الآيات الكريمة
قال الله تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33))
معاني المفردات والتراكيب:
- وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ: كناية عن البخل.
- وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ: كناية عن الإسراف.
- مَحْسُورًا: نادماً.
- وَيَقْدِرُ : يضيّق الرزق.
- إِمْلَاقٍ: فقر.
تفسير الآيات الكريمة:
جاءت الآيات الكريمة تحوي مجموعتين من التوجيهات: اقتصادية مالية، واجتماعية.
أولاً: التّوجيهات الاقتصادية المالية:
- هدف التّوجيهات الاقتصادية المالية: وضع قواعد ومبادئ تكفل التوازن والاعتدال في الإنفاق.
- من هذه التّوجيهات:
- الأمر بالاعتدال في الإنفاق، على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع؛ لما له من دور إيجابي في الاقتصاد والمحافظة على دخل الفرد ومقدّرات البلاد وثرواتها.
- النّهي عن البخل والإسراف.
- شبّه الله تعالى البخيل بمن يربط يده إلى عنقه.
- كما شبّه المسرف بالذي يبسط يده لينفق جميع ما فيها.
- بيّن أنّ البخل والإسراف لا يأتيان بخير، بل يكون صاحبهما مذموماً عند الله تعالى وعند الناس، متحسّرًا نادمًا على ما فعل.
- الرّزق بيد الله تعالى، يسعى الإنسان إلى تحصيله بالكسب والعمل، والله تعالى يوسّع على من يشاء ويضيّق على من يشاء وفق حكمته وإرادته، قال الله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ).
ثانيًا: التوجيهات الاجتماعية
اشتملت الآيات الكريمة على توجيهات مهمة، من شأنها حفظ المجتمع من كل أسباب الرذيلة والفساد، وهي:
- حرمة النّفس البشرية:
- أوجب الله تعالى المحافظة على النّفس الإنسانية وكرّمها.
- وحرّم الاعتداء عليها بأي صورة من الصُّوَر.
- وعدّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك من المهلكات.
- فحرّم الاعتداء على النّفس البشرية بالقتل، أيّا كان لونها أو جنسها أو عرقها أو دينها.
- وجّهت الآيات وليّ من قُتِل ظلماً إلى عدم التَّعدّي لأجل أخذ حقّه، مثل ما يقع في قضايا الثّأر.
- فقد حفظ الله تعالى لولي المقتول حقّه بـ :
- القصاص من القاتل.
- أو أخذ الدِّية.
- أو العفو عنه.
- بشرط أن يكون تنفيذ ذلك في يد الحاكم أو من يوليه الحاكم كالقضاة.
- وفي قول الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) تحذير من فعل أهل الجاهلية قبل الإسلام؛ حيث كانوا يقتلون أولادهم مخافة الفقر، ودعت المسلمين إلى العناية بأبنائهم، والسعي في تحصيل رزقهم، والإنفاق عليهم.
- الدعوة إلى العفّة:
- دعا الإسلام إلى العفّة وحفظ الأعراض.
- حرّم الزّنا، وجعله من أقبح الأعمال التي لا تليق بالإنسان، (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، لما له من آثار سلبية على الفرد والمجتمع.
- فهو سبب رئيس في:
- هدم المجتمعات.
- وتفكيك الأسر.
- واختلاط الأنساب.
- وانتشار الفساد والأمراض الفتّاكة.
- وتعجيل العقوبة من الله تعالى.
- جاء التعبير القرآني بقوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا) تأكيداً على شدّة حرمته، وضرورة الابتعاد عن كلّ ما يؤدّي إليه من خلوة ونظر محرّم.
القيم المستفادة من الآيات الكريمة
- أُنفق ما معي من مال باعتدال.
- لا أعتدي على الآخرين ولا أهضم حقوقهم.
- أحفظ نظري عن كلّ ما حرّم الله تعالى.