قطع الصدقة عن مسطح بن أثاثة رضي الله عنه ، بعد خطأ ارتكبه، فنزلت الآية تدعوه إلى العفو ومسامحته والعودة للتصدق عليه ، فقال أبو بكر: "بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه الصدقة".

ثانيا : نماذج مشرفة في الاعتذار

لقد ضرب لنا صحابة رسول الله ﷺ نماذج مشرفة في الاعتذار، والإعذار ومن هذه النماذج ما يأتي:

1 - اعتذار أبي ذر لبلال بن رباح رضي الله عنه ، عندما نادى أبو ذر بلالا

بقوله: "يا ابن السوداء".

وكان ذلك أمام ملأ من الصحابة رضوان الله عليهم، فشكا بلال ذلك للنبي ﷺ، فقال لأبي ذر الغفاري: "أعيرته بأمه؟"

فقام أبو ذر ووضع رأسه على التراب في طريق بلال، وطلب منه أن يطأه بقدمه

اعتذارا له.

فقام بلال له وأخذ يقبل رأس أبي ذر رضي الله عنه دليلا على قبول اعتذاره.

2- اعتذار أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما لبعضهما

فقد روى أبو الدرداء رضي الله عنه "كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر ، فانصرف عنه عمر غضبان، فتبعه أبو بكر يسأله أن يغفر له، فلم يفعل.

فأقبل أبو بكر إلى رسول الله ﷺ، فسلم وقال: يا رسول الله! إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى علي فأقبلت إليك

فقال: "يغفر الله لك يا أبا بكر" (ثلاثا).

ثم إن عمر ندم على ما كان منه، فأتى منزل أبي بكر فسأل عنه  فلم يجده، فأتى إلى النبي ﷺ فصار وجه النبي ﷺ يتغير، حتى أشفق أبو بكر فجثا أبو بكر على ركبتيه، وقال: يا رسول الله! والله أنا كنت أظلم (مرتين).

فقال النبي ﷺ "إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي"(مرتين)فما أوذي بعدها.

فاعتذر كل منهما للآخر، وقبلا عذر بعضهما.

ثالثا: آداب الاعتذار

للاعتذار آداب ينبغي على المعتذر الالتزام بها عند قيامه بالاعتذار ممن أخطأ في حقه، منها:

 1- اختيار الوقت المناسب

فمن الضروري تحري الوقت المناسب للاعتذار لمن وقع الخطأ في حقه. 

2- استخدام الأسلوب المناسب

سواء بالقول، كاستعمال العبارات اللطيفة، أو بالأفعال الحسنة التي تدل على الندم.

3- الاعتذار في المكان المناسب

 فينبغي للمعتذر أن يتحرى المكان المناسب للشخص الذي وقع الخطأ في حقه،

فربما أدى سوء اختيار المكان إلى جرح المشاعر وتفاقم المشكلة.

 

رابعا : آثار الاعتذار والإعذار

للاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، وإعذار المخطئ، فوائد عديدة يجنيها الفرد والمجتمع، منها:

1-تحصيل رضا الله عز وجل ومحبته

 فالله سبحانه يرضى عن عبده الذي يقف بين يديه معتذرا معترفا بخطئه، وتقصيره،

دل على ذلك قوله تعالى : {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

2- تقوية أواصر المحبة بين أفراد المجتمع

وهذا ما دل عليه قول رسول الله ﷺ: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".

3- زوال الخصومات بين المتخاصمين وعودة المحبة

وإعادة العلاقة بينهم على أساس المحبة.

وهذا ما دل عليه قول الله تعالى : {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } 

4- الشعور بالراحة والطمأنينة

فإن الاعتذار يمنح الفرد الثقة بالنفس.