الدراسات الاجتماعية فصل ثاني

السابع

icon

رِحلةٌ في محافظةِ الزرقاءِ

 

أتخيّلُ نَفسي هُناكَ

أتخيّلُ أنَّني في مدينةِ الزرقاءِ برفقةِ سامِرٍ الذي بدأَ رِحلتَهُ إلَيْها، بعدَ أنْ استقلَّ حافلةً متوجِّهةً إلى هُناكَ، عبرَ الطريقِ السريعِ الذي يربُطُ العاصمةَ عمّانَ بمدينةِ الزرقاءِ.

 

جلسَ سامِرٌ إلى جوارِ سيّدةٍ مِنْ مدينةِ الزرقاءِ، فألقى علَيْها التحيّةَ وتبادَلا الحديثَ، وعندَما علِمتْ برغبةِ سامرٍ بالتعرُّفِ إلى تاريخِ المَنطِقةِ؛ أخبرَتْهُ أنّها تعودُ إلى العصورِ الحجريّةِ، وتعاقَبتْ علَيْها العديدُ مِنَ الشعوبِ التي أقامَتْ في جِوارِ نهرِ الزرقاءِ، ومِنْهُم العمونيُّونَ والأنباطُ الذينَ استفادوا مِنْ موقعِها التجاريِّ ووَفرةِ المياهِ فيها، فأنْشأوا الحُصونَ وأبراجَ المراقبةِ. كَما حظِيَتْ باهتمامِ الرومانِ كونَها مدينةً تجاريّةً. وفي العهدِ الإسلاميِّ أقامَ الأُمويّونَ فيِ الباديةِ القريبةِ مِنْها القصورَ والقلاعَ، واهتمّتِ الدولةُ العثمانيّةُ بالزرقاءِ بوصفِها مركزًا مُهمًّا على طريقِ الحجِّ الشاميِّ، وبَنوا فيها محطّةَ الخطِّ الحديديِّ الحِجازيِّ الواصلِ بينَ دمشقَ والمدينةِ المنوَّرةِ في عامِ 1920م، وقدْ أنشأتْهُ الدولةُ العثمانيّةُ لخدمةِ الحُجّاجِ المسلمينَ وربطِ أقاليمِها وإحكامِ السيطرةِ علَيْها.

 

 

 

طريقُ الحَجِّ الشاميِّ

الطريقُ الذي كانَتْ تسيرُ فيهِ قوافِلُ الحُجّاجِ مِنَ الأناضولِ وشِبهِ جزيرةِ البلقانِ وبلادِ الشامِ، مرورًا بدمشقَ إلى دَرْعا والفدين (المفرقِ) والزرقاءِ وعمّانَ والقطرانةِ ومَعانَ، ومِنْها وصولًا إلى المدينةِ المنوّرةِ.

 

السببُ:  لخدمةِ الحُجّاجِ المسلمينَ وربطِ أقاليمِها وإحكامِ السيطرةِ علَيْها.

النتيجةُ: أنشأَ العثمانيّونَ محطّةً لسِكّةِ الحديدِ في الزرقاءِ.

 

 

 

علِمَ سامِرٌ أنَّ الزرقاءَ سُمِّيتْ هذا الاسمَ نسبةً إلى نهرِ الزرقاءِ أحدِ روافدِ نهرِ الأُردنِّ، الذي ينبَعُ مِنْ رأسِ العَيْنِ في عمّانَ مارًّا بعينِ غزالٍ والرصيفةِ والزرقاءِ والسخنةِ وصولًا إلى سَدِّ الملكِ طلالٍ. 

ولاحظَ التطوُّرَ الكبيرَ الذي شهِدتْهُ مدينةُ الزرقاءِ في المجالاتِ جميعهِا؛ كالبِنيةِ التحتيّةِ والصحِّةِ والتعليمِ، وعلِمَ أيضًا أنَّ الزرقاءَ تشتمِلُ على العديدِ مِنَ المصانِعِ، مثلِ مصانِعِ الدباغةِ والحديدِ والغزَلِ والنسيجِ والخزَفِ والكيماويّاتِ.

 وفيها المَنطِقةُ الحرّةُ المزدهِرةُ بالتجارةِ داخليًّا وخارجيًّا، وتحتضِنُ الزرقاءُ مصفاةَ البترولِ الأردنيّةَ ومَحطّةَ الحُسينِ الحراريّةَ، كَما اتَّخذها الجيشُ العربيُّ – القوّاتُ المسلّحةُ الأُردنيّةُ مكانًا رئيسًا لإقامةِ المعسكراتِ وانتقالِ مُنتسبيهِ وأُسَرِهِم إلَيْها؛ ما ساعدَ على نموِّ المدينةِ بصورةٍ سريعةٍ.

ودّعَ سامِرٌ السيدةَ وعبّرَ عَنْ سعادتِهِ بمعرفَتِها وقدّمَ لَها الشكرَ على المعلوماتِ القيِّمَةِ التي قدّمَتْها لَهُ.

المحطّةُ الأُولى

بدأَ سامِرٌ رِحلتَهُ بزيارةِ قصرِ شَبيب الذي يقعُ في الجهةِ الغربيّةِ مِنْ مدينةِ الزرقاءِ والذي شُيِّدَ في العصرِ الرومانيِّ، ويُعدُّ هذا القصرُ حِصنًا يَحتوي في داخلِهِ على سراديبَ تصِلُ إلى أسفلِ الجبلِ عندَ (نهرِ الزرقاءِ)، وقَدْ علِمَ أنَّ المسلمينَ اتّخذوا مِنْهُ محطّةً للمُسافرينَ وقلعةً عسكريّةً. وفي العهدِ العثمانيِّ كانَ القصرً مكانًا للحاميةِ التركيّةِ، التي تحرُسُ الحُجّاجَ في أثناءِ مرورِهِم أوْ مكوثِهِم في مدينةِ الزرقاءِ.

وكمْ كانَتْ دهشةُ سامِرٍ كبيرةً حينَ علِمَ أنَّ هذا القصرَ تحدّى عوامِلَ الزمنِ وبقيَ صامدًا طوالَ هذِهِ المُدّةِ الزمنيّةِ، وازدادَ حماسُهُ لحضورِ فعاليّاتِ (مَهرجانِ شَبيب للثقافةِ والفنونِ)، الذي بدأَتْ انطلاقتُهُ الأُولى في عامِ 1995م، بفعاليّاتٍ ثقافيّةٍ وفنِّيّةٍ.

 

المحطّةُ الثانِيةُ  

انتقلَ سامِرٌ إلى قَصْرِ عَمْرة وهوَ قَصْرٌ أُمويٌّ بُنِيَ في عهدِ الوليدِ بنِ عبدِ المَلِكِ، ويتكوُّن مِنْ قاعةِ استقبالٍ وغرفتَينِ غُطِّيَتْ أرضيَّتُها بالفُسيفِساءِ المُزيّنِ بزخارِفَ نباتيّةٍ، أمّا جُدرانُ القصرِ فمُزيّنةٌ بالرسومِ والنقوشِ الجميلةِ التي تُمثِّلُ مشاهِدَ مِنْ رِحلاتِ الصيدِ، وأُلحِقَ بالقَصرِ حمّامٌ مُزوّدٌ بنظامٍ مائيٍّ لإيصالِ المياهِ إلى الداخلِ. إنّهُ تُحفةٌ فنِّيّةٌ مِعماريّةٌ نادرةٌ، ويَبدو كقطعةٍ مِنَ السماءِ لوجودِ القُبّةِ الفلكيّةِ في داخلهِ. وفي ساحةِ القَصرِ بئرُ ماءٍ.

شعَرَ سامِرٌ بالفخرِ عندَما علِمَ أنَّ قَصرَ عَمْرة قَدْ سُجِّلَ على قائمةِ اليونسكو للتراثِ العالميِّ بوصفِهِ موقِعًا ثقافيًّا في عامِ 1985م، وقدْ أُقيمَتْ عندَ القَصرِ حديثًا قاعةٌ للزوّارِ وحديقةٌ احتوَتْ على نشراتٍ توضيحيّةٍ لأبرزِ المعالِمِ الأثريّةِ في الزرقاءِ، مثلِ قَصرِ الحلّاباتِ الذي بُنِيَ في عهدِ الخليفةِ الأُمويِّ هِشامُ بنُ عبدِ المَلِكِ.

 

السببُ:  بوصفِهِ موقِعًا ثقافيًّا وتُحفةٌ فنِّيّةٌ مِعماريّةٌ نادرةٌ

النتيجةُ: إدراجُ قَصرِ عَمْرة على قائمةِ التراثِ العالميِّ. 

 

 

 

 

المحطّةُ الثالِثةُ

تبرُزُ قلعةُ الأزرقِ وسطَ واحةِ الأزرقِ، وتجمَعُ بينَ جمالِ الطبيعةِ المحيطةِ فيها وروعةِ الهندسةِ القديمةِ. إنّها واحِدةٌ مِنَ القلاعِ التاريخيّةِ البارزةِ في الأُردنِّ، بُنِيتْ مِنَ البازلتِ الأسودِ القويِّ الذي يُضيفُ إلَيْها طابَعًا غامضًا وجماليًّا فريدًا؛ فهِيَ ليستْ هيكلًا حجريًّا فَقَط، بِلْ هِيَ حِصنٌ يعكِسُ تاريخَ الأنباطِ والرومانِ مِنْ بعدِهِم، ثُمَّ مركزٌ لقوّاتِ الثورةِ العربيّةِ الكُبرى.

كانَ سامِرٌ ممتنًّا لدائرةِ الآثارِ العامّةِ التي رمَّمَتْ بعضَ غرفِ القلعةِ وأعادَتْ تأهيلَها، ورمَّمَتِ الواجهاتِ الجنوبيّةَ الغربيّةَ للقلعةِ وكحَّلَتْها، وأعدَّتْ لَها أبوابًا خارجيّةً خشبيّةً على الطرازِ القديمِ.

وتجوّلَ سامِرٌ في مَحميّةِ الأزرقِ المائيّةِ التي تأسّستْ في عامِ 1978م، وهِيَ أرضٌ رطبةٌ خلّابةٌ، ومُهمّةٌ للطيورِ المُهاجرةِ التي تُسافرُ بينَ قارّتِ أُوروبا وآسيا وإفرِيقيا. وتمكّنَ مِنْ مُراقبةِ هذِهِ الطيورِ عَنْ قُربٍ عبرَ ممرّاتِ المشاهدةِ في المَحميّةِ، وعلِمَ أنّ المَحميّةَ انضمّتْ في عامِ 2018م، إلى القائمةِ الخضراءِ التابعةِ للاتِّحادِ الدوليِّ لحِفظِ الطبيعةِ.

السببُ: الموقع الاستراتيجي والبناء القوي

النتيجةُ: شكّلَتْ قلعةُ الأزرقِ مركزًا لقوّاتِ الثورةِ العربيّةِ الكُبرى.

 

 

 

المحطّةُ الأخيرةُ

مَحميّةُ الشومَري أوّلُ مَحميّةٍ للأحياءِ البرِّيّةِ في الأُردنِ، وقَدْ تأسّسَتْ في عامِ 1975م، مِنْ قِبَلِ الجمعيّةِ الملكيّةِ لحمايةِ الطبيعةِ. وتُعدُّ مَلاذًا آمِنًا للعديدِ مِنَ الكائناتِ الحيّةِ المُهدّدةِ بالانقراضِ؛ فهِيَ مأوًى للعديدِ مِنَ الكائناتِ البرِّيّةِ المُميّزةِ كالمَها العربيِّ، والثعلبِ الأحمرِ، والذئبِ والضبعِ المُخطّطَينِ اللذَينِ يتجوّلانِ في المَحميّةِ، بالإضافةِ إلى النعامِ والغِزلانِ.

  • أُبيِّنُ أوجهَ الشبةِ والاختلافِ، بينَ مَحميّةِ الشومَري ومَحميّةِ الأزرقِ.

الشبه: كلاهما محميات طبيعية، تقعان في محافظة الزرقاء،

الاختلاف:

  • الأزرق محمية مائية، أرض رطبة مهمة للطيور المهاجرة.
  • الشومري مَحميّةٍ و مأوًى للعديدِ مِنَ الكائناتِ البرِّيّةِ المُميّزةِ في الأُردنِ.