رِحلةٌ في محافظةِ جرَشَ
أتخيّلُ نَفسي هُناكَ
أتأمّلُ مَعَ سامِرٍ خريطةَ الأُردنِّ السياحيّةَ التي اختارَ مِنْها محافظةَ جرَشَ لتكونَ الوجهةَ التاليةَ لَهُ، وهِيَ إحدى محافظاتِ الشمالِ في المَملكةِ الأُردنيّةِ الهاشِميّةِ، وتمتازُ باعتدالِ مُناخِها وخُصوبةِ أرضِها، وتُحيطُ بِها المرتفعاتُ التي تَكسوها الغاباتُ الحَرجيّةُ.
في الصباحِ الباكرِ، استقلَّ سامِرٌ سيّارتَهُ مُصطحبًا شقيقتَهُ سَلْمى متوجِّهينَ إلى مدينةِ جرَشَ، وأخذَتْ سَلْمى مَعَها الخريطةَ السياحيّةَ لمدينةِ جرَشَ وكتابًا يتحدّثُ عَنْ تاريخِ المدينةِ، التي تُعدُّ مِنْ أهمِّ المُدُنِ الأُردنيّةِ التي تعاقبَتْ علَيْها عدِةُ حَضاراتٍ تعودُ إلى العصرَينِ البرونزيِّ والحديديِّ.
يعودُ تأسيسُ مدينةِ جرَشَ إلى عهدِ الإسكندرِ المقدونيِّ في القرنِ الرابعِ قبلَ الميلادِ؛ إذْ عُرِفتْ باسمِ (جراسا) وكانَتْ مِنَ المدنِ العشرِ (الديكابوليس)، وتُعدُّ مِنْ أكثرِ المواقِعِ الرومانيّةِ التي جرَتِ المُحافظةُ علَيْها في العالَمِ (خارِجِ روما) حتّى يومِنا هذا.
المحطّةُ الأُولى
وصلَ سامِرٌ وسَلْمى إلى قَوْسِ النصرِ الواقعِ في الجهةِ الجنوبيّةِ مِنَ المدينةِ، والذي يتكوّنُ مِنْ ثلاثةِ أقواسٍ. وتذكّرَتْ سَلْمى أنَّ هذا القوسَ أُقيمَ احتفاءً بزيارةِ الإمبراطورِ الرومانيِّ (هادريان) إلى المدينةِ في عامِ 129 ميلاديّة. ثُم َّوصلا إلى الساحةِ الرئيسةِ (ساحةِ الندوةِ)، وهِيَ ساحةٌ بيضاوِيّةٌ واسعةٌ تُحيطُ بِها الأعمدةُ، وتتَّسِمُ بتصميمِها المِعماريِّ الرومانيِّ، وتصطفُّ على أطرافِها الأعمدةُ الرومانيّةُ الكبيرةُ، وقدْ كانَتْ مكانًا لتجمُّعِ الزوّارِ وإقامةِ الأنشطةِ، ومقرًّا للسوقِ الرئيسِ للمدينةِ.
ثُمَّ سارا في شارعِ الأعمدةِ، وهُوَ الشارعُ الرئيسُ في مدينةِ جرَشَ الأثريّةِ. يمتدُّ مِنْ ساحةِ الندوةِ إلى البوّابةِ الشماليّةِ، ويصِلُ طولُهُ إلى كيلومترٍ واحِدٍ تقريبًا، ويُحيطُ بِهِ (71) عمودًا مِنَ الرخامِ. وتدلُّ هندسةُ هذا الشارعِ على التقدُّمِ المِعماريِّ في ذلِكَ العصرِ؛ إذْ توجدُ تحتَ أرصفةِ الشارعِ شبكةُ مياهٍ تمتدُّ على طولِهِ، وفي جوانبِهِ فَتْحاتٌ مُنظَّمةٌ لتصريفِ المياهِ.
المحطّةُ الثانِيةُ
وصلَ سامِرٌ وسَلْمى إلى المُدرَّجِ الجنوبيِّ الواقعِ إلى الغربِ مِنَ الساحةِ الرئيسةِ، ويتكوّنُ مِنْ طابِقَينِ و(32) صفًّا مِنَ المقاعدِ التي تتّخِذُ شكلًا نصفَ دائريٍّ وتتّسِعُ لأكثرَ مِنْ ثلاثةِ آلافِ شخصٍ. وهُوَ مُصمّمٌ كنظامٍ صوتيٍّ حديثٍ، يُتيحُ للمتحدِّثِ أيصالُ صوتِهِ بسهولةٍ إلى الحضورِ في المُدرّجِ.
السببُ: بسبب هندسة الصوت المتبعة في بناء المدرج |
النتيجةُ: يصِلُ صوتُ المُتحدِّثِ مِنَ المنصّةِ (الأوركسترا) إلى المُدرَّجِ؛ دونَ أنْ يُضطرَّ لرفعِ صوتِهِ. |
بعدَ ذلِكَ توجّها إلى معبَدِ (أرتيمس) الذي يُعدُّ واحدًا مِنْ أبرزِ المعالِمِ السياحيّةِ في جرَشَ، وهُوَ معبَدٌ مُخصّصٌ للآلهةِ المسؤولةِ عَنْ حِراسةِ المدينةِ، وفي داخلِهِ هيكلُ (أرتيمس) الذي تُحيطُ بِهِ باحاتٌ واسعةٌ تستقبِلُ الزوّارَ، وبوّاباتٌ تاريخيّةٌ تنقلُكَ إلى عصورٍ ماضيةٍ. يشمَلُ المعبَدُ أيضًا معابِدَ أُخرى ومقبرةً تاريخيّةً وحمّاماتٍ.
المحطّةُ الثالِثةُ
بعدَ استراحةٍ قصيرةٍ في أحدِ مطاعمِ مدينةِ جرَشَ التي تُشتهَرُ بالمأكولاتِ الأُردنيّةِ الشعبيّةِ، توجّهَ سامِرٌ وسَلْمى إلى مَحميّةِ غاباتِ دِبّين، التي تُشتهَرُ بغاباتِها الخضراءِ الجميلةِ، وهِيَ مكانٌ مثاليٌّ للنزهاتِ الطويلةِ والرِحلاتِ والاسترخاءِ وتأمُّلِ الحياةِ البرِّيّةِ، ومأوًى آمِنٌ للكائناتِ الحيّةِ النادرةِ والمُهدّدةِ بالانقراضِ كالسنجابِ الفارسيِّ.
تحتضِنُ مَحميّةُ غاباتِ دِبّين مجموعةً مُتنوِّعةً مِنَ الأشجارِ والنباتاتِ كالسروِ والصنوبَرِ والبلّوطِ، وتُعدُّ المَحميّةُ واجهةً مثاليّةً لمحبّي رياضةِ المشيِ لمَسافاتٍ طويلةٍ وركوبِ الدرّاجاتِ الجبليّةِ والاستمتاعِ بالطبيعةِ؛ إذْ تتوافرُ فيها مساراتٌ وممرّاتٌ مُعدّةٌ للزوّارِ، ما يُتيحُ لَهُم فُرصةَ استكشافِ الأشجارِ الضخمَةِ والأزهارِ البرِّيّةِ والحيواناتِ البرِّيّةِ المُتنوِّعةِ.
المحطّةُ الأخيرةُ
ثمَّ زارَ سامِرٌ وسَلْمى مًحميّةَ المَأْوى في مَنطِقةِ (سوف)، التي تُعدُّ الأولى مِنْ نوعِها في الأُردنِّ، وتعملُ هذِهِ المَحميّةُ على إنقاذِ الحَيَواناتِ البرِّيّةِ وحمايتِها، وإبعادِ مخاطرِ انقراضِ الأنواعِ المُهدّدةِ بالانقراضِ.
السببُ: لحماية الحيوانات وحمايتها من الاخطار والحروب |
النتيجةُ: إنشاءُ مَحميّةِ المَأْوى للطبيعةِ البرِّيّةِ في جرَشَ. |
وفي طريقِ عودتِهِم مرّا بالسوقِ التجاريِّ في مدينةِ جرشَ، الذي كانَ يعجُّ بالسيّاحِ المحلِّيّينَ والأجانبِ؛ إذْ يعتمِدُ اقتصادُ المدينةِ بصورةٍ كبيرةٍ على السياحةِ التي ازدهرَتْ لوجودِ الآثارِ الرومانيّةِ فيها.
السببُ: وجود العديد من المعالم السياحية التي تشكل منطقة جذب للزوار |
النتيجةُ: اعتمادُ اقتصادِ جرَشَ على السياحةِ. |
وبِهذا، اكتملَ اليومُ الذي قَضاه سامِرٌ وشقيقتُهُ سَلْمى في مدينةِ جرَشَ. لقَدْ استمتَعا بتجرِبةٍ فريدةٍ في هذِهِ المدينةِ التي تحمِلُ تاريخًا عريقًا، واتّفقا على زيارةِ المدينةِ مرّةً أُخرى لحضورِ فعاليّاتِ مَهرجانِ جرَش للثقافةِ والفنونِ الذي يُعقَدُ في شهرِ تمّوزَ مِنْ كلِّ عامٍ، والذي يشمَلُ عروضًا تُراثيّةً وثقافيّةً وفنِّيّةً تؤدّيها فِرَقُ محلِّيّةُ وعالمِيّةٌ، بالإضافةِ إلى المسرحيّاتِ وعروضِ (الأوبرا)، والأُمسياتِ الغنائيّةِ، ومعارِضِ المصنوعاتِ اليدويّةِ التقليديّةِ.
مَهرجانُ جرَش للثقافةِ والفنونِ: مهر فنِّيٌّ ثَقافيٌّ يُقامُ سنويًّا في مدينةِ جرَشَ مهرجان فني ثقافي يقام سنوياً في مدينة جرش الأثريّةِ. تأسّسَ في عامِ 1981م، ويُقدِّمُ عروضًا فولكلورية وأُمسياتٍ موسيقيّةً، ومَسرحيّاتٍ راقصةً، وأُمسياتٍ غِنائيّةً؛ تؤدّيها فِرَقٌ محلِّيّةٌ وعالميّةٌ. |
نشاطٌ
- ما سببُ وجودِ المسارِحِ في العصورِ التاريخيّةِ القديمةِ؟
- لعرض المسرحيات والقاء الشعر والخطابة.
- ما دلالةُ وجودِ تِقنيّاتِ الصوتِ في المُدرّجِ الرومانيِّ؟
- على التقدم العلمي لدى الحضارات السابقة
- ما دوري تُجاهَ المواقِعِ الأثريّةِ؟
- المحافظة عليها وحمايتها.
- أبحثُ في التصميمِ الفنِّيِّ لنظامِ الصوتِ في المُدرّجِ الرومانيِّ في جرَشَ.
- نظام هندسي يعتمد على التردد في ايصال الصوت لمختلف المناطق داخل المسرح