زيغريد هونكه
(1913-1999م)
"
أولًا: حياتُها ونشأتُها
وُلِدَتِ المُستَشرِقةُ زيغريد هونكه في مدينةِ "كيل" الألمانيةِ عامَ 1913م. درسَتْ علمَ أصولِ الأديانِ ومقارنتِها، والفلسفةَ، وعلمَ النفسِ، واللغةَ العربيةَ، وحصلَتْ على الدكتوراه عامَ 1941م، وكانَ عنوانُ رسالتِها (أثرُ الأدبِ العربيِّ في الآدابِ الأوروبيةِ).
سافرَتْ زيغريد إلى المملكةِ المغربيةِ بعدَ انتهاءِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ، وعاشَتْ في مدينةِ طنجة مدّةَ عامينِ درسَتْ خلالَهُما الأدبَ والتاريخَ العربيَّ في الأندلسِ، ثمَّ رجعَتْ إلى ألمانيا، وألَّفَتْ كُتُبَها المشهورةَ بإنصافِ العربِ والمسلمينَ وحضارتِهِما. تُوُفِّيَتْ في مدينةِ هامبورغ الألمانيةِ عامَ 1999م.
الاستشراقُ: اتجاهٌ وتخصّصٌ علميٌّ ظهرَ في الجامعاتِ الغربيةِ لدراسةِ الأُمَمِ الشرقيةِ، ولغاتِها، وتاريخِها، وحضارتِها، وعقائدِها الدينيةِ، ومُجمَلِ تراثِها. وقد أسهمَ المُستَشرِقونَ الغربيونَ في دراسةِ التراثِ العربيِّ الإسلاميِّ وتحقيقِهِ ونشرِهِ، وكانوا في دراساتِهِمْ منصفينَ أحيانًا، ومتحاملينَ أحيانًا أُخرى. |
المُستَشرِقُ: هوَ العالِمُ الغربيُّ المتخصّصُ في دراسةِ أُمّةٍ من الأُمَمِ الشرقيةِ أو أكثرَ، والإلمامِ بِلُغَتِها وتاريخِها وحضارتِها وتراثِها القوميِّ، ويُطْلَقُ عليهِ مُسمّى "مُستَعرِبٌ" إذا كانَ متخصّصًا في الدراساتِ العربيةِ. |
أتحقّقُ من تعلُّمي:
- ما المقصودُ بالاستشراقِ؟
اتجاهٌ وتخصّصٌ علميٌّ ظهرَ في الجامعاتِ الغربيةِ لدراسةِ الأُمَمِ الشرقيةِ، ولغاتِها، وتاريخِها، وحضارتِها، وعقائدِها الدينيةِ، ومُجمَلِ تراثِها.
وقد أسهمَ المُستَشرِقونَ الغربيونَ في دراسةِ التراثِ العربيِّ الإسلاميِّ وتحقيقِهِ ونشرِهِ، وكانوا في دراساتِهِمْ منصفينَ أحيانًا، ومتحاملينَ أحيانًا أُخرى.
- ما موضوعُ دراسةِ زيغريد هونكه في أطروحةِ الدكتوراه؟
أثرُ الأدبِ العربيِّ في الآدابِ الأوروبيةِ.
ثانيًا: أبرزُ مؤلَّفاتِها
1-شمسُ العرب تسطع على الغرب
صدرَ كتابُ "شمسُ العربِ تسطعُ على الغربِ" عامَ 1960م، وتُرْجِمَ إلى سبعَ عشرةَ لغةً.
وتذكرُ هونكه في هذا الكتابِ فضلَ العربِ على حضارةِ الغربِ، وبروزَ دورِهِمْ في تطويرِ صناعةِ الورقِ من الكتّانِ والقطنِ مستفيدينَ من التجرِبةِ الصينيةِ في هذا المجالِ، ودورَ الورقِ في نشرِ الكتابةِ والمؤلَّفاتِ.
وتبيّنُ دورَ العربِ في التجارةِ العالميةِ، وتبادلِ السِّلَعِ والنقودِ الذهبيةِ والفضيةِ العربيةِ التي أصبحَتِ العُملةَ الأساسيةَ لقرونٍ عديدةٍ في أنحاءِ العالمِ المُتحضِّرِ آنذاكَ.
وتذكرُ إسهامَ العربِ في علمِ الفَلَكِ، فَقَدْ وضعوا أسماءَ النجومِ والكواكبِ كلِّها عندَ ترجمتِهِمْ أعمالَ كبارِ الفَلَكيّينَ اليونانيينَ والبطالمةِ، وتقدّرُ هونكه إنشاءَ العربِ المراصدَ الفَلَكيةَ لرصدِ النجومِ والكواكبِ.
وتصفُ هونكه الطبيبَ الرازيَّ المُتَوَفّى عامَ 923م بأنَّهُ أحدُ أعظمِ أطبّاءِ الإنسانيةِ إبداعًا، وأنَّهُ خَلَّفَ تراثًا علميًّا كبيرًا، وترجماتٍ ومخطوطاتٍ تبحثُ في الفلسفةِ وعلومِ الدينِ والفيزياءِ والرياضياتِ.
وتُشيرُ هونكه إلى براعةِ العربِ والمسلمينَ في بناءِ المستشفياتِ، وإدارتِها، في الوقتِ الذي كانَتْ فيهِ أوروبا لا تعرفُها. وتذكرُ إنجازاتِ العربِ في علمِ الرياضياتِ، وانتقالَ الأرقامِ العربيةِ بما فيها الصفرُ إلى الغربِ، وإسهامَها في تطويرِ العلومِ والرياضياتِ والاقتصادِ فيهِ.
أبو بكرٍ الرازيُّ: أبو بكرٍ محمدُ بنُ يحيى الرازيُّ ( 250 - 311ﻫ ) (864 – 923م )، طبيبٌ، وكيميائيٌّ، وفيلسوفٌ، ورياضيٌّ. وصفَتْهُ زيغريد هونكه بأنَّهُ أعظمُ أطبّاءِ الإنسانيةِ على الإطلاقِ، وهوَ صاحبُ كتابِ "الحاوي في الطّبِّ" الذي ظلَّ مرجعًا طبّيًّا رئيسًا في أوروبا لمدةِ 400 عامٍ.
|
2- الإبل على بلاط قيصر
يتحدثُ هذا الكتابُ عن علاقةِ العربِ بالألمانِ، فقد كانَتْ تلكَ العلاقاتُ منذُ بداياتِها الأولى ذاتَ طبيعةٍ خاصةٍ، فهناكَ نوعٌ معيّنٌ من التعاطفِ يميّزُ تلكَ العلاقةَ إلى حدِّ أنَّها لَمْ تتحوّلْ إلى علاقةٍ عدائيةٍ حتى في أثناءِ الحروبِ الفرنجيةِ، بَلْ إنَّها كثيرًا ما كانَتْ تَتَّسِمُ بالوُدِّ، وتعودُ تلكَ العلاقةُ الخاصةُ إلى نوعِ التشابهِ في شخصيةِ كُلٍّ من الأمّتينِ العربيةِ والألمانيةِ وفلسفتِهِما في نظرِها، وهوَ موضوعٌ أثارَ اهتمامَ الباحثينَ منذُ وقتٍ بعيدٍ.
3- التوجه الأوروبي إلى العرب والإسلام
حاولَتِ زيغريد هونكه في هذا الكتابِ أن تبيّنَ حقيقةَ الإسلامِ بعيدًا عن التشويهِ الذي سيطرَ على الفكرِ الأوروبيِّ، ونظرتِهِ إلى العربِ والإسلامِ، ونشأَتْ لديهِ معتقداتٌ غَذَّتْها مناهجُ التعليمِ الأوروبيةُ في عقولِ الناشئةِ الأوروبيةِ، وشحنَتْ عقلَ الطالبِ الغربيِّ بكلِّ ما هوَ مُسيءٌ للإسلامِ، فقد أصبحَتِ المغالطاتُ مسلَّماتٍ، والافتراءاتُ وقائعَ، والأكاذيبُ حقائقَ لديهِمْ.
وقد نالَتْ هونكه عددًا من الأوسمةِ التكريميةِ؛ تقديرًا لجهودِها في الدفاعِ عن القضايا الإسلاميةِ، وكرّمَها الملكُ الحسينُ بنُ طلالٍ في إحدى زياراتِهِ لألمانيا عامَ 1964م.
أتحقّقُ من تعلُّمي:
- متى نشطَتِ الكتابةُ والتأليفُ عندَ العربِ كما ذكرَتْ زيغريد هونكه في كتابِها "شمسُ العربِ تسطعُ على الغربِ"؟
تذكرُ إسهامَ العربِ في علمِ الفَلَكِ، فَقَدْ وضعوا أسماءَ النجومِ والكواكبِ كلِّها عندَ ترجمتِهِمْ أعمالَ كبارِ الفَلَكيّينَ اليونانيينَ والبطالمةِ، وتقدّرُ هونكه إنشاءَ العربِ المراصدَ الفَلَكيةَ لرصدِ النجومِ والكواكبِ.
وتصفُ هونكه الطبيبَ الرازيَّ المُتَوَفّى عامَ 923م بأنَّهُ أحدُ أعظمِ أطبّاءِ الإنسانيةِ إبداعًا، وأنَّهُ خَلَّفَ تراثًا علميًّا كبيرًا، وترجماتٍ ومخطوطاتٍ تبحثُ في الفلسفةِ وعلومِ الدينِ والفيزياءِ والرياضياتِ.
وتُشيرُ هونكه إلى براعةِ العربِ والمسلمينَ في بناءِ المستشفياتِ، وإدارتِها، في الوقتِ الذي كانَتْ فيهِ أوروبا لا تعرفُها. وتذكرُ إنجازاتِ العربِ في علمِ الرياضياتِ، وانتقالَ الأرقامِ العربيةِ بما فيها الصفرُ إلى الغربِ، وإسهامَها في تطويرِ العلومِ والرياضياتِ والاقتصادِ فيهِ.
- ما سببُ علاقةِ التعاطفِ الألمانيِّ تُجاهَ العربِ من وجهةِ نظرِ زيغريد هونكه؟
نوعِ التشابهِ في شخصيةِ كُلٍّ من الأمّتينِ العربيةِ والألمانيةِ وفلسفتِهِما في نظرِها.
*السبب والنتيجة:
السببُ: مناهجُ التعليمِ الأوروبيةُ التي غذتهافي عقولِ الناشئةِ الأوروبيةِ، وشحنَتْ عقلَ الطالبِ الغربيِّ بكلِّ ما هوَ مُسيءٌ للإسلامِ، |
النتيجةُ: انتشارُ المغالَطاتِ والأكاذيبِ حولَ الإسلامِ في الغربِ |
ثالثًا: من أقوالِها
- "﴿لَاۤ إِكۡرَاهَ فِی ٱلدِّینِۖ ﴾، تلكَ هيَ آيةٌ منَ القرآنِ الكريمِ المُلزِمةِ، فلَمْ يَكُنِ الهدفُ أو المغزى للفتوحاتِ العربيةِ فرضَ الدينِ الإسلاميِّ، وإنَّما بسطُ سلطانِ اللهِ في أرضِهِ".
- وتقولُ: "إنَّ الإسلامَ أعظمُ ديانةٍ على ظهرِ الأرضِ سماحةً وإنصافًا، نقولُها بلا تحيّزٍ ودونَ أنْ نسمحَ للأحكامِ الظالمةِ أنْ تُلَطِّخَهُ بالسوادِ. وإذا ما نَحَّيْنا هذهِ المغالَطاتِ التاريخيةَ الآثمةَ في حقّهِ والجهلَ البَحْتَ بِهِ، فإنَّ علينا أنْ نتقبّلَ هذا الشريكَ والصديقَ مَعَ ضمانِ حقِّهِ في أن يكونَ كما هوَ".
- وتقولُ: "لَمْ يعملِ العربُ على إنقاذِ تراثِ اليونانِ من الضياعِ والنسيانِ فقطْ، وهوَ الفضلُ الوحيدُ الذي جَرَتِ العادةُ على الاعترافِ بِهِ لَهُمْ حتى الآنَ، ولَمْ يقوموا بمجرَّدِ عرضِهِ وتنظيمِهِ وتزويدِهِ بالمعارفِ الخاصةِ، ومن ثَمَّ إيصالِهِ إلى أوروبا، بحيثِ إنَّ عددًا لا يُحصى من الكتبِ التعليميةِ العربيةِ حتى القرنينِ السادسَ عشرَ والسابعَ عشرَ قدّمَتْ للجامعاتِ الأوروبيةِ أفضلَ مادةٍ معرفيةٍ، فقد كانوا -وهذا أمرٌ قَلَّما يخطرُ على بالِ الأوربيينَ- المؤسِّسينَ لعلومِ الكيمياءِ، والفيزياءِ التطبيقيةِ، والجَبْرِ والحسابِ بالمفهومِ المعاصرِ، وعلمِ المثلثاتِ الكُرَوِيِّ، وعلمِ طبقاتِ الأرضِ، وعلمِ الاجتماعِ، وعلمِ الكلامِ".