الدراسات الاجتماعية فصل ثاني

السابع

icon

                                  رِحلةٌ في محافظةِ الكركِ

 

أتخيّلُ نَفسي هُناكَ

أتخيّلُ أنّني أُشارِكُ سامرًا الذي يسكنُ في مدينةِ عمّانَ، رحلتَهُ إلى مناطِقِ الأُردّنِّ جميعِها؛ إذْ يبدأُ أوّلَ رِحلاتِهِ مِنَ محافظةِ الكركِ في جنوبِ الأُردنِّ، التي تتمتّعُ بتاريخٍ غنيٍّ ومعالِمَ ثقافيّةٍ وتاريخيّةٍ.

 

في طريقهِ إلى محافظةِ الكركِ، قرأَ سامِرٌ المزيدَ عَنْ تاريخِ مدينةِ الكركِ، وانتابَهُ إعجابٌ كبيرٌ بتاريخِها؛ فعلِمَ أنَّ تاريخَها يعودُ إلى العصرِ الحجريِّ الحديثِ، وقَدْ سكنَها المؤابِيّونَ والأنباطُ، وغَزاها الأشورِيّونَ واليونانُ والرومانُ. وحصلَتْ على أرضِها غزوةُ مؤتةَ في السنةِ الثامنةِ للهجرةِ، ودخلَتْها قوّاتُ الفتحِ الإسلاميِّ في عهدِ الخليفةِ عُمرَ بنِ الخطّابِ بقيادةِ الصحابِيِّ أبي عُبيدةَ عامرِ بنِ الجّراحِ.

 

ونظرًا إلى أهمِّيّةِ موقعِ الكركِ على الطريقِ التجارِيِّ بينَ الشامِ والحِجازِ واليمنِ ومِصرَ، فقَدْ احتلَّها الفِرنجةُ في عامِ (537هـ/1142م)، وأسّسوا فيها مملكةَ الكركِ الصليبيّةَ التي أصبحَتْ لاحقًا إمارةَ الكركِ الأيوبيّةَ بَعدَ أنْ حرَّرها صلاحُ الدينِ الأيوبيُّ. وفي العصر المملوكيِّ اتّخذَها السلطانُ أحمدُ بنُ قلاوونَ عاصمةً للدولةِ المملوكيّةِ.

وكانَتِ الكركُ جزءًا مِنَ الدولةِ العثمانيّةِ حتّى قدومِ الأميرِ عبدِ اللهِ بنِ الحُسينِ إلى الأُردنّ،ِ وتأسيسِ إمارةِ شرقِ الأُردنِّ في عامِ 1921م.

 

المحطّةُ الأُولى

زارَ سامِرٌ قلعةَ الكركِ أشهرَ المعالِمِ الأثريّةِ في مدينةِ الكركِ وأكبرَ القلاعِ الموجودةِ في الأُردنِّ، واستمعَ مِنَ الدليلِ السياحيِّ إلى تفاصيلَ مُثيرةٍ حولَ ما حدثَ في هذا المكانِ على مرِّ العصورِ؛ فقَدْ أعادَ الفرنجةُ بِناءَها على أنقاضِ قلعةٍ مؤابيّةٍ. وتمتازُ بحصانَتِها؛ فهِيَ رابِضةٌ على قِمّةِ جبلٍ وتُحيطُ بها الأبراجُ المرتفِعةُ التي استخدَمَها الفِرنجةُ في حروبِهِم في بلادِ الشامِ؛ لتأمينِ احتلالِهِم للقدسِ والسيطرةِ على الطريقِ الملوكيِّ.

وتَحتوي القلعةُ على متحفٍ أثريٍّ أُنشئَ في عامِ 1981م؛ يَحتوي على قِطَعٍ أثريّةٍ تعودُ إلى فتراتٍ تاريخيّةٍ مختلفةٍ مؤابيّةٍ ونبطيّةٍ وبيزنطيّةٍ ومملوكيّةٍ وعُثمانيّةٍ.

ثُمَّ أخذَ سامِرٌ قسطًا مِنَ الراحةِ في مُتنزَّهِ عينِ سارّةَ السياحيِّ، واستمتعَ بالتعرُّفِ إلى الثقافةِ المحلِّيّةِ وتذوُّقِ الأطعمةِ الشهيّةِ في مطاعِمِ المُتنزَّهِ.

 

السببُ: تعدد الحضارات

النتيجةُ: تنوُّعُ القِطَعِ الأثريّةِ في الكركِ.

 

 

 

المحطّةُ الثانِيةُ

توجّهَ سامِرٌ إلى لواءِ المَزارِ الجنوبيِّ، حيثُ زارَ جامعةَ مؤتَهَ، ثُمَّ توجّهَ لزيارةِ مَقاماتِ الصحابةِ؛ زيدِ بنِ حارثةَ وعبدِ اللهِ بنِ رواحَةَ وجعفرِ بنِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُم. وأكملَ جولتَهُ بزيارةِ مَنطِقةِ أدر (أدريانوس) التي تظهرُ فيها بَقايا آثارٌ رومانيّةٌ قديمةٌ تتمثّلُ في أساساتٍ ضَخمةٍ يُعتقَدُ أنّها أساساتٌ لمعابِدَ رومانيّةِ بَناها الإمبراطورُ الرومانيُّ (أدريانوس).

 

أنشئت جامعة مؤتة في عام 1981م بوصفها جامعة عسكري، وأطلق عليها هذا الاسم اقتداء بمعركة مؤتة التي كانت بداية الفتوحات العربية الإسلامية في بلاد الشام.

وقد بدأ التدريس فيها عام 1984م في تجربة فريدة تجمع بين العلوم التطبيقية والعلوم العسكرية وفي عام 1986م صدر قرار بإنشاء الجناح المدني للجامعة ويوجد في الجامعة 15 كلية.

 

السببُ: استشهاد عدد كبير من الصحابة في معركة مؤتة

النتيجةُ: وجودُ مَقاماتِ الصحابةِ في الكركِ. 

 

 

 

المحطّةُ الثالِثةُ

ثُمَّ توجّهَ إلى مَحميّةِ وادي الموجِبِ الطبيعيّةِ الخلّابةِ، التي تُعدُّ أخفضَ مَحميّةٍ طبيعيّةٍ في العالَمِ، واستمتعَ بالسَّيْرِ في الممراتِ الجبليّةِ ومُشاهدةِ تدفُّقِ المياهِ، كَما شاهدَ العديدَ مِنْ أنواعِ الطيورِّ كالشُّنّارِ ومِنَ الحَيَواناتِ البرِّيّةِ كالوعلِ الجبليِّ. كانتَ هذهِ ِالتجرِبةُ رائعةً للتواصُلِ مَعَ الطبيعةِ ومُمارسةِ رياضةِ التسلُّقِ والمشيِ والسباحةِ، والاستمتاعِ بالهدوءِ والسكينةِ.

 

 

السببُ: تنوع الاشكال الأرضية والمسارات البرية والمشاهد الرائعة

النتيجةُ: أصبحتْ مَحميّةُ الموجِبِ مَقصدًا لعُشّاقِ المغامرةِ والتسلُّقِ.

 

 

 

 

المحطّةُ الرابِعةُ

وصلَ سامِرٌ إلى وادي ابنِ حمّاد، وهُوَ مكانٌ مِثاليٌّ لعُشّاقِ المغامراتِ ومُحبّي التسلُّقِ الجبليِّ والاستمتاعِ بالمناظرِ الطبيعيّةِ الخلّابةِ؛ إذْ يَحتوي على العديدِ مِنَ الحمّاماتِ المعدِنيّةِ العلاجيّةِ.

 

تحتوي المياه المعدنية على عناصر طبيعية تستخدم في العلاج الطبيعي ويتردد عليها طثير من المرضى.

 

  • أُبيِّنُ أهمِّيّةَ السياحةِ العلاجيّةِ في الأُردنِّ.

تعد السياحة العلاجية مصدر دخل هام للأردن، حيث يقصدها الزائرون من مختلف مناطق العالم

 

في طريقِ العودةِ، توجّهَ إلى مَنطِقةِ الأغوارِ الجنوبيّةِ لزيارةِ متحفِ النبيِّ لوط في غَوْرِ الصافي، وموقِعِ بابِ الذراعِ، ورُجمِ النميرةِ الذي يعودُ إلى فترةِ الأنباطِ.

 

 

  • أُوضِّحُ أهمِّيّةَ متحفِ النبيِّ لوط.

تنبع أهميته من كونه شاهدا على تاريخ المنطقة وباعتباره يحمل ميزة وجوده في اخفض منطقة في العالم.

 

وقبلَ أن يُتابِعَ طريقهِ بالعودةِ إلى عمّانَ عَنْ طريقِ البحرِ الميِّتِ. أثارَتْ انتباهَهُ مصانِعُ كبيرةٌ على الأطرافِ الجنوبيّةِ للبحرِ الميّتِ، وهِيَ مصانعُ شركةِ البوتاسِ العربيّةِ.

 

 

شركةُ البوتاسِ العربيّةُ

شركةٌ أُردنيّةٌ أُسِّستْ في عامِ 1956م، وتعملُ بصورةٍ أساسيّةٍ في التعدينِ، ولَها امتيازٌ لاستثمارِ أملاحِ البحرِ الميِّتِ ومعادنِهِ. وتُعدُّ ثامِنَ أكبرِ مُنتِجٍ للبوتاسِ في العالمِ مِنْ حيثُ حجمُ الإنتاجِ، وهُوَ المُنتِجُ العربيُّ الوحيدُ للبوتاسِ.

 

كانتْ رحلةُ سامِرٍ إلى محافظةِ الكركِ تجرِبةً مُمتعةً ومُثيرةً؛ إذْ اكتشفَ تاريخًا غنيًّا وثقافةً رائعةً، وعادَ إلى عمّانَ بذكرياتٍ جميلةٍ وإعجابٍ كبيرٍ بمعالِمِ محافظةِ الكركِ.